توقيت القاهرة المحلي 07:22:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تصعيد غزة غير جديد

  مصر اليوم -

تصعيد غزة غير جديد

بقلم: بكر عويضة

تحاول أن تعطي صوتها نبرة صوت طبيعي، قدر المُستطاع، قالت إنهم «اعتادوا الأمر»، ومن ثمّ فلا جديد أن يصحوَ قطاع غزة، أو يبيتَ، على وقع صواريخ إسرائيل وقذائفها تنهال من كل الجهات الأربع. «عادي»، قالتها مصحوبة بزفرة غضب مكظوم لكنه اخترق سمعي بوضوح، ثم فوجئت بها تقترح أن أسمع، عبر الهاتف، دوي صاروخ ينطلق، وسارعت توضح أنها ليست متأكدة هل هو إسرائيلي أم حمساوي، وختمت أن «الناس هنا اعتادت التعايش مع صعوبات الحصار، وإغلاق المعابر، لكنها تتوقع الأسوأ باستمرار». كانت السيدة تجيب عن تساؤلات لي تضمنها اتصال اطمئنان وتهنئة بحلول شهر رمضان ظهر الأحد الماضي.
منذ مساء الجمعة السابعة والخمسين لما صار يحمل اسم «مسيرات العودة»، بدا واضحاً أن حكومة تل أبيب، وسلطة حركة «حماس»، اتخذتا قرار إعادة تفعيل عبارة «رجعت حليمة لعادتها القديمة»، الدارجة على ألسنة الناس في أنحاء كثيرة من العالم العربي، تعبيراً عن ملل إزاء تكرار حالة ما، أو الشعور بالإحباط أمام إصرار فرد، أو جهة، أو دولة، على العودة إلى سلوك ما، بصرف النظر عن الرأي فيه، أخطأ هو أم صواب.
إنما، هل الأمر حقاً بهذا التبسيط؟ بالتأكيد كلا. نعم، صحيح أنه ليس جديداً أن تقصف إسرائيل قطاع غزة بحمم صواريخ وقذائف تدك شاهق البنايات، وتفتك بالناس، رداً على صواريخ فلسطينية بالكاد تحدث أضراراً طفيفة. وما هو بجديد أيضاً تبادل توجيه أصابع الاتهام حول مَن الطرف البادئ بالتصعيد، بين كل من تل أبيب وحكومة «حماس» - تماماً مثلما يجيد معظم قياداتها، داخل القطاع وخارجه، تبادل اللوم مع أغلب قيادات حركة «فتح» حول من بينهما المسؤول عن فشل لَمّ شمل الصف الفلسطيني.
حقاً، كل هذا قديم، مكرر، يستنسخ بعضه بعضاً، لكن التوقيت يظل لافتاً، وليس من الصعب الربط بين بضع حلقات بغية التوصل إلى استنتاج. بدءاً، هناك أولاً إعلان جاريد كوشنر، المكلف من الرئيس دونالد ترمب ملفَ ما يُسمى «صفقة القرن»، نيّة الكشف، عقب انتهاء شهر رمضان، عن تفاصيل صفقة كثُر اللغط بشأنها، منذ بدء الحديث عنها. هل يمكن الافتراض أن قراراً بتجريب التسخين على الأرض جرى اتخاذه، بغرض تحضير الرأي العام الفلسطيني لتفاصيل صادمة؟ قبل مسارعة البعض إلى القول إن افتراضاً كهذا هو نوع من الغرق في نظريات «المؤامرة»، يمكن الدفع بالمحاججة أن ما من عيب يعتري تجريب أي إجراء قبل المباشرة في التطبيق. في هذا السياق، يمكن الإضافة أن إطلاق أكثر من مائتي صاروخ من القطاع صوب قرى إسرائيل الحدودية عشية مرور سبع وخمسين جمعة على بدء «مسيرات عودة» كان يُفترض فيها أن تظل سلمية، حتى تحقق على الأقل هدف إحراج ساسة إسرائيل في المحافل الدولية، ليس يُعقل أنه مجرد صدفة، خصوصاً إذا أخِذ بالاعتبار الكلام المتردد بشأن إلغاء أي كلام عن حق العودة في تفاصيل «صفقة القرن» المُزمع الكشف عنها بالتزامن مع ذكرى حرب 1967، فهل هي مجرد صدفة؟
هناك، ثانياً، توافق التصعيد من جانب الطرفين؛ «حماس» ونتنياهو، مع بدء ما صار يُسمى في مختلف منصات الإعلام «تصفير» صادرات إيران النفطية. لستُ هنا بصدد الشطح على نحو يذهب إليه البعض في الزعم أن الحكم في عاصمة عربية محددة يبتز حركة «حماس» مالياً بغرض تحقيق مآرب لإيران، من جهة، وبما يبرر لإسرائيل، من جهة ثانية، أي تصرف استيطاني، أو توسعي، كما في ضم مرتفعات الجولان، مثلاً. الواقع أن هذا التصور موجود لدى أناس يدافعون عنه بحماسة، ويستشهدون باستضافة تلك العاصمة قيادات حمساوية، وبتحالفها السياسي مع طهران، لكنه مع ذلك يظل أقرب، بالفعل، إلى نظريات «المؤامرة» وأوهامها التي تفوق الخيال، أحياناً.
ثالثاً، هناك حقيقة أن التيارات المتعارضة تتبادل تقديم الخدمات في الواقع السياسي، خلافاً لما يظهر على السطح من تصادم فيما بينها. حركات وأحزاب وجماعات اليمين المتطرف، في العالم كله، تفعل هذا بوضوح، وكذلك تُقدم عليه تكتلات اليسار السياسي أيضاً. ما الغرابة، إذن، إذا قيل إن في ممارسات حركة «حماس» وكذلك «الجهاد الإسلامي»، وفي تحالفات الحركتين، ما يصب في مجرى سياسات بنيامين نتنياهو، وطموحاته التوسعية غير الخافية على أحد؟ ليس من غرابة. يبقى أن قدر الفلسطينيين عموماً هو أن يدفعوا ثمن مواقف زعاماتهم. ذلك هَمٌ ثابت تاريخياً، والعودة إليه ممكنة دائماً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تصعيد غزة غير جديد تصعيد غزة غير جديد



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان
  مصر اليوم - مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon