توقيت القاهرة المحلي 07:22:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مروان و«الملاك الزائف»

  مصر اليوم -

مروان و«الملاك الزائف»

بقلم : بكر عويضة

مفهوم أن كل شخصية تتصدى للعمل العام تفقد إمكانية التحكم في ضبط ما يُكتب، أو يذاع، أو يُنشر، أو حتى يُشاع همساً بين الناس، فيما يخص شأن الجانب الأوسع من خصوصياتها. لكن ما يصعب أن يُفهم، أحياناً، هو تعمّد نبش القبور، بقصد تجريح شخصية عامة وتشويه صورتها على نحو يبدو كأنه اغتيال لها حتى بعد مماتها. الأرجح أن يصح هذا القول في شأن فيلم مثير للجدل يعرض سيرة حياة أشرف مروان، صهر جمال عبد الناصر، الزعيم الأكثر شعبية في العالم العربي منذ منتصف خمسينات، وطوال ستينات القرن الماضي، خصوصاً على صعيد المواجهة العربية - الإسرائيلية، حتى وفاته نهار 28 - 9 - 1970 بعد يوم من جهد مضنٍ لوقف أنهار الدم الأردني - الفلسطيني في عمان.

مضمون الفيلم، الذي يحمل عنوان «الملاك»، ويجري إطلاقه رسمياً في الرابع عشر من الشهر المقبل، يريد، وفق ما يتضح مما نُشر عنه في غير موقع إخباري، توصيل رسالة للمشاهدين مؤداها أن أشرف مروان هو أهم جاسوس عمل لصالح إسرائيل خلال القرن العشرين.

يس من المبالغة القول إن هذا المضمون هو نوع من الافتراء، ومن ثم فإن هذا «الملاك» الذي يُراد به تصوير أشرف مروان هو «ملاك زائف» ويرقى لدرجة محاولة اغتيال سمعة الرجل في قبره، بعدما تعذّر الإثبات، بالدليل القاطع، تورط جهاز «الموساد» في الدفع به من الطابق الخامس في البناية التي كان يسكنها نهار 27 - 6 - 2007، ثم محاولة ترويج قصة إقدامه على «الانتحار»، إذ بعد ثلاث سنوات على مصرعه المأساوي، انتهت محكمة التحقيق العليا في بريطانيا يوم 14 - 7 - 2010 إلى إصدار حكم أدرج وفاة أشرف مروان في قائمة الوفيات غير معروفة الأسباب، وهو ما وجد القبول، يومها، من جانب حرمه، السيدة منى، لمجرد أن الحكم استبعد فرضية «الانتحار»، مع ملاحظة أنها اتهمت في تصريح لصحيفة «الأوبزيرفر» (عدد 11 - 7 - 2010) جهاز «الموساد» الإسرائيلي باغتيال زوجها، استناداً إلى بوح أشرف لها أن حياته مستهدفة.

واضح أن الفيلم يتناول من منظور إسرائيلي حياة شخصية عربية غير عادية، ارتبطت بصلة مصاهرة متميزة، فأتاحت لها تولي مواقع بالغة الحساسية. يدعم هكذا افتراض أن سيناريو الفيلم، وفقاً لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، يستند إلى كتاب وضعه يوري بار جوزيف، الأكاديمي والكاتب الإسرائيلي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا، ونُشر بالعبرية أولاً تحت عنوان «الملاك: أشرف مروان»، ثم صدر مترجماً للإنجليزية بعنوان «الملاك: الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل». كما ترون، كلها عناوين تتعمد توريط الرجل في أمر ليس سهلاً، ولا ممكناً، للعقل أن يقبل به. التعامل المصري، رسمياً، إزاء مصرع أشرف مروان الغامض، شدد على رفض أي مزاعم إسرائيلية بشأن التجسس لصالح تل أبيب. تشييع الجنازة اتسم بحضور رسمي وبمستوى عالٍ لافت. الرئيس حسني مبارك أكد أن أشرف مروان مارس أدواراً وطنية مهمة، لكنه نفى أنه تجسس لصالح أي طرف. مع ذلك، راجت في الوقت ذاته مزاعم ادعت أن الرجل أدى دور «العميل المزدوج» بمعرفة الأجهزة المعنية في القاهرة، ولصالحها، وأنه نجح في تضليل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عشية حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، إن صحت هكذا ادعاءات، فليس من الصعب تصوّر احتمال الانتقام البشع من قبل الطرف المُضلل.

أياً كانت حقيقة الأمر، سواء فيما يخص أشرف مروان أو غيره ممن تشبه خاتمته خواتيمهم، أو نهاياتهن، يبقى دائماً لكل نهاية لفّها الغموض بعدها المأساوي. تغوص في أعماق ملفات حروب تجسس الدول على بعضها البعض، قصص نهايات بقدر ما سوف يظل غموضها محيّراً للمؤرخين، ولكل باحث عن الحقائق، قدر ما سيبقى الغموض ذاته مؤلماً لذوي العلاقة مع أصحاب تلك النهايات المفجعة. أما الأمر المؤكد فخلاصته أن اسم أشرف مروان أُضيف، يوم مصرعه المريب، إلى قائمة أغلب الظن أنها لن تتوقف أبداً عن استقبال أسماء جديدة.

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مروان و«الملاك الزائف» مروان و«الملاك الزائف»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon