توقيت القاهرة المحلي 20:21:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«مسك للإعلام»... إبداع ومصداقية

  مصر اليوم -

«مسك للإعلام» إبداع ومصداقية

بقلم : إميل أمين

درج المؤرخون في زمن الإمبراطورية الرومانية على القول: إن من يعطي الخبز يعطي الشريعة. وقد كان هذا ديدن الأباطرة الرومان لقرون طويلة، غير أنه في زمننا الحالي، بات مَن يقدم الإعلام للناس هو صانع الحقيقة أو الزيف، كيفما شاء له. ومن هنا جاء تعبير آخر مكمل للأول وهو أن وسائل الإعلام تستطيع أن تصنع صيفاً أو شتاءً متى رغبت، وخريفاً أو ربيعاً كيفما شاءت.

حين ينطلق «منتدى مسك للإعلام» تحت شعار «التشجيع على الإبداع»، فإنه في واقع الحال يتلمس قضية شديدة الأهمية، فقد تجاوز عصرنا وسائل الإعلام في ثوبها القديم، لكن السؤال: مَن صاحب القدرة على تقويم ما قد يعوجّ في مسيرة الفرد المتاحة له عبر تلك الآليات الجديدة من وسائط الاتصال الاجتماعي، والقادرة من دون أدنى شك على خلق عالم جديد، عالم رقمي، وما ورائي، لكنه فاعل ومؤثر في مساقات الحياة اليومية؟

لا تنفع هنا مسائل الرقابة التقليدية، وحتى الأمن السيبراني يمكنه أن يتعرض للاختراقات، ولهذا فإن أنفع وأرفع الطرق هي خلق مقدرة على التمييز بين الغث والثمين، لتبقى الضمائر البشرية هي وحدها القادرة على الفرز والتمييز، وعزل الخبيث.

أحسنَ القائمون على «مسك» ومنتداها الإعلامي في اختيار الموضوع، سيما وأنه متصل اتصالاً جوهرياً بنشر الوعي الأخلاقي بوسائل الإعلام وما صاحبها من تطورات على جميع الأصعدة. وقد عانى الشرق الأوسط من أصحاب العملة الإعلامية «الأبوكريفية» المنحولة طوال السنوات الماضية، ولا تزال هناك رايات فاقعة وأصوات زاعقة لفريق من محترفي تزييف الإعلام، والدس غير البريء، وكتائب الشر المجاني في إعلامنا العربي.

هل معنى ذلك أن المحتوى الإعلامي الحديث مسألة كارثية لا قِبَل لنا بالتعاطي معها في الحال أو الاستقبال؟

بالقطع لا يمكن أن يكون هذا هو مثار أو مسار التفكير، بل كيفية تسخير تلك الوسائط لخدمة إعلام الحقيقة، نميل معها حيث تميل، ونجعل ظل رايتها شعارنا، كما ضمن هذا المعنى أحد الشعراء من قبل.

ولعل الذين قُدِّر لهم متابعة أعمال «منتدى مسك»، قد وقر لديهم أهمية الدور الذي باتت تلعبه الابتكارات الإعلامية الجديدة في صناعة مجتمعات ما بعد الحداثة، تلك المتجاوزة للحدود الجغرافية من جهة، وللقيود اللغوية أو العرقية من ناحية ثانية، إنه عالم القرية الكونية الصغيرة التي حدَّثَنَا عنها عالم الاجتماع الكندي الأشهر مارشال ماكلوهان في ستينات القرن الماضي.

المطلوب إذن بالنسبة إلى الشباب السعودي خاصة والعربي عامة، تعظيم مسألة بناء مهارات التعامل الإنساني الواعي والمبادر إلى تلك الآليات الحديثة، لتحقيق نقلة فكرية واقتصادية، إعلامية واجتماعية، من خلال تشجيع تبادل الأفكار الإبداعية الجديدة مع الآخر، سواء كان في الداخل الوطني، أو من حولنا في الإقليم، ويمتد الأمر إلى ما وراء البحار.

يُحسب لـ«منتدى مسك للإعلام» الذي جرت وقائعه الأيام الفائتة في الرياض، قفزه على إشكالية التنظير التقليدي للقضايا، إذ فتح آفاقاً عريضة لبحث معمق، موضوعي ومفيد، وبشكل براغماتي مستنير، إن جاز القول، وذلك عبر تنوع فعالياته ما بين ورش العمل، والحلقات الحوارية، عطفاً على جلسات النقاش، أما عن تنوع المحدثين فقد كان فائقاً للتوقعات من خلال رموز سعودية وعربية، قدمت لشباب «مسك» خلاصات لها وزنها وأهميتها عبر مساقات السياسة والإعلام، والأمن والاستخبارات، وجميعها تتقاطع ولا شك مع طبيعة المحتويات المقدمة من تلك الوسائل الإلكترونية الحديثة.

لا تتوقف الحاجة إلى وسائل الإعلام، ووسائطها الجديدة عند حدود الأفراد أو الجمعيات الأهلية، بل باتت ولا شك فرصة ذهبية للحكومات في التفاعل الناجع مع المواطنين، لا سيما أن مقدرتها تتعاظم يوماً تلو الآخر، في إطار قدرتها على خلق رأي عام أول الأمر يمكن أن يزخم قضايا بعينها، أو يثير شقاقات من حول أخرى، وتالياً يمكنه قيادة الرأي العام وتوجيه الناس في عصر سماه المفكر الكبير الراحل الدكتور جلال أمين «عصر الجماهير الغفيرة»، فما يمكن لتدوينة واحدة على «تويتر» أن تصنعه الآن يفوق مقدرة وسائل إعلام القارات الست قبل الحرب العالمية الثانية مجتمعة، ولهذا رأينا ولا نزال رئيس أقوى دولة في العالم، الولايات المتحدة الأميركية، يقود إعلامه الرسمي عبر موقعه على «تويتر»، ويتابع العالم بشغف بالغ صباح كل يوم ما يكتبه ترمب.

الإبداع الذي تنشده «مسك» طريق مؤكد لتحقيق إضافات حقيقية ضمن رؤى وخطط المملكة لـ2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فهو يخلق طريق الابتكار، ويتجاوز الأفكار المقولبة أو الآليات المعلبة، ويفتح الأعين على العالم القادم، حيث البقاء للأذكى، وليس للأقوى فقط، كما أشار تشارلز دارون من قبل.

يوماً تلو الآخر تثبت «مسك الخير» عبر أذرعها المتعددة أنها قيمة مضافة داخل المملكة، وفي خارجها حيث العالم العربي في حاجة إلى رؤى تقدمية في مجال الإعلام، رؤى تفتح الآفاق للتعامل مع الآخر دون خجل أو وجل، ومن غير أي شعور بالدونية أو صغر الذات، فما لدينا من موروثات حضارية وخبرات إنسانية جدير به أن يصل إلى العالم الخارجي، من خلال إعلام رقمي يقوم عليه خيرة الشباب القابضين على جمر الحقيقة بالحق، والمفندين لزيف المزيفين بالعدل.

«منتدى مسك للإعلام» توظيف خلاق لبناء الحقيقة الإعلامية في مواجهة الفوضى... وخطوة من أجل بناء الإنسان الذي هو القضية وهو الحل.

نقلً عن الشرق الاوسط اللندنيه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مسك للإعلام» إبداع ومصداقية «مسك للإعلام» إبداع ومصداقية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon