توقيت القاهرة المحلي 07:22:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فساد الرأي يوصل إلى الإرهاب

  مصر اليوم -

فساد الرأي يوصل إلى الإرهاب

بقلم: بكر عويضة

ربما يكون القول إن «الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية» هو الأكثر حضوراً، كلما اشتد جدال المختلفين العرب والمسلمين حول أي اجتهاد. وربما القول ذاته هو أيضاً الأسرع تغييباً عندما يقع اختلاف في الرأي مع من يردده في سياق الدفاع عن نوع من الشطط، وجنوح الرأي، بشأن بعض ما ذهب إليه «أستاذ الجيل»، الدكتور أحمد لطفي السيد، مثل دعوته إلى فك الارتباط بين مصر والمحيط العربي، والفصل التام بينها وبين العالم الإسلامي، فضلاً عن حماسته لاستخدام اللهجة المصرية عِوض اللغة العربية، ربما لإدراكه الواعي أنها أساس اللسان العربي الفصيح، الرابط بين العرب، رغم التباين الواضح بين مجتمعاتهم، عاداتٍ وتقاليدَ وثقافاتٍ.
بيد أن الاختلاف مع جوانب من فكر أحمد لطفي السيد، يجب ألا يؤدي إلى أي تقليل من شأن الرجل، ولا من أهمية وضع القول المُهم لمؤسس أول جامعة بمصر، في التوفيق بين خلاف الرأي وصون الود بين المختلفين، موضع تطبيق يفيد الناس أجمعين، ويسهم في حُسن اختيار طريق التقدم بالمجتمع إلى الأمام. إنما، في زمن عربي يشهد استنساخ أيام ولّت من تاريخ مؤلم، كما حصل بعد سقوط بغداد أمام الغزو المغولي عام 1258 الميلادي، من انحطاط في مستوى الآداب والفنون، المرآة التي تعكس مدى تقدم أو تخلّف الشعوب، في واقع كهذا، كيف يمكن التعامل مع قول «أستاذ الجيل»، إذا بات يُنظر لأي كلام مبني على أساس فاسد من منطلق أنه «رأي» يحق لمن نطق به في حفل، أو دوّنه على الإنترنت، أو نشره في كتاب، أن يزعق فيطالب بحق «حرية التعبير»؟
كلا، ليس ممكناً لمبدأ ألا يفسد خلاف الرأي للود قضية أن يُطبق عندما يتجاوز صاحب الرأي حدود قيم توافق الناس، بأي مجتمع، على احترامها إلى حد وضعها في مقام ميثاق اجتماعي يجب، بالتراضي وليس بالإكراه، ألا يُمَس، تماماً مثلما يتعامل كثير من الدول مع أحجار يقوم عليها بنيان يُعد تاريخياً، فيُصان ضد أي هدم.
مثلاً، حين تقرر سيدة من بلد عربي، ذات مكانة معتبرة في فضائها الأكاديمي، أن تفتح ملفات التراث الإسلامي، فتنفق من وقتها ومن جهدها الكثير، ثم تتعمد أن تعطي عنواناً لمضمون كتابها يصف الخلفاء الراشدين بوصف، ربما الأصح أن يصح في كل مجترئ ومجترئة عليهم، عندما يحدث تجاوز كهذا في قضية ذات مكانة خاصة في قلوب المسلمين ومعتقدهم، ألا يجوز التساؤل: ماذا أبقت السيدة (أتعمّد تجنّب ذكر الاسم) كي لا يفسد رأيها الود بينها وبين أغلب الناس؟ ليس المقصود هنا مجرد مسايرة المسارعين إلى الصراخ بما يرون أنه اجتراء على المس بما هو «مقدس». ثابت عبر التاريخ أن النقاش جرى غير مرة، عبر مختلف العصور، حول سير الخلفاء الراشدين، ما لكل منهم وما عليه. إنما النقاش شيء، ونبش القبور للطعن في أسس تاريخ أي من الأمم، وليس المسلمين وحدهم، شيء مختلف تماماً، ومن البديهي أن يتساءل الناس عن الدافع الذي يحرّك مواقف كهذه.
ثابت أيضاً أن فساد الرأي يمكن أن يلد الإفساد في التصرف. تشكل المسألة تحدياً أخطر عندما تتعدى نطاق رأي يرد في كتاب. انتشار ظاهرة «فساد التعبير في وسائل التوصيل»، كما تناولها بعمق مقال الدكتور محمد الرميحي («الشرق الأوسط» - عدد السبت الماضي) أوصل، وسوف يوصل، إلى مزيد من اشتعال نار التطرف والإرهاب. بالتأكيد، فيديو زجل قبيح وفاسد يصيح به فلسطينيان، ويُسوّق عبر الإنترنت، يمكن له، ببساطة، أن يحرّض فلسطينياً جاهلاً يعمل في أحد المجتمعات العربية، التي تطاول عليها ذلك الزجل الفاسد، كي يرتكب عملاً إرهابياً، أو العكس، إذ ربما تؤدي الغيرة الوطنية بشاب من تلك المجتمعات لارتكاب حماقة مماثلة. فساد الرأي المحرّض ضد غير البيض في أميركا، أوصل إلى مجزرتي تكساس وأوهايو قبل أيام. الإفساد المتواصل في تسميم عقول الشباب العربي والمسلم، سواء عبر مقالات رأي، أو منابر إنترنت، أو فضائيات، أسهم في مجزرة القاهرة أول من أمس، وكل إرهاب سابق لها ارتُكب باسم الدين. هل يُمكن، أو يجوز، السكوت عن الرأي عندما يقوم على إفساد العقول ويؤدي إلى قتل أبرياء؟ كلا، على الإطلاق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فساد الرأي يوصل إلى الإرهاب فساد الرأي يوصل إلى الإرهاب



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان
  مصر اليوم - مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon