توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

واشنطن ـ طهران... أبواب الحرب ونوافذ السلام

  مصر اليوم -

واشنطن ـ طهران أبواب الحرب ونوافذ السلام

بقلم : إميل أمين

أضحت علامة الاستفهام المخيمة على سماء المنطقة في الساعات الأخيرة من العام المنصرم، ومع انبلاج فجر العام الجديد، موصولة بفرص الحرب والمواجهة بين واشنطن وطهران، لا سيما بعد عدد من النذر والشواهد الأولية، التي تشير في مجملها إلى أن المعركة قادمة لا ريب فيها، وإن ترك المرء كالمعتاد هوامش للكواليس والأبواب الخلفية.
تبدو إيران عازمة، ومع الذكرى السنوية الأولى لاغتيال رجلها في المنطقة الجنرال قاسم سليماني، على الثأر. وهو عزم عززته تصريحات عديدة، في مقدمها ما صدر عن المرشد علي خامنئي، حين أشار إلى أنه يتوجب على من أمر ونفذ اغتيال الجنرال سليماني أن يدفع الثمن، وأن الانتقام حتمي، ومتاح في أي فرصة.
يمكن للمرء أن يرى في التصريح السابق اتساقاً مع رؤية خامنئي للصراع، غير أن ما يشي بأن الملالي باتوا تحت ضغوطات داخلية هائلة، جعلت رؤوسهم ساخنة، وغير قادرة على التفكير الصائب، هو ما صدر عن الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي اعتبره البعض، عند نقطة زمنية معينة، ممثلاً للحمائم، وإن كانت وقائع التاريخ تخبرنا بأنه في إيران لا يوجد حمائم ولا صقور، وأن الأمر برمته هو تبديل أدوار وتغيير مواقع، ضمن إطار حركة مقرر ومقدر من جهة المرشد الأعلى.
روحاني قبل أيام أكد أن بلاده ستقطع رِجل أميركا في المنطقة مقابل قطعها يد سليماني، وأن طهران لن تتراجع عن الانتقام الذي هو حق لها. وضمن ما قاله أن تصويت البرلمان العراقي على إخراج القوات الأميركية كان عملاً كبيراً.
هل هذه وعود صريحة بات الشارع الإيراني ينتظر تحقيقها وإلا أضحت القيادة الإيرانية غير صادقة في عيون مواطنيها؟ وإذا كان ذلك كذلك، فهل يعني المشهد أن خطط إيران ماضية قدماً في هذه الساعات للانتقام، ومع الذكرى الأولى لاغتيال سليماني؟
الأسئلة كثيرة وسريعة، لا سيما أن التقارير الاستخباراتية الأميركية تشير إلى تدفق أسلحة غير مسبوق من إيران إلى العراق، وفي الوقت عينه تقطع بفرار قيادات عسكرية إلى طهران، خوفاً من الانتقام الأميركي.
دق إيران أبواب الحرب أو الولوج من نوافذ السلام أمر مربك، ولعل الحيرة في طهران هي السبب الرئيسي، فالملالي أمام خيارين أحلاهما مر، وحلين كلاهما أعرج؛ الانتقام لسليماني، والتعرض لجحيم الانتقام الأميركي، أو الصمت أملاً في أن يكون «العمدة الجديد»، بالتعبير الأميركي، أي الرئيس القادم، أكثر مرونة وتفاهماً، ويمكن معه تعويض خسائر إيران في السنوات الأربع العجاف لدونالد ترمب؛ لكن في المقابل ستبدو التصريحات الإيرانية الحنجورية وبالاً على مصداقية القيادات الإيرانية في أعين مواطنيهم ومريديهم في المنطقة.
هناك في واقع الأمر سيناريو ثالث لا توفره إيران في الحال أو الاستقبال، وهو توجيه سهام الانتقام إلى جيرانها في الإقليم، أولئك الذين تعتبرهم بطوناً رخوة، وهو ما قد لمَّحت إليه تصريحات أميركية عديدة الأيام الفائتة.
في كل الأحوال تظهر التحركات العسكرية الأميركية وتصريحات الجنرال فرانك ماكينزي، قائد القيادة المركزية الأميركية (سانتكوم)، أن واشنطن قابضة على الجمر، وما تحرك حاملة الطائرات «أبراهام لنكولن»، وتحليق قاذفات «بي - 52» الحاملة للقنابل النووية على اختلاف أشكالها، من استراتيجية كبرى، إلى تكتيكية صغرى، ومرور غواصات نووية لتكون بالقرب من الخليج العربي، إلا إشارات يفهمها العسكريون في إيران، إن كانت لهم بقية من فهم.
لا تبدو إيران راغبة في سيادة مفهوم السلام في المنطقة بحال من الأحوال، وليس أدق على صدقية ما نقول به مما جرى في اليمن نهار الأربعاء الماضي، لا سيما أن الصواريخ التي قصفت المطار وأوقعت القتلى والجرحى، هي صواريخ باليستية بعيدة المدى، إيرانية الصنع والتدريب، وهدفها الأول والأخير كان إعاقة عمل الحكومة اليمنية المتصالحة على أمل تحرير بقية التراب اليمني الوطني.
إيران مخزون استراتيجي من الشر يكفي الخليج العربي والشرق الأوسط ويفيض على بقية العالم. إنها العقلية الثيولوجية، تلك التي تؤمن بفكر امتلاك الحقيقة المطلقة، والتي لا تقبل فلسفة المواءمات أو قسمة الغرماء. إنها لا تعرف سوى الامتلاك الكلي، والهيمنة السادرة في غيها، ولعل هذا ما دفع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى تصريحه الأخير: «لن نصبح رهينة للابتزاز الإيراني، بعدما زرع النظام الإيراني عدم الاستقرار والإرهاب في المنطقة، وبات مهدداً للولايات المتحدة ولحلفائها في المنطقة».
السؤال الجوهري والنهائي: «هل يوجد في إيران في هذه الأوقات من هو قادر على إطلاق شرارة حرب كارثية نتائجها بالمواجهة مع أميركا؟».
لن نتكهن بالجواب؛ لكن على أقل تقدير لو كان هناك عاقل في الداخل الإيراني لأدرك أن إسالة أي نقطة دم لأميركي في العراق أو منطقة الخليج، أو في أي بقعة أو رقعة حول العالم، سوف يجعل من عملية «براينغ مانتس» التي جرت في 18 أبريل (نيسان) 1988 عندما شن الطيران الأميركي هجمات على موانئ إيران أغرق فيها نصف الأسطول، وأدى إلى نهاية الحرب الإيرانية العراقية، وإعلان الخميني تجرعه كأس السم إنقاذاً لبلاده، نقول: سيجعل من هذه العملية نزهة خلوية، مقارنة بما يمكن أن يحدث.
من الآن وحتى 20 يناير (كانون الثاني)، تواجه طهران أسداً جريحاً في البيت الأبيض، رئيساً يسعى لاسترداد بعض من هيبته بأي شكل ممكن، وقد يكون الانتقام الإيراني طاقة الفرج بالنسبة له.
الغضب الإيراني غير المحسوب سوف يستبعد أوراق الدبلوماسية من على طاولة بايدن، ويفتح أبواب الحرب، ويغلق نوافذ السلام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن ـ طهران أبواب الحرب ونوافذ السلام واشنطن ـ طهران أبواب الحرب ونوافذ السلام



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon