توقيت القاهرة المحلي 20:21:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ليندوا»... ومستقبل البشرية المشترك

  مصر اليوم -

«ليندوا» ومستقبل البشرية المشترك

بقلم : إميل أمين

على مدى ثلاثة أيام شهدت مدينة ليندوا في ولاية بافاريا جنوب ألمانيا اللقاء العاشر لرابطة «الأديان من أجل السلام»، والتي تأسست عام 1970 وتتألف من مجلس عالمي لكبار القيادات الدينية من جميع مناطق العالم، وتعد أكبر تحالف أممي متعدد الأديان.
أدرك القائمون على الرابطة مبكراً جداً الجواب عن تساؤل الكاتب والمفكر الفرنسي الكبير أندريه مالرو، ذاك الذي طرحه في ستينات القرن الماضي عن طبيعة وهوية القرن الحادي والعشرين وهل سيكون قرناً دينياً أم لا؟
والشاهد أنهم استشرفوا مسبقاً أنه سيكون قرناً مغرقاً في التدين، وربما لم يتوقع جلهم أن تكون الأصولية الدينية هي أخطر ملامح هذا القرن، ولهذا يأتي هذا اللقاء من أجل العمل معاً على البحث في مستقبل البشرية المشترك، والدور الذي تلعبه الأديان ورجال الدين من مختلف الأطياف والأطراف في توحيد شأن البشرية، وتعزيز العمل المشترك بين المجتمعات الدينية عالمياً، من أجل بسط سجادة السلام المحبوبة، وإبعاد أشباح الحروب والصراعات المكروهة، ومكافحة النزاعات، والنهوض بالتنمية البشرية، وتعزيز المجتمعات العادلة والمتناغمة، ومن دون إغفال ما يتعرض له كوكب الأرض من مخاطر جسيمة تكاد تهلك كوكبنا الأزرق مرة واحدة وإلى الأبد.
في كلمته الافتتاحية ذهب الرئيس الألماني فرانك فالترشتاينماير، إلى النظر إلى الأديان بوصفها داعماً قوي التأثير ومرناً بالنسبة إلى السلام، ويمكنها تقديم خدمة لا غنى عنها ولا يمكن الاستغناء عنها أيضاً بالنسبة إلى عموم البشر، مضيفاً أنه يمكن أيضاً إساءة استغلال الإيمان والدين، واعتبارهما في بعض المرات دوافع لنيات غير دينية وتسخيرهما من أجل أهداف سياسية.
والثابت أن لقاء ليندوا يأتي في توقيت مثير وحساس، حيث يرتفع خطاب الكراهية ضد الأديان بشكل مخيف حول العالم، ونرى بنوع خاص حالة تحريض ضد أتباع الأديان، الأمر الذي دعا الكثيرين لا سيما من الشباب حول البسيطة إلى التساؤل المخيف التالي: «هل الأديان هي سبب العنف والحروب والخلافات التي نشهدها حول العالم؟».
يمكن القطع بأن الأديان لم تكن يوماً السبب فيما يجري حول الكرة الأرضية، ولهذا لا ينبغي إلقاء اللوم عليها في ذاتها، بل يتوجب إلقاء اللوم على أولئك الذين يسيئون تفسير المعتقد الديني، أو يتلاعبون به لارتكاب الشر، على أساس أنه من عند الله، وذلك لتحقيق أغراض سياسية أو آيديولوجية.
تركزت النقاشات هذا العام على دور المرأة في عمليات السلام، وهو دور رئيس في واقع الأمر، ذلك أن المرأة منوط بها أن تغرس قيم السلام والحب، والأمل والرجاء، والطمأنينة والتواصل، في نفوس الأطفال منذ بواكير حياتهم، والتاريخ يخبرنا بأن المرأة كانت سبباً في إحلال السلام أو قيام الحروب عبر الأجيال التي تربّت على قيم الكراهية أو مبادئ المودّات.
لم تكن المملكة العربية السعودية لتغيب عن هذا الحضور الخلاق، فعبر مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات «كايسيد»، كان الحضور السعودي المشارك بفعالية وجدية، بل يمكن القول، المشارك برصيد تقدمي من الأنشطة الدولية التي تسعى في طريق تعميق السلام وإزاحة شبح الخصام.
يلفت النظر أن هناك مصادفة بعينها بين التركيز على دور المرأة في إحلال السلام حول العالم، وما تقوم به المملكة في الأوقات من تذليل العقبات أمام المرأة السعودية، من أجل أن تسترجع ما كان لها من مكانة في صدر الحضارة العربية والإسلامية، ما يجعل منها قيمة مضافة حقيقية، وليست عبئاً كما صوّرها البعض لعدة عقود خلت.
العلاقة بين «كايسيد» و«رابطة الأديان»، من أجل السلام ليست وليدة اليوم، فقد استضاف المركز عام 2013 أحد لقاءات هذا التجمع ونتج عن ذلك اللقاء عدة مشاريع لدعم التعاون متعدد الأديان في البلدان التي تنوء بأعمال العنف، وإتاحة الفرص للشروع في عملية بناء السلام، فضلاً عن مد وبناء الجسور بين القيادات الدينية المتنوعة في مناطق مختلفة حول العالم، خصوصاً التي تشهد نزاعات يُستغل فيها الدين لتسويق التطرف والعنف، والحث على ارتكاب أعمال إرهابية، ناهيك عن صياغة إجماع أخلاقي عميق بشأن التحديات المعاصرة.
بات العالم ونحن على مشارف العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين أمام ثلاثة أشكال من الإرهاب الموجّه إلى أتباع الأديان، والتي يتوجب إدارتها والوقوف صفاً في مواجهة القائمين عليها بالفكر والقول والفعل.
الإسلاموفوبيا، والكراهية الواضحة، وتأليب الشعوب على بعضها بعضاً تقلب العالم إلى جحيم، وما قام به «داعش» ومَن لفّ لفه دليل على سوء الكارثة، ثم معاداة السامية الموجهة ضد يهود العالم.
ذات مرة من ثمانينات القرن المنصرم أشار عالم اللاهوت السويسري الشهير هانز كنغ إلى أنه «لا سلام بين الأمم من دون سلام بين الأديان»... اليوم تثبت صحة هذه المقولة جملةً وتفصيلاً، إن أردنا مستقبلاً أفضل للإنسانية بأسرها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ليندوا» ومستقبل البشرية المشترك «ليندوا» ومستقبل البشرية المشترك



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon