توقيت القاهرة المحلي 04:45:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الجوكر» الأخطر

  مصر اليوم -

«الجوكر» الأخطر

بقلم: بكر عويضة

بدءاً، المقال لا يتناول فيلم «الجوكر» من منظور نقد سينمائي. ما هذا مجال تخصصي. إنما اخترت العنوان متأثراً بما قرأت عن الفيلم المثير للجدل الكثير، حتى قبل بدء العرض اعتباراً من السبت الماضي. بل يبدو أن بعض مشاهد الفيلم استفزت كثيرين، ما استدعى استنفار الأمن الأميركي. المضمون هنا هو عن أكثر من «جوكر» حالم تراوده أحلام تفتيت العالم العربي، حتى يقتات على فُتات ما تبقى من ديار العرب، إذ هي أشتات، وقد تكاثرت عليها أطماع الأمم من كل صوب ومن غير حدب.
قبل أي استطراد، ربما من المفيد الاستعانة بالمعجم، بقصد الفهم الدقيق لمعنى الكلمة، ولو من باب التذكير، لمن سبق لهم ولهن العلم. وفق «المورد»، قاموس العلامة منير البعلبكي، فإن تعريب «جوكر» هو التالي: «(أ) 1 - الكثير المِزاح أو التنكيت، 2 - فتى، شخص. (ب) 1 - الجوكر في ورق اللعب. 2 - جملة غامضة تُقحم في وثيقة تشريعية بُغية جعلها غير فعالة. 3 - جملة أو كلمة مُضلِّلة أو مُساء فهمها، في وثيقة ما، تبطل هذه الوثيقة أو تحرّفها تحريفاً كبيراً. 4 - شيء يُحتَفظ به لتحقيق هدف أو اجتناب مأزق. 5 - عامل غير مُتوّقع يحبط أو يعطل فائدة ظاهرية». شكراً للعلامة الكبير، ثم الشكر موصول لأسرة «المورد»، القاموس النافع للناس كافة. لك، بعد ذلك، إمعان النظر بكم من المعاني تحمل كلمة «جوكر»، ثم تأخذ منها، إن شئت، ما يعينك على فهم أدوار ما ابتُلي به العرب من «جواكر» زمنهم المعاصر.
من جهتي، سوف أغض النظر عن المعنى المتداول، أو قل المعروف بين أكثر الناس، أي المزّاح أو المنكِّت، إذ بين معاني «الجوكر» ما هو أخطر، ولم يزل العرب يعانون آثاره منذ عقود مضت، إنه المعنى القائل إن «الجوكر» هو: «جملة أو كلمة مُضلِّلة أو مُساء فهمها، في وثيقة ما، تبطل هذه الوثيقة أو تحرّفها تحريفاً كبيراً». أليس من الجائز، في سياق هذا المعنى، تذكّر تضمين النص الإنجليزي للقرار الدولي رقم 242، الصادر في 22-11-1967، إلزام إسرائيل بالانسحاب من «أراضٍ»، وليس من «الأراضي»، العربية المحتلة؟ قيل إن لورد كارادون، مندوب بريطانيا في الأمم المتحدة آنذاك، هو سيد ذلك التلاعب، ما يعني أنه كان يؤدي مهمة الجوكر، الذي سوف يخدم غموض القرار لصالح حليف بريطانيا الإسرائيلي.
لكن ذلك زمن يبدو بعيداً الآن، رغم أن الآثار لم تزل محسوسة، كأنما الأرض زُلزلت بها نهار أمس. أما مِن مثل أقرب زمنياً؟ بلى. الأحد الماضي مرت الذكرى السادسة والأربعون لانتصار العرب، بقيادة مصر، في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973. تُرى، أي «جوكر» يستحق أن يُستحضر، وهم كثر، للتحقق من دوره في إزهاق روح ذلك النصر الذي أفرح العرب أجمعين؟ قبل القفز إلى أي استنتاج، أسارع للقول إنني لست أعني محمد أنور السادات، رئيس مصر حينذاك وقائد العبور، الذي يُرمى بتهمة إجهاض حرب حررت معظم الأرض المصرية، وأعادت الاعتبار لجيش الكنانة، لأنه أبرم معاهدة كامب ديفيد. صحيح أن ثغرة الدفرسوار أعادت خلط الأوراق عسكرياً، لكن الوقائع تقول إن معمر القذافي كان أول من حاول، عربياً، خنق روح عبور خط بارليف، إذ عبر ربط إذاعة مصر بالإذاعة الليبية، راح يزعق مخاطباً جنود مصر، ثاني أيام المعارك، قائلاً إنها حرب للتحريك وليست للتحرير. حتى لو صح ذلك القول، زمنذاك، ليس من خطأ، أساساً، خوض حرب بغرض تحريك وضع جامد، إنما الخطيئة هي تعمّد القذافي إضعاف الروح المعنوية لجنود مصر، ومعهم كل العرب.
ثم، نقترب زمنياً أكثر، فنرى مصر المنتصرة في أكتوبر 1973 تواجه أكثر من «جوكر» يريد النيل من استقرار المصريين وأمنهم. لماذا تعنُّت إثيوبيا فيما يتعلق بالتفاوض حول اقتسام مياه نهر النيل؟ ولماذا لا يفِت عضد داعمي التسلل عبر الحدود من شرق ليبيا بقصد التخريب في مصر؟ هل هذه مجرد صدف؟ بالتأكيد كلا. ثم ماذا عن «جواكر» خبث ليست تمل من خلط أوراق اللعب في ملاعب العراق وسوريا ولبنان، وصولاً إلى فلسطين والسودان؟ يبقى أن الأهم، في ضوء ما سبق، هو السؤال: ألم يأن للعرب أن يفيقوا من أوهام طال أمد خداعها لهم، فيما «جواكر» الأغراب تعيث في ديارهم فساداً؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الجوكر» الأخطر «الجوكر» الأخطر



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon