توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أميركا... الطريق الثالث وأوان الانشقاق

  مصر اليوم -

أميركا الطريق الثالث وأوان الانشقاق

بقلم : إميل أمين

كيف يمكن الخلاص من إرث الرئيس دونالد ترمب؟ يبدو أن هذا هو السؤال الذي بات يقضّ مضاجع قيادات الحزب الجمهوري الأميركي.
على هامش محاكمة الرئيس ترمب التي تجري في مجلس الشيوخ، جرت المقادير الأيام القليلة الماضية باجتماع على أعلى مستوى، ولو في العالم الافتراضي، بين المسؤولين السابقين في الحزب الجمهوري؛ أولئك الذين يمثلون الجناح التقليدي للحزب، الذي يرى أن ترمب قد أضر بالحياة السياسية والديمقراطية الأميركية، وأنه لمواجهته في الحال، ومجابهته في الاستقبال، يتعين عليهم تشكيل حزب أو طريق جديد ثالث ذي توجه «يميني وسطي»، والعهدة هنا على وكالة «رويترز» للأنباء التي نقلت الخبر عن أربعة أشخاص شاركوا في الحوار.
الهدف المعلَن للطرح الجمهوري المثير هذا، هو توفير، ولو بشكل مبدئي، مرشحين جمهوريين قادرين على التزام الدستور، وسيادة القانون، وهي أفكار يؤمن المحافظون من الجمهوريين أنها تعرضت لعسف وخسف شديدين من قبل ترمب وفريقه، وأنه حان الوقت لتصويب مسار الحزب الأميركي الكبير.
هل هناك من سيناريوهات تجعل للجمهوريين مدركات خفية من اللقاء الأخير؟
المؤكد أن ذلك كذلك، لا سيما إذا كانت حصيلة محاكمة ترمب هي البراءة، وهو أمر متوقّع، بدرجة كبيرة، وأي احتمال آخر يعني انتحار الحزب الجمهوري بشكل علني... ماذا يعني هذا الحديث؟
في الأيام الأخيرة لترمب في البيت الأبيض، أدرك الرئيس السابق أنه من الصعب الوقوف في وجه العاصفة، لكنه قد يكون من المناسب الاختباء عند الذروة، ثم العودة إلى الميدان، بعد انجلاء الأجواء.
كشفت «وول ستريت جورنال»، في 20 يناير (كانون الثاني) المنصرم، عن النقاش الذي دار بين ترمب ومساعديه، فضلاً عن أشخاص مقربين ومستشارين، حول تأسيس حزب سياسي أميركي جديد، غالب الأمر سيكون اسمه «الحزب الوطني».
في هذا السياق، يكون من اليسير فهم لقاء كوادر الحزب الجمهوري مؤخراً، إذ يجيء كخطوة استباقية لما يمكن لترمب أن يقدم عليه.
السؤال الجوهري: هل يمكن لترمب بالفعل أن يمضي في سياق هذه الخطوة التي تمثل الطريق الثالث من جهته، وبالنسبة أيضاً لكثير من الأميركيين، جمهوريين وديمقراطيين، من الذين ملوا من الشكوى بسبب الفساد الذي عم الحياة السياسية الأميركية؟
يمكن القطع بأن مسألة الإمكانيات المالية متوافرة لدى ترمب، أما القاعدة الجماهيرية الشعبية فتعد بالملايين، لا سيما إذا أخذنا في عين الاعتبار أن بعضاً منهم لم ينخرط في السياسات الجمهورية قبل حملة ترمب الرئيسية في عام 2016.
الأرقام لا تكذب ولا تتجمل، وهذا ما يجعل عتاة الجمهوريين يشعرون بقلق بالغ من قبضة ترمب على الحزب الجمهوري، حتى بعد أن خسر الانتخابات الرئاسية، وإن كان هناك نحو 74 مليون جمهوري صوّتوا له يؤمنون بأنها انتخابات مزورة، وأن أركان الحزب الجمهوري متآمرون مع الحزب الديمقراطي؛ فقد جاء ترمب من خارج إطار النخبة السياسية، ليفسد عليهم رؤيتهم الفوقية، لاختطاف أميركا، بلغة اليمين المتشدد.
من بين تلك الأرقام ما أظهره استطلاع رأي أجرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، عشية الانتخابات الرئاسية، أظهر تأييد 54 في المائة من قواعد الحزب الجمهوري للرئيس السابق ترمب، مقابل 38 في المائة لقيادات أخرى.
وفي الأسبوع الأول من شهر فبراير (شباط) الحالي، كانت صحيفة «ذا هيل» الأميركية تشير بدورها إلى أن 64 في المائة من الناخبين الجمهوريين قد أعربوا عن استعدادهم للانتقال إلى حزب جديد بزعامة ترمب، فيما قال 32 في المائة إنهم سينضمون على الأرجح.
على أن الأمر الذي جعل عتاة الجمهوريين والديمقراطيين في حيرة من أمرهم تجاه ترمب، هو أن 28 في المائة من المستقلّين المستطلعة آراؤهم، و15 في المائة من الديمقراطيين، مستعدون للانضمام إلى حزب ترمب الجديد.
نحن هنا في واقع الحال أمام جناح ترمبي جمهوري، باقٍ على المدى الطويل، يعتريه الغضب، وأعداد مؤيديه كبيرة، ونفوذه السياسي قوي داخل الحزب الجمهوري، والحديث على لسان البروفسور تيري مو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ستانفورد الأميركية.
ما الذي فعله دونالد ترمب خلال سنواته الأربع الماضية، ليحصد هذه الشعبية الفائقة داخل الحزب الجمهوري؟
بحسب غالبية المفكرين الأميركيين الكبار، وفي مقدمهم فرنسيس فوكوياما، فإن ترمب استطاع أن يعزف على أوتار التهميش التي تعرض لها الرجل الأبيض، لا سيما الشرائح العمالية التي تعتقد أن مصالحها تكمن في الالتفاف حول زعيم يتصدى للصين، ويناصر الحريات الدينية والشخصية، تلك التي تعرضت للذوبان في وسط صخب الحياة الأميركية، في العقود الخمسة الأخيرة.
ناهيك من ذلك، فإن سياسات ترمب المناهضة للهجرة قد لاقت ترحيباً كبيراً عند الخائفين من الانقلاب الديموغرافي في التركيبة السكانية الأميركية، كما أن وعوده بزيادة أجور العمال، وخلق فرص عمل أكثر، وترديده لشعار «أميركا أولاً»، قد خلق رابطاً قوياً يقوم على نزعة قومية أكسبته الملايين من الأميركيين.
خسر الجمهوريون الانتخابات الرئاسية، لكن هناك ما لم يتوقف الكثيرون أمامه، وهو فوزهم بغالبية المجالس التشريعية في الولايات الخمسين، ما يجعل من إمكانية عودتهم للسيطرة على مجلس النواب في 2022 أمراً ممكناً، وإذا نجحوا في ذلك يمكن أن يكون لترمب عودة وعد بها نهار رحيله.
الجمهوريون في مجلس الشيوخ في مأزق؛ إن اختاروا تبرئة ترمب، سيبدون داعمين لحدث مجافٍ ومنافٍ لقواعد اللعبة الديمقراطية الأميركية، وإن دعموا إدانته، فسوف ينهار الحزب الجمهوري على رؤوس الأشهاد.
الخلاصة: الفكاك من شباك ترمب أمر صعب على الأميركيين... إنه الطريق الثالث حكماً، وأوان الانشقاق بكل تأكيد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا الطريق الثالث وأوان الانشقاق أميركا الطريق الثالث وأوان الانشقاق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon