توقيت القاهرة المحلي 06:14:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثوب وحجاب في الكونغرس

  مصر اليوم -

ثوب وحجاب في الكونغرس

بقلم : بكر عويضة

إنجاز الأميركيتين: إلهان عمر، ورشيدة طليب، يرقى إلى مستوى إعجاز أتخيّل أنه سوف يُدخل اسميهما في سجل انتخابات الكونغرس الأميركي على النحو التالي: امرأتان حققتا إنجازين تاريخيين. رُبَّ قائل إن وصف «إعجاز» فيه شيء من المبالغة. هكذا تنبيه جائز. إنما، لعل التوضيح يشفع، إذ عندما تنجح الشابة الصومالية الأصل، إلهان عمر، في انتزاع مقعد ولاية مينيسوتا بعد خوض معركة انتخابية رافقها اتهام صريح صادر عن كبير البيت الأبيض نفسه، يرمي الصوماليين المهاجرين، في الولاية ذاتها، بصفة «التطرف»، فإن ذلك الفوز يبدو بالفعل أقرب للإعجاز منه إلى مجرد نجاح حملة انتخابية؛ خصوصاً إذ الأجواء محمومة بسموم العداء ضد الهجرة والمهاجرين عموماً، وبلا أي تمييز ينشد أن يَميز خبيث التطرف، من طيب أطياف هجرة للولايات المتحدة، تشد عضدها في مجالات الاقتصاد والعلوم، وغيرها من فضاءات الإبداع كافة.
في السياق ذاته، ضمن أجواء أقل ما يُقال في شأنها هو أنها تتسم بعداء واضح من جانب إدارة الرئيس دونالد ترمب، تجاه القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، وهو عداء عبّر عنه انحياز صريح إلى جانب إسرائيل، انعكس في تنفيذ قرار نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس، ضمن هكذا أجواء، أوليس من الجائز لأي مراقب أن يعدّ فوز رشيدة طليب، الفلسطينية الأصل، بمقعد ولاية ميشيغان في الكونغرس، أقرب إلى الإعجاز منه إلى مجرد انتصار في معركة انتخابية؟ بلى. لكن في سياق الموقف ذاته، وفق ما قرأت عما وُصِف بقرار رشيدة طليب أن تدخل، في يومها الأول مقر الكونغرس، مرتدية الثوب الفلسطيني، سوف أغامر هنا فأناشد السيدة أن تفكِّر في الأمر ملياً قبل أن تفعل ذلك. لماذا؟ قبل أن يقفز أحد كي يعترض ويطالب بالتوضيح، أقول إن في مثل ذلك التصرف شبهة استفزاز سوف تفتح الأبواب أمام كل متربص يسعى إلى تقويض مكاسب ما تحقق من نجاح للمرشحة رشيدة طليب، وهؤلاء كثر، سواء داخل أميركا أو خارجها. إذا صح ما نُسب للسيدة طليب بشأن نيّتها ارتداء ثوبها التقليدي، ثم أقدمت على ذلك، وهذا حقها بالتأكيد، فالأرجح أن يُوظف موقفها ذاك كي يقال إنها آتية إلى الكونغرس كي تتخذ المواقف كسياسية فلسطينية، وليس كنائبة أميركية. ورغم أنه ليس من الجائز حرمانها من توظيف وجودها داخل أهم مؤسسة تشريعية في الولايات المتحدة، لإبراز معاناة شعبها الفلسطيني، والمطالبة بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية فيما يتعلق بحقوقه، فإنه يظل من الأفضل أن تمارس السيدة طليب ذلك الدور بلا أي ثغرات تجيز لخصوم الحق الفلسطيني التصرف ضد مواقفها، على نحو ربما يبدو أنه مقبول في أعين النواب الآخرين.
في المقابل، ليس لأحد أن يحدّ من حق إلهان عمر في ارتداء ما يُسمى «حجاباً»، وهي تسمية أجتهد فأرى أنها خطأ، إذ هو مجرد غطاء لشعر رأس المرأة، ولا يحجب الوجه كما «النقاب»، مثلاً. ثم إن السيدة طليب لم تخض معركتها الانتخابية مرتدية الثوب الفلسطيني، ولم تحمل علم وطنها الأصلي حيثما توجهت خلال حملتها، وذاك تصرف صائب، بالتأكيد، فيما خاضت الآنسة إلهان المعركة مرتدية غطاء رأسها حيثما ولّت وجهها، وجاء مخاض الحملة مثمراً إنجازها الانتخابي، فما الذي يحول، إذنْ، بينها وبين «حجب» شعرها حين تصل مقر الكونغرس لأول مرة؟
يبقى القول إنني أخشى أن يجري تحميل إنجاز كلٍ من رشيدة طليب وإلهان عمر فوق قدراتهما. ربما ترتفع أصوات هنا وهناك، بمختلف أنحاء العالمين العربي والإسلامي، تطالب النائبتين في الكونغرس الأميركي بما تعجز عنه حكومات، في شأن المواقف الأميركية من مجمل القضايا العربية والإسلامية، أو حتى بشأن الموقف من قوانين الهجرة، والتعامل مع المهاجرين. إذا حصل شيء من ذلك، الأفضل لكلٍ منهما تجاهل ما قد يصدر من مطالبات لهما تجهل طبيعة الواقع السياسي في الولايات المتحدة. يكفي لهما القول إنهما ستعملان قدر المستطاع على توظيف موقعهما النيابي للدفاع عن الوضع الإنساني تجاه كل المآسي في العالم أجمع. 
ويبقى كذلك أن أختم بما نقل لي صديق مقيم في أميركا، إذ سمع جاره المنتمي للحزب الجمهوري بتعصب، يزمجر بغضب إزاء فوز رشيدة طليب وإلهان عمر، قائلاً إن فوزهما خطأ بشع. ذلك موقف عنصري سافر موجود في أميركا وغيرها، لكنه غير مُستغرب، إنما، في نهاية المطاف، لن يصح سوى الصحيح.

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثوب وحجاب في الكونغرس ثوب وحجاب في الكونغرس



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon