توقيت القاهرة المحلي 06:56:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التأجيل لمصلحة إسرائيل

  مصر اليوم -

التأجيل لمصلحة إسرائيل

بقلم:بكر عويضة

تُرى، هل أحسن الصنعَ بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، حين استمع لما قيل له من «نصائح»، بعض الأقربين، داخل البيت الإسرائيلي ذاته، وآخرين أصدقاء لتل أبيب، بعيدين جغرافياً عنها، لكنهم قريبون منها، قرب الحُلقوم من القلب، بل تجدهم أحياناً طوع بنانها، ولا عجب، فهي كيان مُختَرَع على أيديهم، أُعطي اسم «وطن اليهود القومي»، كي يُزرع في تراب أرض فلسطين؟ الأرجح أن الجواب عن السؤال هو: نعم، إذ في انصياع نتنياهو، وهو الذي عُرف بالعناد المتجبر، لتلك «النصائح»، بشأن تأجيل تنفيذ خطط ضم مساحات شاسعة من أراضي الضفة الغربية (تزيد عن 30 في المائة)، إضافة إلى غور الأردن، تبييض مطلوب الآن، ربما أكثر من كثير وقت مضى، لوجه إسرائيل أولاً، ثم حلفائها ثانياً، ليس فحسب بفعل تأثيرات وباء «كورونا»، أو الانتظار حتى القضاء عليه تماماً، كما زعم نتنياهو في تبرير التأجيل، وإنما لضرورات تستدعيها مواجهة التمدد الإيراني في المشرق العربي، من جهة، والطموح التركي المتصاعد بمناطق الشمال الأفريقي، عبر ليبيا، من جهة ثانية.
آخر الذين هبوا لتقديم نصح الصديق الوفي لإسرائيل، بشأن إعادة النظر في خطط الضم، كان بوريس جونسون، رئيس الحكومة البريطانية، الذي يبدو أنه لفرط الحرص على مصلحة إسرائيل، خصص بعض وقت، رغم تكاثر هموم تأثير وباء «كوفيد - 19» على بلاده، لكتابة مقال نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية الأسبوع الماضي، تضمن النصح المغلف بصيغة تحذير أن المضي في تنفيذ الضم مخالف للقانون الدولي. إنما أول، وربما الأهم، بين المواقف الدولية، التي أسهمت في إخضاع نتنياهو للقبول بمبدأ تأجيل التنفيذ، هو موقف جاريد كوشنر، صاحب النفوذ الأقوى في الأوساط المقربة من دونالد ترمب، كونه صهر الرئيس الأميركي، وكبير مستشاريه، إذ امتنع غير مرة عن إعطاء موقف صريح يعطي الضوء الأخضر لتنفيذ خطط الضم، خصوصاً أنه مبتكر ما سُمي «صفقة القرن»، وربما رأى في التسرع بتنفيذ مخططات الضم ما من شأنه إفساد تلك الطبخة. عبر أيضاً عن نوع من النصح لإسرائيل بشأن التأجيل مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، خلال زيارته تل أبيب في مايو (أيار) الماضي، وأفصح عن ذلك، ضمناً، مساعده ديفيد شنكر، الذي رافقه في تلك الزيارة، حين قال: «نحن نقول دائماً إن هذا يجب أن يتم مع رؤية السلام، وعلى الإسرائيليين إجراء حساباتهم»، وفق ما تضمن مقال الكاتبة هدى الحسيني في عدد «الشرق الأوسط» يوم الخميس 21-5-2020.
بالطبع، كان لعدد من المواقف الدولية تأثيرها في ممارسة ضغط أثمر في أن يستمع نتنياهو للأصوات المعارضة للضم. من ذلك، مثلاً، توقيع أكثر من ألف نائب في البرلمان الأوروبي على بيان ندد بخطط الضم، وعدها مخالفة صارخة للقانون الدولي. كذلك، أيضاً، عقد مجلس الأمن جلسة افتراضية خُصصت لبحث الموضوع، وانتهت إلى إدانة صريحة لأي تنفيذ لتلك الخطط، كونها تزعزع السعي إلى تحقيق سلام عادل في الشرق الأوسط. واضح، إذنْ، للمتابع أن انصياع نتنياهو للتأجيل ينسجم تماماً مع حرص أصدقاء تل أبيب وحلفائها، على مصالح إسرائيل، وصورتها الدولية، قبل أي شيء آخر، إذ قد تتعرض مصالحها للخطر، في حال الإصرار على ضرب عرض الحائط بكل نُصح يُسدى إليها.
رغم أن ذلك كله واضح تماماً، يأتي من يجير خضوع نتنياهو للنصح بتأجيل خطط الضم، لصالح ما يُقال إنه ضغط مورس من قبل تنظيمات، أو أحزاب، أو حركات فلسطينية وعربية، ومن ثم صمود مزعوم في مواجهة مخطط التوسع الصهيوني. الواقع الحقيقي، الممارس أمام الملأ أجمعين، يقول بوضوح إن حكام إسرائيل ما عادوا يقيمون أي وزن لأي صراخ فلسطيني، ولا لأي زعيق متشنج، بأي من أصقاع العالم العربي، أو الإسلامي، لأنهم مدركون أن نهج الزعيق والصراخ لن يثنيهم عن تنفيذ مخططاتهم، عندما تتاح الفرصة، ويكون الوقت مناسباً للصالح الإسرائيلي. مثال على ذلك يتضح في موقف بيني غانتس، شريك نتنياهو في الائتلاف الحكومي، وزير الدفاع في الحكومة الحالية، حين صرح في الخامس والعشرين من الشهر الماضي أن «إسرائيل لن تستمر في انتظار الفلسطينيين، وستمضي دونهم، إن لم يكونوا جاهزين لعملية الضم». يبقى تساؤل مؤلم: تُرى لو أن نتنياهو لم يستمع لأي نصح، ومضى في تنفيذ قرار الضم، هل من رد فعل مُتوقع، سوى تكرار زعيق التنديد والاستنكار؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التأجيل لمصلحة إسرائيل التأجيل لمصلحة إسرائيل



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان
  مصر اليوم - مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon