توقيت القاهرة المحلي 08:51:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يأتيك روبوت بالأخبار

  مصر اليوم -

يأتيك روبوت بالأخبار

بقلم: بكر عويضة

في الموجز أن الخبر ليس جديداً، وأما العنوان فليس دقيقاً. وفي التفاصيل أن إعجاز غزو جهاز آلي (روبوت) لاستديو الأخبار في التلفزيون، وقراءة النشرة للجمهور، حدث وقع منذ زمن، إذ بدأ في اليابان مطالع العام الماضي، ثم وصل مذيع الصين الآلي أواخر 2018. أما أحدث اللاحقين بالصرعة، وبالتأكيد ليس آخرهم، فهو «روبوت» روسي يُدعى «أليكس» فوجئ المشاهدون به يقدم نشرة أخبار على شاشة قناة «روسيا 24» في التاسع عشر من الشهر الحالي، فبدا كأنه بشر من عظم يكسوه لحم، ويجري في الشرايين منه الدم. كلا، ليس تماماً. كان الوجه جامداً، والابتسامة تقول صراحة إنها مصطنعة، يضاف إلى ذلك أن «أليكس» لم يأتِ بأي خبر، إنما تمتم ما لُقِن، وهذا يشرح غياب دقة العنوان أعلاه، المقتبس من صيحة شهيرة أطلقها الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد منذ قرون خلت، لكنها تفصح، في أيامنا هذه، بشكل ما، عن كثير مما يدور حولنا، ويحار أغلبنا في فهمه:

ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً ويأتيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تزوِّدِ
ويأتيكَ بالأنباء من لم تَبعْ له بَتاتاً ولم تَضْربْ له وقتَ مَوْعدِ
أثَمَّ مبرر أوجب استحضار قصة المذيع الآلي «أليكس»، وإيقاظها من نوم عميق؟ نعم. أليس يوصف هذا النهار - أول مايو (أيار) في معظم دول العالم، بيوم العمال؟ بلى. حسناً، تلك في حد ذاتها مناسبة للتذكير بزحف خطر «الروبوت» الساعي للاستيلاء على أدوار مذيعات ومذيعي التلفزيونات والراديو، ليس في قراءة الأخبار فحسب، بل تحرير نصوصها كذلك، واختيار العناوين المناسبة لها، وترتيب أولوياتها في النشرة، يضاف إلى هذا كله ما يتردد عن تدريب «أليكس»، إلى جانب زملاء له وزميلات، على إجراء الحوارات، ومحاججة كبار المسؤولين، ومشاهير الفنانين، بأسئلة من العيار الثقيل، ولكم، ولكن، في مهارات حسناء آلية تُدعى «صوفيا»، وأُخرى اسمها «أليكسا»، وثالث يحمل اسم «فورهات»، خير مثال يحذر من استفحال خطر «الروبوت» الزاحف في كل اتجاه، تقريباً. تُرى، هل وصلت الرسالة؟
الخطر المقصود هنا هو تزايد احتمالات الاستعانة بأشكال «روبوت» مختلفة في مجالات عدة، كي تؤدي وظائف يُفترض أنها مهمات يقوم بها البشر تجاه بعضهم البعض. بمعنى أكثر تفصيلاً، ليس في تركيب «إنسان آلي» ما يوجب الاعتراض على منطق تقدم مسيرة الإنسان - الذي كُرِّم بالعقل ممن خلق فسوّى - في مجالات العلوم كافة. بل على النقيض من ذلك، الأحرى أن يقابل هذا التقدم بالترحيب، خصوصاً إذا أمكن للبشر الإفادة من إمكانات أي «روبوت» يُطرح في الأسواق، لجهة تقديم العون بغير ميدان، مثل الاستماع لمشكلات تواجه بعض الناس، واقتراح حلول لها في غير مجال، ومنها الطب، وعلم النفس، أو المساعدة بتسريع إجراءات السفر في مطارات وموانئ، كما يفعل «فورهات»، مثلاً. رغم ما سبق، مفهوم أن يرافق الحذر ترحيبَ الإنسان بالمنافس الآلي. وهو حذر يقوم على أكثر من سبب. من ذلك أن خطر استيلاء «الروبوت» على وظائف البشر يتمدد سريعاً في حقول عدة، من بينها حقل تصنيع «الإنسان الآلي» ذاته. خذ، مثلاً، كشفت مجموعة «ABB»، السويسرية عن وجود برامج لديها لإنشاء مصنع في شنغهاي تعمل فيه مخلوقات آلية، مهمتها إنتاج ما يماثلها. السبب؟ لأن التكلفة أقل كثيراً عندما تُقاس بارتفاع أجور العمالة البشرية. من الطبيعي أن يثير هكذا توجه قلق شرائح كثيرة بين الناس، خصوصاً العمال، في مختلف أنحاء العالم. فحتى وقت قريب، بدا أن «الروبوت» خطر يتمدد في مواقع عمل ذوي الياقات البيضاء، أو الزرقاء، ليس مهماً اللون، المهم أن الخطر موجه نحو وظائف العاملين، والعاملات، في مكاتب كبريات المصارف، أو شركات الطيران، أو غيرها من المؤسسات، بما فيها تلك السابحة في فضاءات الإعلام باختلاف وسائلها. إزاء تسارع وتيرة التقدم التقني، على صعيد عالمي، واضح أن الخطر لم يعد مقتصراً ضمن نطاق محدد، بل الأرجح أنه أضحى قريباً من كل قطاع يمكنه الوصول إليه.
يذكرني يوم العمال العالمي، كما غيري من أترابي، بالشعار القديم: «يا عمال العالم اتحدوا». تُرى، هل بات منطق حتمية التغيير يوجب إعادة التفكير على نحو أن يا معاشر العمال انتبهوا: «الروبوت» في الطريق إليكم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يأتيك روبوت بالأخبار يأتيك روبوت بالأخبار



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 06:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon