توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«مسك للإعلام»... إبداع ومصداقية

  مصر اليوم -

«مسك للإعلام» إبداع ومصداقية

بقلم : إميل أمين

درج المؤرخون في زمن الإمبراطورية الرومانية على القول: إن من يعطي الخبز يعطي الشريعة. وقد كان هذا ديدن الأباطرة الرومان لقرون طويلة، غير أنه في زمننا الحالي، بات مَن يقدم الإعلام للناس هو صانع الحقيقة أو الزيف، كيفما شاء له. ومن هنا جاء تعبير آخر مكمل للأول وهو أن وسائل الإعلام تستطيع أن تصنع صيفاً أو شتاءً متى رغبت، وخريفاً أو ربيعاً كيفما شاءت.

حين ينطلق «منتدى مسك للإعلام» تحت شعار «التشجيع على الإبداع»، فإنه في واقع الحال يتلمس قضية شديدة الأهمية، فقد تجاوز عصرنا وسائل الإعلام في ثوبها القديم، لكن السؤال: مَن صاحب القدرة على تقويم ما قد يعوجّ في مسيرة الفرد المتاحة له عبر تلك الآليات الجديدة من وسائط الاتصال الاجتماعي، والقادرة من دون أدنى شك على خلق عالم جديد، عالم رقمي، وما ورائي، لكنه فاعل ومؤثر في مساقات الحياة اليومية؟

لا تنفع هنا مسائل الرقابة التقليدية، وحتى الأمن السيبراني يمكنه أن يتعرض للاختراقات، ولهذا فإن أنفع وأرفع الطرق هي خلق مقدرة على التمييز بين الغث والثمين، لتبقى الضمائر البشرية هي وحدها القادرة على الفرز والتمييز، وعزل الخبيث.

أحسنَ القائمون على «مسك» ومنتداها الإعلامي في اختيار الموضوع، سيما وأنه متصل اتصالاً جوهرياً بنشر الوعي الأخلاقي بوسائل الإعلام وما صاحبها من تطورات على جميع الأصعدة. وقد عانى الشرق الأوسط من أصحاب العملة الإعلامية «الأبوكريفية» المنحولة طوال السنوات الماضية، ولا تزال هناك رايات فاقعة وأصوات زاعقة لفريق من محترفي تزييف الإعلام، والدس غير البريء، وكتائب الشر المجاني في إعلامنا العربي.

هل معنى ذلك أن المحتوى الإعلامي الحديث مسألة كارثية لا قِبَل لنا بالتعاطي معها في الحال أو الاستقبال؟

بالقطع لا يمكن أن يكون هذا هو مثار أو مسار التفكير، بل كيفية تسخير تلك الوسائط لخدمة إعلام الحقيقة، نميل معها حيث تميل، ونجعل ظل رايتها شعارنا، كما ضمن هذا المعنى أحد الشعراء من قبل.

ولعل الذين قُدِّر لهم متابعة أعمال «منتدى مسك»، قد وقر لديهم أهمية الدور الذي باتت تلعبه الابتكارات الإعلامية الجديدة في صناعة مجتمعات ما بعد الحداثة، تلك المتجاوزة للحدود الجغرافية من جهة، وللقيود اللغوية أو العرقية من ناحية ثانية، إنه عالم القرية الكونية الصغيرة التي حدَّثَنَا عنها عالم الاجتماع الكندي الأشهر مارشال ماكلوهان في ستينات القرن الماضي.

المطلوب إذن بالنسبة إلى الشباب السعودي خاصة والعربي عامة، تعظيم مسألة بناء مهارات التعامل الإنساني الواعي والمبادر إلى تلك الآليات الحديثة، لتحقيق نقلة فكرية واقتصادية، إعلامية واجتماعية، من خلال تشجيع تبادل الأفكار الإبداعية الجديدة مع الآخر، سواء كان في الداخل الوطني، أو من حولنا في الإقليم، ويمتد الأمر إلى ما وراء البحار.

يُحسب لـ«منتدى مسك للإعلام» الذي جرت وقائعه الأيام الفائتة في الرياض، قفزه على إشكالية التنظير التقليدي للقضايا، إذ فتح آفاقاً عريضة لبحث معمق، موضوعي ومفيد، وبشكل براغماتي مستنير، إن جاز القول، وذلك عبر تنوع فعالياته ما بين ورش العمل، والحلقات الحوارية، عطفاً على جلسات النقاش، أما عن تنوع المحدثين فقد كان فائقاً للتوقعات من خلال رموز سعودية وعربية، قدمت لشباب «مسك» خلاصات لها وزنها وأهميتها عبر مساقات السياسة والإعلام، والأمن والاستخبارات، وجميعها تتقاطع ولا شك مع طبيعة المحتويات المقدمة من تلك الوسائل الإلكترونية الحديثة.

لا تتوقف الحاجة إلى وسائل الإعلام، ووسائطها الجديدة عند حدود الأفراد أو الجمعيات الأهلية، بل باتت ولا شك فرصة ذهبية للحكومات في التفاعل الناجع مع المواطنين، لا سيما أن مقدرتها تتعاظم يوماً تلو الآخر، في إطار قدرتها على خلق رأي عام أول الأمر يمكن أن يزخم قضايا بعينها، أو يثير شقاقات من حول أخرى، وتالياً يمكنه قيادة الرأي العام وتوجيه الناس في عصر سماه المفكر الكبير الراحل الدكتور جلال أمين «عصر الجماهير الغفيرة»، فما يمكن لتدوينة واحدة على «تويتر» أن تصنعه الآن يفوق مقدرة وسائل إعلام القارات الست قبل الحرب العالمية الثانية مجتمعة، ولهذا رأينا ولا نزال رئيس أقوى دولة في العالم، الولايات المتحدة الأميركية، يقود إعلامه الرسمي عبر موقعه على «تويتر»، ويتابع العالم بشغف بالغ صباح كل يوم ما يكتبه ترمب.

الإبداع الذي تنشده «مسك» طريق مؤكد لتحقيق إضافات حقيقية ضمن رؤى وخطط المملكة لـ2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فهو يخلق طريق الابتكار، ويتجاوز الأفكار المقولبة أو الآليات المعلبة، ويفتح الأعين على العالم القادم، حيث البقاء للأذكى، وليس للأقوى فقط، كما أشار تشارلز دارون من قبل.

يوماً تلو الآخر تثبت «مسك الخير» عبر أذرعها المتعددة أنها قيمة مضافة داخل المملكة، وفي خارجها حيث العالم العربي في حاجة إلى رؤى تقدمية في مجال الإعلام، رؤى تفتح الآفاق للتعامل مع الآخر دون خجل أو وجل، ومن غير أي شعور بالدونية أو صغر الذات، فما لدينا من موروثات حضارية وخبرات إنسانية جدير به أن يصل إلى العالم الخارجي، من خلال إعلام رقمي يقوم عليه خيرة الشباب القابضين على جمر الحقيقة بالحق، والمفندين لزيف المزيفين بالعدل.

«منتدى مسك للإعلام» توظيف خلاق لبناء الحقيقة الإعلامية في مواجهة الفوضى... وخطوة من أجل بناء الإنسان الذي هو القضية وهو الحل.

نقلً عن الشرق الاوسط اللندنيه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مسك للإعلام» إبداع ومصداقية «مسك للإعلام» إبداع ومصداقية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon