توقيت القاهرة المحلي 22:43:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتخابات مصرية في أزمنة مصيرية

  مصر اليوم -

انتخابات مصرية في أزمنة مصيرية

بقلم : إميل أمين

  وقت ظهور هذه السطور للنور تكون المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية قد انطلقت في الخارج لتعقبها المرحلة الثانية في الداخل بعد أيام قلائل ومعها يعنّ لنا أن نتساءل: هل هي انتخابات رئاسية مصيرية بالفعل؟

لا يستقيم الجواب دون معرفة أين كنا؟ وأين أصبحنا؟ وإلى أين نتطلع، وما وجهة المسير والمصير؟

لعل مصر لم تعرف مرحلة أزمة خطيرة مثل تلك التي عاشتها خلال السنوات من يناير (كانون الثاني) 2011 إلى يونيو (حزيران) 2013، والخطورة هنا لا تمثلها المخططات الخارجية فقط، بل الكارثة جرت بها المقادير عبر النسيج المجتمعي المصري، ذاك الذي كاد ينحو إلى الحرب الأهلية قبل أن يعي المصريون هول المشهد، ويعرفوا كيفية الفكاك من المصير المحتوم.

لا نغالي إن قلنا إن السنوات الأربع المنصرمة على قسوتها، والتحديات التي مر بها المصريون شكلت كذلك صورة لإرادة شعب يعشق الحياة، ويصمم على الخروج إلى النور، على العكس من كتابه التاريخي المعروف باسم «متن الموتى».

أربعة أعوام كان الاستثمار الحقيقي فيها في البشر قبل الحجر، بمعنى العمل الجاد الدؤوب على إعادة اللحمة والسدى بين صفوف المصريين، والقفز فوق أي ملامح تمايز آيديولوجي أو دوغمائي، طائفي أو مذهبي؛ فالإنسان هو القضية وهو الحل.

الذين يتذكرون الأوضاع في الداخل المصري قبل أربعة أعوام يجزعون من هول ما كانت مصر ماضية في طريقه من تقطيع أوصال في الداخل، وعلاقات مأزومة في الخارج، وإرهاب يتربص بها في الضحى والعشية، وطابور خامس لا يريد لها الخير، ناهيك عن أوضاع اقتصادية متردية، وباختصار غير مخل انسداد تاريخي غير مسبوق في بلد السبعة آلاف سنة دون شوفينية.

شاءت الأقدار وبعزم لا يلين، وحزم لا يستكين، أن يبدل المصريون المشهد، والحال اليوم يغني عن السؤال، فها هي مصر تعود إلى دورها المحوري الإقليمي، ومن جديد تشرق شمس العروبة على نيلها وسمائها وهوائها، على بشرها وحجرها معاً، لتعود كما كانت عموداً وركيزة أساسية للخيمة العربية التي كادت تقتلعها رياح «الربيع المسموم».

نجحت مصر خلال السنوات الأربع المنصرمة بقيادة عقلانية عصرانية مغرقة في الوطنية إلى أبعد حد ومد في إعادة رسم الخطوط وبلورة الخيوط في علاقاتها مع العالم الخارجي دون ارتهان القرار المصري إلا للمصريين أنفسهم، ودون الانحياز غير الخلاق إلا للحق والعدالة، وإحقاق الحقوق، والسعي للسلام في منطقة مشتعلة بالخصام.

اقتصادياً، ها نحن نرى حساب الحصاد موافقاً لحساب الحقل، ومصر التي كانت روح التنمية قد فارقتها قبل بضع سنوات، ها هي من جديد تستيقظ من سباتها لتأمر الجبل أن ينتقل فينتقل، أما الطبيعة والمنن الربانية فلم تكن أقل جوداً وكرماً، ولا سيما وهي تجود بما في باطنها لتنفجر ينابيع الغمر من الغاز والنفط، ويمضي السعي وراء ثروات مصر الطبيعية من جنوبها إلى شمالها، ومن شرقها إلى غربها.

هل هي روح النهضة تعمّ مصر من جديد ساعية إلى لحظة ميلاد فارقة؟

أغلب الظن أن ذلك كذلك فعلاً وقولاً، وعليه تبقى الانتخابات الرئاسية المصرية هذه الأيام نقطة مفصلية بين تفضيلين؛ فإما السعي لإكمال قصة كفاح شعب مصر ضد الذات المنقوصة التي أرادها لنا البعض ولا يزال، وإما الاستسلام في زمن لا رحمة فيه لضعيف ولا فرصة ثانية لمتخاذل.

لا تقل اللحظة الآنية أهمية، وربما هي أكثر خطورة من أيام حرب الأيام الستة؛ ومرد ذلك أن العدو في ذلك الزمان كان واضح المعالم ومعروف الأبعاد، في حين تحارب مصر اليوم عدواً مستتراً، وإرهاباً أعمى يريد أن يقضي على الأخضر واليابس، وما يحدث في سيناء ليس إلا حرباً ضروساً ضد جماعات ظلامية تدعمها دول وجيوش تبني لها مخابئ على أعلى درجة من المهارة الهندسية، وتزودها بأسلحة منها صواريخ غراد وكورنيت، وربما ستينغر.

وقت كتابة هذه السطور أيضاً كانت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية تتحدث عن وجود جبهة جديدة من الإرهابيين تخطط لضرب مصر من الغرب، جبهة هي مزيج من «القاعدة» و«داعش» تحاول اختراق الصحراء الغربية لتحيل حياة المصريين إلى قلق في النهار وأرق في الليل.

ليس سراً يذاع أن نهضة مصر ومشروعاتها للصحوة الإنسانية أولاً والمادية تالياً أمر لا يرضي قوى بعينها، بعضها يحمل أحقاداً تاريخية لمصر المحروسة، والبعض الآخر تتقاطع مصالحه الاستراتيجية مع إرادة المصريين الذين أصابوا مشروعه للهمينة على مقدرات العالم في سويداء القلب قبل خمسة أعوام، ومن هنا يدرك المرء الدلالات المصيرية للانتخابات الرئاسية المصرية.

المصريون ليسوا فقط مدعوين للذهاب إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس، بل أكثر من ذلك أنهم مدعوون للتصويت على بقاء مصر دولة فتية خلّاقة ولّادة، مصر صاحبة المشروع الحاضر دون انتظار «جودو»، مصر فعل الديمومة الذي يغير من وجه الحياة إقليمياً وعالمياً؛ ولهذا تبقى دعوات مقاطعة الانتخابات ضرباً من ضروب الخيانة للذات المصرية

 نقلً عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات مصرية في أزمنة مصيرية انتخابات مصرية في أزمنة مصيرية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon