توقيت القاهرة المحلي 02:56:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجامعة ضرورة عربية

  مصر اليوم -

الجامعة ضرورة عربية

بقلم - بكر عويضة

ليس خطأ جامعة الدول العربية، ولا هي خطيئتها، أن الدول العربية التي تأسست كي تجمع بينها، تتفرق توجهاتها على الصعيد الدولي، فيقع تضارب يضر بمصالح أمتها، عِوض أن تجتمع سياساتها إزاء كبريات المصائب التي تُلم بشعوبها، ويصبح من الصعب، وأحياناً من المستحيل، تقريباً، أن تتفق على الحد الأدنى من أساليب التعامل مع ما يفاجئها من المُلمات؛ خصوصاً حين تكون المفاجأة بحجم كارثي، يضع أمة العرب جميعاً أمام مفترق دروب يحتم عليها اختيار أنسب الطرق، بغرض تجنب ضياع ما تبقى، ولو القليل من الأمل، في ألا يذهب الذي تحقق من قبل هباءً تذروه رياح أطماع الآخرين بثروات عدة تختبئ تحت تراب أرض العالم العربي، وفي أعماق بحاره، وعلى امتداد صحاريه.
هل مِن مِثال يرجع إلى أمس غير بعيد، يُذكِّر بمثل هكذا افتراق كاد يودي بالعرب إلى مهاوي الانتحار الذاتي؟ نعم، يكفي استحضار الخلاف العربي قبل ثلاثة عقود وعامين، بشأن كيفية الرد على اجتياح الرئيس العراقي صدام حسين ديار جاره الكويتي، وتشتيت شمل أهله، والتسبب فيما كاد يمزق أوطان الشعوب العربية إرباً.
إنما، قبل «أم معارك» صدام حسين، وما وقع بفعلها من تمزق مفجع في نسيج التضامن العربي، كان السبق في تصارع المواقف العربية يدور دائماً حول اختلاف مناهج التعامل مع «قضية العرب الأولى». نعم، وقع توافق في المواقف من خلال بيانات القمم العربية، ونعم حصل نوع من التلاقي بين الحكومات العربية، حين صدرت عن أكثر من قمة مبادرات تقترح خطة سلام عربية، تقوم على أساس ضمان حقوق الفلسطينيين، وإرساء أسس السلام العادل مع العرب أجمعين؛ غير أن تلك الخطط ظلت تراوح في مكانها، عاجزة عن تحقيق أي تقدم، لسبب شديد الوضوح، هو استمراء إسرائيل سياسات شطط العناد المتعجرف، ثم بفعل غياب التوافق العربي بشأن كيفية الرد على صلف ساسة تل أبيب.
من نكبة فلسطين، إلى ما تبعها من نكبات عربية، ظل شبح صراع المواقف العربية يلقي بالظلال على إمكانية أن تؤدي جامعة الدول العربية الدور الفاعل في لمّ الشمل العربي. لكن ذلك لم يحُل دون محاولات جادة بادر إلى اتخاذها الأمناء العامون للجامعة، عبر سنواتها السبع والسبعين، منذ إعلان تأسيسها في مثل يوم أمس من عام 1945.
يمكن الرجوع إلى وثائق وملفات أرشيف الجامعة، للوقوف على أكثر من موقف جريء أقدم على اتخاذه الأمين العام للجامعة في أحداث عدة. ليس من المناسب -وفق تقديري- ذكر أسماء بعينها هنا، ولا الإسهاب في الحديث عن ظروف اتخاذ تلك المواقف غير العادية، إنما بوسع كل دارس وباحث أن ينقب بين أوراق مؤسسات ومراكز أبحاث عربية، ودولية، وليس الجامعة وحدها، كي يقف بنفسه على خلفيات مواقف حرجة واجهها عدد من الأمناء العامين لجامعة الدول العربية، وتعرضوا بسببها لكثير من النقد اللاذع، وربما التجني.
كم هو مؤلم، حقاً، أن أكثر من قلم عربي جُرِّد من غمده، كما السيف، في غير مناسبة، كي يُشهر في توجيه النقد إلى جامعة الدول العربية، ثم طفق بتجرد تام من كل إنصاف موضوعي، يطلق السهام فيحمّل الجامعة ذاتها أوزار كل ما جرى للعالم العربي من ويلات، خلال سبعة عقود، سواء تلك الآتية من وراء البحار والمحيطات، أو التي جرت بأيدٍ عربية أباً عن جد. هكذا نقد ليس مجرد تجنٍّ؛ بل هو اجتراء على الحق والحقيقة.
يعرف الداني من موقع اتخاذ القرار الرسمي، كما القاصي، أن وضع جامعة الدول العربية هو انعكاس لأوضاع عالمها العربي. فأين العجب إذا تجلى العجز عن أداء دورها بالمستوى الممتاز المأمول، كما تسطع شمس الصحراء في منتصف النهار؟ ليس من عجب.
يبقى القول إن جامعة الدول العربية، رغم كل الإحباطات، تظل ضرورة لجمع العرب، ولو ضمن الحد الأدنى، ويستحق العاملون فيها، بكل مستوياتهم، التحية والشد على أياديهم، ليس في ذكرى ميلادها فحسب؛ بل في كل وقت.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجامعة ضرورة عربية الجامعة ضرورة عربية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon