توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحرين وسلام الشرق الأوسط

  مصر اليوم -

البحرين وسلام الشرق الأوسط

بقلم : إميل أمين

في خطوة لم تكن مفاجئة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن اتفاق مملكة البحرين وإسرائيل على إبرام اتفاق سلام، واصفاً إياه بـ«الإنجاز التاريخي».
يجيء الاتفاق بعد نحو شهر من إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، والاستعداد لتوقيع المعاهدة رسمياً في واشنطن نهار غد الثلاثاء، الخامس عشر من سبتمبر (أيلول) الجاري.
مثير هو شهر سبتمبر، فقبل نحو تسعة عشر عاماً كان الحادي عشر من سبتمبر يحمل ذكرى أليمة لكل من يحب السلام حول العالم، واليوم تعوض الأيام بعضها عن بعض، عبر فتح مسارب ومساقات للسلام، تختصم من الكراهية والخصام، وتتيح الأمل للأجيال الشابة من أجل حياة يسودها الأمن ويعمها الاستقرار.
والشاهد أنَّ أول علامة استفهام ترتسم على الوجوه العربية بعد إعلان هذا النبأ، ترتبط حكماً بمآلات القضية الفلسطينية، وهل يأتي هذا القرار ليختصم من عدالتها وأهميتها، أم أنَّه سيعد بمثابة قوة دافعة جديدة وقيمة مضافة لزخمها في قادم الأيام؟
يبدو أن الجواب قد جاء في اللحظات الأولى المواكبة للاتفاق، على لسان عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي أكد ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين قائم على حل الدولتين.
والثابت عند كثير من المراقبين - وفي المقدمة منهم الرئيس ترمب - أن ما جرى بين المنامة وتل أبيب هو نوع من الاختراق التاريخي لتعزيز السلام في الشرق الأوسط، ذاك الذي أضحى الموت فيه عادة، وربما حان الوقت لتكريس الحياة للنماء وليس للفناء، وللوفاق وليس الافتراق، لا سيما والعهدة على الرئيس ترمب أن فتح الحوار والعلاقات المباشرة بين هذين المجتمعين الديناميكيين والاقتصادات المتقدمة، سيعزز عملية التحول الإيجابي شرق أوسطياً، وسيزيد الاستقرار والأمن والازدهار في المنطقة.
هل يوجه هذا الاتفاق البحريني – الإسرائيلي رسالة جديدة للشعب الإسرائيلي؟
المقطوع به أن ذلك كذلك بالفعل، فمن بعد مصر والأردن والإمارات، تجيء البحرين لتبعث برسالة مشجعة إلى الشعب الإسرائيلي، رسالة مفادها أن السلام الشامل والعادل مع الشعب الفلسطيني هو الطريق الأفضل والمصلحة الحقيقية لمستقبله ومستقبل شعوب المنطقة.
طوال ثمانية عقود تقريباً عاش الإسرائيليون وراء الجدران فيما يشبه «الغيتو» الكبير، والآن تأتي أكلاف السلام الحقيقية، بمعنى أن العالم العربي يضع شعب إسرائيل أمام تبعات السلام واستحقاقاته.
ليس السلام مجرد اتفاقيات رسمية، بقدر ما هو قيمة أخلاقية حقيقية تمارس من خلال عدالة شجاعة تُرجع الحقوق إلى أصحابها، ما يجعل أمر العلاقات الطبيعية مقبولاً ومعقولاً من كل الأطراف.
تاريخياً لم يكن للعالم العربي أي عداوات تاريخية مع اليهود بالمعنى الدوغمائي والعقائدي، وهو ما يقر به المؤرخون، فقد فتح العرب - والبحرين في المقدمة - أبوابهم لليهود، من غير عنصرية ولا تمايز، وبغير تطرف ديني أو إيماني؛ بل عاش اليهود بمواطنة كاملة، ومارسوا حياتهم بشكل تقدمي، ولهذا فإن فكرة الإنجاز التاريخي التي يتحدث عنها الرئيس ترمب، يمكن للمرء أن يتفهمها في هذا السياق الأخلاقي؛ لكن العبء الأكبر هنا يقع على إسرائيل، والمطلوب منها إظهار رغبة حقيقية في عدالة قائمة على إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومن غير أي ظلم أو إجحاف تاريخي بالقضية وعدالتها، وبحقوق الشعب الفلسطيني ومكتسباته التاريخية، ومن غير المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية على الأراضي المقدسة هناك.
لا يكفي أن يقول رئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو، إنه: «السلام من أجل السلام»، ذلك أن الإمارات والبحرين وربما غيرهما لاحقاً، هي دول لا توجد بينها وبين إسرائيل حدود، ولم يشهد تاريخها معارك عسكرية واحتلال أراضٍ كما الحال مع مصر والأردن سابقاً؛ بل إن الدولتين مضيتا في طريق السلام من أجل تهيئة أجواء للسلام العادل والعيش المشترك ضمن منظومة إنسانية، وبعيداً عن مفاهيم الكراهية والبغض، ومن أجل ترك آثار جيدة للأجيال القادمة تكفي شر القتال ومآسيه.
يمكن للمرء أن يشير وبكل تأكيد وتحديد إلى أن السلام الإماراتي الإسرائيلي يأتي ضمن خانة السلام الإيجابي الخلاق، أي السلام الذي لم يكن منطلقه إنهاء حالة الحرب بين متحاربين؛ بل هو السلام الذي يعزز تعايش أبناء الإقليم الواحد، ويهيئ أرضية إنسانية مشتركة لمجابهة تحديات مشتركة أكثر قلقاً.
التعاون البحريني الإسرائيلي يأتي في أوقات ضرب فيها الإرهاب وتفشى فيروسه في العالم برمته، ولم يوفر المنطقة منه، وهناك بالفعل قوى إقليمية تسعى لترتيب أوراقها لتكون المنفرد بمقدرات المنطقة بالقوة، الأمر الذي يستدعي تفاهمات وترتيبات قائمة بذاتها.
يفتح السلام كذلك طرقاً ومسالك لمواجهة جائحات العصر من خلال التعاون العلمي والطبي، وفيروس «كورونا» وما يفعله بالبشر يجعل العودة إلى فكر القلب الإنساني الواحد أمراً واجب الوجود، كما تقول جماعة الفلاسفة.
ولا يمكن للمرء أن يغفل الحاجة إلى تعاون اقتصادات دول المنطقة لتوفير سبل العيش الكريم لمواطنيها.
السلام تحدٍّ كبير لا يقدر عليه سوى الشجعان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحرين وسلام الشرق الأوسط البحرين وسلام الشرق الأوسط



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"
  مصر اليوم - رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز غلوب سوكر

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon