توقيت القاهرة المحلي 11:11:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القلب إذا تعب

  مصر اليوم -

القلب إذا تعب

بقلم: بكر عويضة

بينما تتكاثر أنباء تكثر من ضيق الصدور، طالعت الاثنين الماضي على موقع «بي بي سي» العربي نبأ يسر، خلاصته أن السيدة شاتوك «أنقذت حياة زوجها مرتين خلال عشرة أيام، بعد توقف قلبه تماماً». رائع، كيف أمكنها ذلك؟ يضيف الخبر، فيشرح أن تنبّه الزوجة جعلها توظف خبرتها في «تقنية الإسعافات الأولية البسيطة المعروفة بإنعاش القلب الرئوي». حسناً، وما تلك التقنية؟ إنها تُعرف طبياً بمصطلح CPR وتشمل تدليك الصدر لإعادة القلب إلى العمل بإجراء التنفس الصناعي. محظوظ مستر شاتوك، لأكثر من سبب، في مقدمها أن الخالق قدّر له أن يعبر مأزق هجمة القلب المفاجئة، فيمتد به العمر، ذلك بأن سخر له زوجة تعرف حُسن التصرف في الموقف الصعب، فتضع ما سُخِر للخَلق من العلم موضع التطبيق الصحيح، وإذا بها تنجح في إنقاذ حياة زوجها. يمكن لكل من يعقل بالقلب، وبه يُبصر، أن ينظر كم هو شاسع الفارق بين السيدة شاتوك، وغيرها ممن هم، وهن، في مثل إدراكها، وبين أولئك الذين سخّروا، وما زالوا يسخّرون، العلم في ترويع البشر وإرهاب الناس، فإذا بطائرات تعبر الأجواء فيما تقلّ مسافرين ومسافرات عبر القارات، تغدو فجأة قاذفات حمم موت، فتنهار بنايات بكل ما ومن فيها من بني آدم وحواء.
استحضر النبأ أعلاه اتصالَ صديق بي نهاية الأسبوع الماضي، وقد بدا الضيق واضحاً في صوته إذ يخبرني أن تقرير قسطرة أجراها يشير إلى وجود ضيق في الشرايين، وأن نسبة خطر إصابته بأزمة في القلب تفوق سبعين في المائة (70+ في المائة). محاولا، من جانبي، تهدئة مخاوف الصديق، وهو من جيلي، قلت إن سنوات ما بعد السبعين في العمر، معرضة دائماً لكل الاحتمالات، ومن ثمّ فلا شيء يجب أن يشكل مفاجأة إذا تعرض أي جزء من الجسم لطارئ صحي. اتفق معي الرجل، لكنه عاجلني بما لم أتوقع إذ تنهد قائلاً: نعم، ربما يكون التعامل الطبي مع المرض العضوي للقلب، إذا التزم المريض بتطبيق نصائح الطبيب، أسهل من تعاطي المرء مع التعب العاطفي، حين يصيب فجأة القلب، إذ ذاك، كم مِسكين كل من شاء له، أو لها، القدر أن تدمي جراح القلب، باقي الجسم منه، ومنها، وأي مُسَكِنٍ سوف يجدي نفعاً ساعتئذٍ؟
لم أكن بحاجة كي أدرك كم يحمل كلام ذاك الصديق من دقيق المعاني الموجبة للتأمل. حقاً، من المفترض ألا يكون مفاجئاً لأي منّا، إذا قيل إن فلاناً من الناس قد أصاب إرهاق الإحساس منه، أو منها، القلب فما عاد قادراً على تحمل مزيد من التعب. علمياً، وهذا معروف، ثبت أن البشر ليسوا سواء عندما يتعلق الأمر باحتمالات التعرض لأي مرض. تتباين ظروف النشأة، ثم الأحوال المعيشية، والمناطقية، والاجتماعية، ومع تباينها يصبح من الطبيعي أن يقف البعض في مقدمة طابور احتمال الإصابة بأي من الأمراض، ظاهرها أو باطنها، الخفيف منها والخطير، وبينها الذي يضرب شرايين القلب. ذلك صحيح، إنما صحيح أيضاً، وثابت طبياً كذلك، أن أولئك المُبتلين بإفراط الأحاسيس، يعانون حالة تخصهم دون غيرهم، لذا تجدهم، أحياناً، موضع لومٍ، أو تفهمٍ، من قِبل أغلب القريبين منهم، إذ يقال، مثلاً، إن فلاناً سريع الانفعال، عاطفياً، لكنه سرعان ما يهدأ أيضاً، فقط لأنه حسّاس أكثر من اللازم. الصديق الذي أشرت قبل أسطر إلى خوفه من ضيق شرايين قلبه، هو بالضبط من ذلك النمط.
هل يعني ما سبق أن ذوي الجَلَد الأصلب، والمحظوظين بأجساد ذات جِلد غير رقيق، هم ذوو قلوب محصنة ضد صدمات العواطف ورقة الأحاسيس؟ كلا، على الإطلاق. كانت ليندا، جارتي الإنجليزية، التي أشرت غير مرة هنا إلى حوارات بيني وبينها، من ذلك النوع الصلب، العنيد، والقوي الشكيمة. كثيراً ما كنت أتحاشى الدخول في جدال معها، لإدراكي المُسبق مدى عنادها. السبت الماضي ألقيتُ نظرة وداع على وجه الجارة بعدما هدّتها أوجاع مرض القلب طوال أكثر من سنة، لكنها استفحلت في الأسابيع الثلاثة الماضية. أحسست بالحزن يخفق بين الضلوع. عاجلني جون، زوجها، بالقول: من أجل ليندا، يجب أن نقوى ونتحمّل وجع الحزن. نعم، طوبى لكل من يمسح حنان قلبه كل صباح أو مساء، جبين الذي تعب منه، أو منها، القلب، لأي سبب كان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القلب إذا تعب القلب إذا تعب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:59 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب توفيق يكشف للمرة الأولى سراً عن أشهر أغانيه
  مصر اليوم - إيهاب توفيق يكشف للمرة الأولى سراً عن أشهر أغانيه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon