توقيت القاهرة المحلي 07:22:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يأتيك روبوت بالأخبار

  مصر اليوم -

يأتيك روبوت بالأخبار

بقلم: بكر عويضة

في الموجز أن الخبر ليس جديداً، وأما العنوان فليس دقيقاً. وفي التفاصيل أن إعجاز غزو جهاز آلي (روبوت) لاستديو الأخبار في التلفزيون، وقراءة النشرة للجمهور، حدث وقع منذ زمن، إذ بدأ في اليابان مطالع العام الماضي، ثم وصل مذيع الصين الآلي أواخر 2018. أما أحدث اللاحقين بالصرعة، وبالتأكيد ليس آخرهم، فهو «روبوت» روسي يُدعى «أليكس» فوجئ المشاهدون به يقدم نشرة أخبار على شاشة قناة «روسيا 24» في التاسع عشر من الشهر الحالي، فبدا كأنه بشر من عظم يكسوه لحم، ويجري في الشرايين منه الدم. كلا، ليس تماماً. كان الوجه جامداً، والابتسامة تقول صراحة إنها مصطنعة، يضاف إلى ذلك أن «أليكس» لم يأتِ بأي خبر، إنما تمتم ما لُقِن، وهذا يشرح غياب دقة العنوان أعلاه، المقتبس من صيحة شهيرة أطلقها الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد منذ قرون خلت، لكنها تفصح، في أيامنا هذه، بشكل ما، عن كثير مما يدور حولنا، ويحار أغلبنا في فهمه:

ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً ويأتيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تزوِّدِ
ويأتيكَ بالأنباء من لم تَبعْ له بَتاتاً ولم تَضْربْ له وقتَ مَوْعدِ
أثَمَّ مبرر أوجب استحضار قصة المذيع الآلي «أليكس»، وإيقاظها من نوم عميق؟ نعم. أليس يوصف هذا النهار - أول مايو (أيار) في معظم دول العالم، بيوم العمال؟ بلى. حسناً، تلك في حد ذاتها مناسبة للتذكير بزحف خطر «الروبوت» الساعي للاستيلاء على أدوار مذيعات ومذيعي التلفزيونات والراديو، ليس في قراءة الأخبار فحسب، بل تحرير نصوصها كذلك، واختيار العناوين المناسبة لها، وترتيب أولوياتها في النشرة، يضاف إلى هذا كله ما يتردد عن تدريب «أليكس»، إلى جانب زملاء له وزميلات، على إجراء الحوارات، ومحاججة كبار المسؤولين، ومشاهير الفنانين، بأسئلة من العيار الثقيل، ولكم، ولكن، في مهارات حسناء آلية تُدعى «صوفيا»، وأُخرى اسمها «أليكسا»، وثالث يحمل اسم «فورهات»، خير مثال يحذر من استفحال خطر «الروبوت» الزاحف في كل اتجاه، تقريباً. تُرى، هل وصلت الرسالة؟
الخطر المقصود هنا هو تزايد احتمالات الاستعانة بأشكال «روبوت» مختلفة في مجالات عدة، كي تؤدي وظائف يُفترض أنها مهمات يقوم بها البشر تجاه بعضهم البعض. بمعنى أكثر تفصيلاً، ليس في تركيب «إنسان آلي» ما يوجب الاعتراض على منطق تقدم مسيرة الإنسان - الذي كُرِّم بالعقل ممن خلق فسوّى - في مجالات العلوم كافة. بل على النقيض من ذلك، الأحرى أن يقابل هذا التقدم بالترحيب، خصوصاً إذا أمكن للبشر الإفادة من إمكانات أي «روبوت» يُطرح في الأسواق، لجهة تقديم العون بغير ميدان، مثل الاستماع لمشكلات تواجه بعض الناس، واقتراح حلول لها في غير مجال، ومنها الطب، وعلم النفس، أو المساعدة بتسريع إجراءات السفر في مطارات وموانئ، كما يفعل «فورهات»، مثلاً. رغم ما سبق، مفهوم أن يرافق الحذر ترحيبَ الإنسان بالمنافس الآلي. وهو حذر يقوم على أكثر من سبب. من ذلك أن خطر استيلاء «الروبوت» على وظائف البشر يتمدد سريعاً في حقول عدة، من بينها حقل تصنيع «الإنسان الآلي» ذاته. خذ، مثلاً، كشفت مجموعة «ABB»، السويسرية عن وجود برامج لديها لإنشاء مصنع في شنغهاي تعمل فيه مخلوقات آلية، مهمتها إنتاج ما يماثلها. السبب؟ لأن التكلفة أقل كثيراً عندما تُقاس بارتفاع أجور العمالة البشرية. من الطبيعي أن يثير هكذا توجه قلق شرائح كثيرة بين الناس، خصوصاً العمال، في مختلف أنحاء العالم. فحتى وقت قريب، بدا أن «الروبوت» خطر يتمدد في مواقع عمل ذوي الياقات البيضاء، أو الزرقاء، ليس مهماً اللون، المهم أن الخطر موجه نحو وظائف العاملين، والعاملات، في مكاتب كبريات المصارف، أو شركات الطيران، أو غيرها من المؤسسات، بما فيها تلك السابحة في فضاءات الإعلام باختلاف وسائلها. إزاء تسارع وتيرة التقدم التقني، على صعيد عالمي، واضح أن الخطر لم يعد مقتصراً ضمن نطاق محدد، بل الأرجح أنه أضحى قريباً من كل قطاع يمكنه الوصول إليه.
يذكرني يوم العمال العالمي، كما غيري من أترابي، بالشعار القديم: «يا عمال العالم اتحدوا». تُرى، هل بات منطق حتمية التغيير يوجب إعادة التفكير على نحو أن يا معاشر العمال انتبهوا: «الروبوت» في الطريق إليكم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يأتيك روبوت بالأخبار يأتيك روبوت بالأخبار



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان
  مصر اليوم - مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon