توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رهانات لا تفيد

  مصر اليوم -

رهانات لا تفيد

بقلم : إميل أمين

شيء ما خطأ فيما يجري في الولايات المتحدة منذ نحو أسبوعين.
خطيئة أميركا الرئيسية هي العنصرية، هذا قول، يؤخذ منه ويرد عليه، فيه من الصواب، ويحتمل الخطأ في بعض دقائقه، أما الخطأ المراد إلقاء الضوء عليه فموصول بسياقات الأحداث، وتأجيج النيران في الصدور، وكأن هناك من يتطلع إلى نافذة لإرباك المشهد الأميركي بأكثر مما هو مرتبك من جراء «كورونا»، وقبلها التشظي الحادث في المجتمع الأميركي لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، لا تخلو عن أعين أي باحث محقق ومدقق.
المراقب يتساءل عن مسارات الديمقراطيين، وهل هي عفوية، أم معد لها، وهدفها الوحيد الثأر من الرئيس دونالد ترمب، حتى وإن تعرضت الدولة برمتها إلى ما يهدد أمنها وسلامها، ومستقبل أجيالها؟
تفوح من رائحة شوارع واشنطن وتقاطعات دروب نيويورك والكثير من المدن الأميركية الكبرى، التي تحظى بحضور ديمقراطي عتيق، رائحة الكراهية الشخصية للرئيس الأميركي، وما يشبه الثأر غير المبرر ومنبت الصلة بقصة المغدور جورج فلويد.
السؤال المثير: «هل من يسعى إلى شيطنة ساكن البيت الأبيض؟».
من الواضح أن النخبة السياسية الأميركية، غير قادرة على أن تغفر حتى الساعة لرئيس جاء من خارج سياقاتها المصابة بالكثير من العطب، وهنا فإن المرء يخشى من أن يكون حظ ترمب، مشابهاً لمصير أول رئيس كاثوليكي في تاريخ البلاد، لم يكن ذهنه محشواً بالرؤى اليمينية المتطرفة.
على مدى ثلاث سنوات شغل الديمقراطيون الأميركيين بقصص من اختلاقهم، حول علاقة ترمب بالروس في انتخابات 2016، ولم يقدر لهم أن يثبتوا أياً من تلك الاتهامات، فهل حان أوان العزف على أوتار العنصرية والعرقية، تلك الأسلاك العارية في الداخل الأميركي منذ زمان وزمانين؟
تبدو الموجة الديمقراطية في الأيام الأخيرة التي أعقبت الاعتداء على الشاب جورج فلويد وكأنها تهدف إلى الاقتصاص من ترمب وتحميله وزر التراث التمييزي للبلاد، وتظهره كمسؤول أول وأخير عن حال ومآل أميركا في ماضي الأيام وحاضرها.
أمور عدة لافتة للنظر ومثيرة للهواجس في الوقت ذاته، لا سيما أن حادث مينيابوليس ليس الأول ولن يكون الأخير من نوعه، منها انتشار العنف المدجج بالسلاح في أكثر من 23 ولاية، ونحو ثلاثين مدينة أميركية كبرى جلّها تدور في فلك الليبراليين من الديمقراطيين؛ ما يعطي مؤشراً بأن هناك من حاول ويحاول تحوير النظر وربما تحويله من عند جوهر الأزمة، أي «خطيئة أميركا الأصلية الكامنة في العنصرية»، إلى مقدرات الرئيس المقبل على الانتخابات الرئاسية لتجديد ولايته بعد نحو خمسة أشهر من الآن.
يبدو المشهد الأميركي وكأن الديمقراطيين يتلاعبون بمقدرات الأميركيين الأفارقة، وهذا أمر ليس بجديد عليهم، إنهم يفعلون ذلك بدغدغة مشاعر الأفارقة منذ وقت بعيد، وتصوير الحزب الجمهوري بوصفه الجماعة العنصرية التي تناصب السمر العداء، ويضحون بهم على مذبح العنف آخر الأمر.
تبدو الأدلجة واضحة جداً في طرق أميركا الأيام الماضية، وعوضاً عن السعي لخطاب العدالة والحلم الذي تكلم به مارتن لوثر كينغ في خطابه الشهير قبل ستة عقود تقريباً، ذاك الذي سعى إلى الاعتراض السلمي، ورفض العنف أداةً لحل الإشكال الذي طال، نرى نوعاً من تأجيج المشاعر ووغر الصدور من قبل الديمقراطيين تجاه إدارة الرئيس.
هل شجع ترمب على استخدام القوة؟
بالقطع لم يحدث، وما مضى في طريقه من محاولة استخدام «قانون التمرد» المصكوك عام 1807، أمر قانوني ودستوري، فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة بحسب الدستور، والمسؤول عن تأمين الولايات كافة ومن يعيش عليها، سواء في حالات الطوارئ القدرية، أو عدم كفاية قوات الشرطة المحلية، أو تقاعس الحكام لسبب أو لآخر، كما بدا للمراقب مؤخراً.
حاجج أعداء ترمب بزيارته كنيسة سان جون، ولم يتساءل هؤلاء وأولئك عن السبب الذي دفع المتظاهرين غير السلميين للسعي إلى إحراق تلك الكنيسة الخاصة برؤساء أميركا منذ مائتي عام، والسؤال ما علاقة الاعتراض السلمي على مقتل جورج فلويد بحرق مؤسسة روحية تاريخية؟
للمرة الأولى في تاريخ أميركا الحديث، يلاحظ المتابع للشأن الأميركي ما يبدر من رئيس سابق في سياق إدارة لاحقة، كما يفعل الرئيس أوباما وكأن للرجل أجندة خفية ما يسعى إلى إكمالها، لا سيما بعد حديثه عما سماه «الخطيئة العنصرية لمجتمعنا».
أوباما اعتبر أن العنف ارتكبه من كان منوطاً بهم حماية المواطنين، في إشارة صريحة غير مريحة لإدارة الرئيس ترمب، وهنا يعنّ للمرء أن يسائله «أين كان طوال ثماني في البيت الأبيض، وما الذي قدمه للرجل الأميركي الأفريقي، وبخاصة أن أرقام العنصرية في زمانه قد تصاعدت في أعلى عليين؟».
قدم ترمب للأميركيين الأفارقة الكثير، وربما أفضل من مد يده لهم منذ زمن إبراهام لنكولن، فقد عملت إدارته على ضمان تمويل المدارس والجامعات الخاصة بتعليم الطلبة المتحدرين من أصول أفريقية، ومرر قوانين إصلاح العدالة الجنائية، وقلص البطالة والفقر وسط صفوفهم، وبالقدر نفسه انخفضت نسبة الجريمة بمعدل تاريخي في مجتمعات السود، فعلى أي أساس تأتي رهانات الديمقراطيين على الأفارقة لقلب موازين الأمور في الداخل الأميركي؟
يكاد المهموم والمحموم بالشأن الأميركي أن يصدق أن مؤامرة الديمقراطيين ماضية قدماً لا سيما بعد تصريحات «بايدن النائم»، كما يحلو لترمب أن يسميه، والسؤال أين كان الرجل طوال أربعة عقود لم يترك فيها بصمة أو يتجلى عبر موقف، وثماني سنوات في البيت الأبيض نائباً لأوباما.
الخلاصة... العنصرية لا تفيد ورهانات الديمقراطيين الخاطئة أيضاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رهانات لا تفيد رهانات لا تفيد



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon