توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القمة البولندية... ومواجهة الأوهام الإيرانية

  مصر اليوم -

القمة البولندية ومواجهة الأوهام الإيرانية

بقلم : إميل أمين

هل بلغ اليقين الأميركي مداه تجاه عدم جدوى العقوبات الاقتصادية في التأثير على نظام الملالي في طهران، ولهذا طفا الحديث عن القمة البولندية لإعادة ترتيب الأوراق في مواجهة إيران المنفلتة؟
منذ البداية كان توجه الرئيس ترمب واضحاً، ويسعى في ثلاثة مسارات؛ معاقبة إيران اقتصادياً، ومنعها من حيازة أسلحة نووية، ومعالجة تمدد برنامجها الصاروخي.
والشاهد أنه على الرغم من السياسات الأميركية المتشددة تجاه نظام آيات الله، فإن واقع الحال يشير إلى عدم إبداء طهران أي استجابة أو إبدائها مخاوف من العقوبات الحالية، فقد رفعت من حجم تمويلها لفيالق الحرس الثوري ضمن ميزانية العام الجديد 2019 بما يؤشر إلى عدم تراجعها عن دعم مجموعات عسكرية عاقبتها الحكومة الأميركية بسبب دعمها للإرهاب.
على أن هناك حدثين قائمين بذاتيهما يدلان على أن الغي الإيراني السادر ماض قُدماً، وبصورة غير مسبوقة.
بداية وفي الأسبوعين المنصرمين كانت إيران وعلى لسان قائد عسكري رفيع تعلن عن إرسالها سفناً حربية لغرب المحيط الأطلسي بدءا من مارس (آذار) المقبل، وهذا ما أكده تورج حسني، نائب قائد البحرية الإيرانية الذي أشار إلى أن مهمة المدمرة «سهند» الحاملة للمروحيات، والمرافقة بعدد من قطع البحرية الإيرانية، قد تستمر لخمسة أشهر، والهدف كما يقول هو «الحفاظ على مصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المياه البعيدة، إلى جانب الإشراف الاستخباراتي وتوفير أمن الملاحة البحرية».
أي أوهام إيرانية تسكن عقل الملالي، وعن أي مصالح يتحدثون، سيما في ضوء التصريحات المتتالية الصادرة من طهران، وتشير إلى سعي الحرس الثوري بنوع خاص، لمد نطاق عمل قواته البحرية، بحيث يصبح على مقربة من الولايات المتحدة.
يبدو أن الشطط الإيراني قد خيّل للقائمين على الأمر هناك أن وجود حاملات طائرات أميركية على مقربة من مياه إيران الإقليمية، لا بد له من ردود، تسعى من خلالها لإظهار حضورها، وإبراز العلم الإيراني بالقرب من المياه الإقليمية الأميركية، وعلى الرغم من أن المقاربة لا تجوز بين الدولة الأولى عسكرياً حتى الساعة على مستوى العالم وقدراتها القتالية، وبين قطع بحرية إيرانية دعائية لم تعرف التحديث أو الصيانة ومجموعة مروحيات تعود إلى سبعينات القرن الماضي، إلا أن حماة الأمن القومي الأميركي، قد انتفضوا في مواجهة تلك الأخبار، وكان لا بد من الرد الحاسم والحازم على طهران.
الحدث الثاني الذي استدعى انتباه العالم وانزعاجه دفعة واحدة، تمثل في إعلان الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن طهران ستطلق صواريخ تحمل أقماراً صناعية إلى مدار الأرض، في غضون الأسابيع المقبلة، في تحد لتحذير أميركي من انتهاك القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن... ماذا يعني هذا الحديث؟
باختصار غير مخلّ يفيد بأن إيران تدخل مرحلة جديدة من مراحل برنامجها الصاروخي، مرحلة تتجاوز فيها المسموح لها أُممياً وبما يفوق حاجاتها الدفاعية، كما تحاجج دوماً، فقد رصدت الأقمار الصناعية الأميركية نشاطاً إيرانياً بموقع صاروخي تابع للحرس الثوري تستخدمه وكالة الفضاء الإيرانية، وحال قيام الإيرانيين بإطلاق الصواريخ الجديدة ستكون هذه هي المرة الثانية، بعد تجربتها لإطلاق صاروخ «سميرغ» الباليستي القادر على حمل أقمار صناعية في يوليو (تموز) الماضي.
لم تلتفت إيران إلى العقوبات الأميركية ولم تعر انتباهاً يذكر للتحذيرات الأوروبية رغم أملها في تلقي العون الاقتصادي من دول الاتحاد الأوروبي التي رفضت انسحاب الجانب الأميركي من الاتفاقية النووية، وها هي تمضي في طريق الاستفزار، حتى وإن كان برنامجها الصاروخي الفضائي محكوماً عليه بالفشل.
لم يكن الفضاء بعيداً عن غرور إيران وأوهامها منذ أن أطلقوا قمرهم الصناعي الأول على صواريخ روسية سنة 2005. ولاحقاً في 2009 أطلقوا صاروخهم الأول، الأمر الذي أدى إلى حالة من حالات «القلق العظيم» في الداخل الأميركي، سيما أن الصواريخ الإيرانية توالت تجاربها وإطلاقها تباعاً، ومن دون أي اعتبار للتحذيرات الدولية، مع متابعة البرنامج النووي في الخفاء، سيما أنه هو الهدف الرئيسي الذي تحاول إيران أبداً ودوماً إنجازه، وإن تطلب الأمر المرور بقنوات ومسارب علنية من باب الخديعة والتمويه.
أحد الأسئلة الجوهرية والمثيرة من أين لطهران رغم العقوبات الاقتصادية المكثفة أن تجد تمويلاً لمثل تلك الأوهام؟
الثابت أن هناك مسارب واضحة لأموال قذرة كثيرة تدخل في سياق غسل الأموال في داخل البلاد، الأمر الذي اعترف به علناً وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في لقاء مع تلفزيون الدولة، وفيه أن «تبييض الأموال حقيقة في بلادنا... أعرف أشخاصاً حصلوا على ربح بقيمة 30 تريليون تومان (7 مليارات دولار)، في صفقة واحدة».
أما وزير الداخلية الإيراني رحماني فضلي فقد أكد أن الأموال القذرة باتت تدخل في السياسة والانتخابات ونقل السلطة السياسية في البلاد... فكم حجم تلك الأموال وهو الفريق الأول المستفيد منها؟
يبدو أنها فلكية، ففيما يعتبر بيدرام سلطاني نائب رئيس الغرفة التجارية أنها تبلغ 35 مليار دولار، تصرح مصادر أخرى بأنها تصل إلى 42 مليار دولار.
وحال معرفة أن الحرس الثوري الإيراني هو المهيمن الأول والأكبر بل الأشرس على كافة أنشطة الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد، يضحى من الطبيعي أن يبقى هذا الفصيل هو المستفيد الأول وربما الأخير.
قمة بولندا كما تراها واشنطن استدعتها الحاجة الماسة لمواجهة دولة تعد الراعي الأول والأكبر للإرهاب عالمياً، ولم يعد وكلاؤها يعملون في البر، سواء في اليمن والعراق وسوريا ولبنان أو غزة، لكنهم اليوم يحلمون بركوب البحار وتسلق الفضاء، ومصادر أموالهم من الداخل، ومن عمليات مشابهة بعض منها في أوروبا، وآخر في أميركا اللاتينية، وثالث بين أفغانستان وباكستان من مخدرات وأسلحة وبشر وإرهاب.
غير أن السؤال الذي يحتاج إلى تفسيرات وإضافات كبيرة من قبل واشنطن «ما ملامح ومعالم قمة بولندا؟».
الهدف بلا شك واضح وجلي، أي مواجهة إيران، بما يتجاوز العقوبات الاقتصادية التي لا تجدي، فهل قمة بولندا بداية التحرك العسكري الأميركي تجاه طهران، وإن كان ذلك كذلك، فكيف لها أن تفعل وهي تسحب جنودها الألفين من سوريا، وأن تواجه حضوراً عسكرياً إيرانياً مكثفاً برياً على الأقل؟
تحتاج قمة بولندا قراءة عربية - عربية، بعين براغماتية نرجسية مستنيرة، بالضبط كما يحاول الرئيس ترمب أن يفعل.
نعم للتعاون الأميركي - العربي الخلّاق والبنّاء والإيجابي، ولا لحروب الوكالة، فالدم العربي ليس رخيصاً.
الخلاصة: الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها يأخذها.

 

نقلً عن الشرق الاوسط اللندنيه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القمة البولندية ومواجهة الأوهام الإيرانية القمة البولندية ومواجهة الأوهام الإيرانية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon