توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المعجزة الصينية في العام الجديد

  مصر اليوم -

المعجزة الصينية في العام الجديد

بقلم : إميل أمين

على هامش احتفالات الصين بعامها الجديد حسب تقويمها القديم، أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ، عن انتصار بلاده على الفقر في البلاد، بعدما تمكن من رفع 100 مليون صيني من تحت خط الفقر، معتبراً أن ذلك قد تم بفضل الجهود المشتركة للحزب الشيوعي الصيني، وللشعب الصيني عينه.
ولعل السؤال الذي يتردد على الألسنة حول العالم منذ تصريحات شي، هو: كيف فعلتها الصين التي تعد الأكبر تعداداً حول العالم، كأن هناك خطأ ما في رؤية مالتوس الاقتصادية، حيث موارد الأرض تزداد بمتوالية عددية، في حين سكان الصين يزدادون بمتوالية هندسية؟
لا يرتبط الجواب بأزمنة، فقط في واقع الحال، ذلك أن نهوض الصين ربما يرجع إلى سبعينات القرن الماضي، وسياسات الإصلاح والانفتاح التي اتّبعتها بكين، وقد مكّنتها بالفعل من انتشال 770 مليوناً من سكان الريف من براثن الفقر.
تمضي الصين بالفعل بخطوات واثقة وتدريجية، في طريق مكافحة الفقر، وقد كثّفت جهودها في السنوات الثماني الماضية، حيث أطلق الرئيس الصيني، بوق القرن، في عام 2013، بهدف التخفيف من عناء الفقر، خلال رحلة تفقدية إلى مقاطعة هونان في الجزء الأوسط من البلاد.
يلفت النظر أنه على الرغم من أزمة نشوء جائحة «كوفيد - 19» في القلب من الصين، فإن ذلك لم يقطع عليها طريق النمو والتقدم إلى الأمام، وإن تراجع بعض المعدلات قليلاً، إلا أنه وفي ذات الوقت، مكّنت الصينيين من التحرك إلى الأمام، على العكس من الكثير من الدوائر الرأسمالية الغربية، التي تكبّدت فيها الاقتصادات خسائر فادحة سوف تنسحب على الأجيال القادمة.
معجزة الصين الاقتصادية، واستنهاض الصينيين من تحت خط الفقر، أمر يقوم على قواعد علمية اقتصادية سديدة، ورؤية جمعية كونفوشيوسية تحكم البلاد، قادةً وشعباً، وفيها النظر إلى الجميع على أنهم كلٌّ واحد، حتى وإن كانت هناك خلافات في الظاهر، إلا أنه كذلك توجد رؤية واسعة لتجميع الخيوط، وتنسيق الخطوط بين سكان الريف والمدن، لصالح الدولة بشكل إجمالي.
اتخذت الصين إجراءات اقتصادية جديرة بالتأمل في مكافحتها للفقر في الداخل الصيني، لا سيما بعد أن أدخلت فكرة الإصلاح التقاعدي، أي المعاشات، والتي كانت غائبة عن الصين حتى سنوات قليلة، فيما اليوم لا يكاد يوجد كبار سن من دون مدفوعات حكومية.
اهتمت الحكومة الصينية بفكرة التوسع في المدن، والاعتناء بقدرتها على استيعاب المزيد من الفارّين من نيران الفقر في القرى، الأمر الذي مكّنها من إتاحة الفرصة للملايين، من أجل كسب المزيد من الأموال، ومن الطبيعي أن يتسع الإنفاق، وتدور العجلة الرأسمالية بمستويات طول وعرض أوسع، لتقلص من الفقر، وتعطي مجالات حرة للعيش الكريم.
نجحت الصين، على الخلاف من دول غربية عديدة، في رفع شأن الطبقة الوسطى، والمعروفة سيسيولوجياً بأنها الجماعة البشرية التي عادةً ما تكون مدفوعة بأحلام الترقي والصعود إلى الأعلى على سلم الأوضاع الاجتماعية.
في هذا السياق يمكن القطع بأن الصين برعت في تشكيل طبقة وسطى معاصرة تبلغ اليوم نحو 400 مليون نسمة، هؤلاء يزخمون العملية التعليمية، ويوفرون كوادر خلّاقة لمصانع الصين، حيث الإنتاج الوفير القادر على التصدير إلى أي قوة أخرى أوروبية أو أميركية.
الجزئية الأخيرة التي تستحق التركيز عليها، هي نجاح الصين في تحويل ملايين من المزارعين إلى القطاع الصناعي، والناظر إلى الأسواق العالمية اليوم يجدها غارقة بالمنتجات الصينية، على اختلاف جودتها، وأسعارها، وليس سراً أن الصين ترسل ما يشبه البعثات التجارية، ظاهرةً أحياناً ومتخفية في أحيان أخرى، إلى عواصم الدول ذات القوة الشرائية للتعرف على احتياجاتها، ومن ثم فتح مجالات للصادرات، ما جعل من الصين قوة ردع نقدي، ومكّنتها من تقديم القروض، من غير ربطها بشروط حقوق الإنسان، والدمقرطة، أو غيرها، ما يجعل طريق الصين إلى العالم النامي لا سيما أفريقيا، مفتوحاً في القرن الحادي والعشرين بشكل غير مسبوق.
هل يعني ذلك أن الصين أهملت القطاع الزراعي؟
لم ولن يحدث ذلك، فالصين تعرف أن مسألة الغذاء تمثل أمناً قومياً، ولهذا تَرِدنا الأخبار من الصين مؤخراً، بأنها تسعى إلى تجارب تغازل بها المناخ العالمي، وبنوع خاص فكرة الأمطار الصناعية، التي تمكّنها من زراعة ملايين الأفدنة، للحصول على المحاصيل اللازمة لحياة الصينيين في الحال، ومراعاة ازدياد عدد السكان في الاستقبال.
ولأن الذين يقرأون لا ينهزمون، ولأن العلم والمعرفة هما طريق التنمية والترقي من غير أدنى شك، لذا يمكن القول إن الاهتمام الصيني بالتعليم الجامعي، انعكس حكماً على الدخول في عالم اقتصاد الابتكار، ومن ثم إنشاء مهن جديدة وتوفير دخول مالية جديدة.
معجزة الصين الحقيقية هي الإرادة والإيمان بالذات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعجزة الصينية في العام الجديد المعجزة الصينية في العام الجديد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon