توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مجلس دول البحر الأحمر... السعودية ورؤية تقدمية

  مصر اليوم -

مجلس دول البحر الأحمر السعودية ورؤية تقدمية

بقلم : إميل أمين

وسط زخم الأحداث وتتابع التطورات المثيرة في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي، جاءت فكرة تشكيل مجلس للدول المطلّة على البحر الأحمر بمبادرة من المملكة العربية السعودية في الوقت القيم، حيث بات أمن ذلك البحر الواسع مسألة آنية تفرضها ظروف المواجهات الإقليمية والدولية، وبنوع خاص بعد الصراع الذي احتدم ما بين واشنطن وطهران.
كثيرة هي التهديدات التي تتعرض لها هذه البحيرة العربية الأفريقية، التي تجاوزت الحضور الأممي للدول الكبرى، مثل أميركا وروسيا والصين عطفاً على الدول الأوروبية، إلى كيانات إقليمية لا تحمل الخير تاريخياً للعالم العربي، وفي المقدمة منها تركيا وإيران، وبات البحر الأحمر من جنوبه إلى شماله محط أطماع القاصي والداني.
أفعل وأفضل ما في طرح مجلس دول البحر الأحمر وخليج عدن أنه طرح ذاتي ورؤية عربية تقودها المملكة لمواجهة نوازل الوقت الحاضر، ولهذا أخذ سريعاً مباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لا سيما أنها تخدم مستقبل المنطقة واستراتيجية الحضور العربي في مواجهة ومجابهة أطماع لم يعد أصحابها يوارون أو يدارون أهدافهم غير المشروعة في الحل والترحال.
التفكير التقدمي للمملكة في هذا الإطار أفضل مَن عبّر عنه الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، الذي أشار إلى أن المملكة «تأمل في عدم التصعيد أكثر في المنطقة في هذا الوقت العصيب»، لكنه وفي الوقت ذاته كان يشير إلى أننا «علينا أن نعي المخاطر التي تحفّ بالأمن العالمي، وليس فقط بالمنطقة، ونأمل أن يأخذ كل اللاعبين الاحتياطات اللازمة لمواجهة أي تصعيد مقبل».
الهدف الرئيسي من هذا الكيان الوليد الجديد ينطلق من استشعار حقيقي وواقعي لسخونة الأجواء والسيناريوهات المفتوحة على مصراعيها، التي تبدو ككرة الثلج المتدحرجة من قمة الجبل إلى سفحه، في انتظار القدر الموعود بالانفجار، وهو ما لا يتمناه أحد، لكن الرغائب والتمنيات شيء، وتقدير المواقف والسيناريوهات الاستشرافية شيء آخر.
يبقى الشغل الشاغل لمجلس الدول المطلّة على البحر الأحمر وخليج عدن التنسيق والتشاور حول الممر المائي، الذي يمثل أهمية اقتصادية وتجارية واستثمارية للاقتصاد العالمي بأكمله، باعتبار البحر الأحمر المعبر الرئيسي للتجارة العالمية بين دول شرق آسيا وأوروبا.
ليس سرّاً أن هناك مطامع عديدة في ثروات هذه البحيرة العربية الأفريقية، لا سيما أنه بات معلوم للجميع أن حروب العقد الجديد من القرن الحادي والعشرين حكماً سوف تدور حول الصراع على المياه من جانب، والغاز والنفط من جانب آخر، وما نراه من أطماع دولة مثل تركيا وتحركاتها المريبة في المنطقة يستدعي بلورة أجندة مستقبلية لملاقاة صحوات استعمارية.
لا تبدو أفكار العثمانية الثانية فقط مهدداً للبحر الأحمر؛ فهناك الجانب الإيراني وأفكاره التي تمثل الشر المجاني لكل ما هو عربي وخليجي من جهة، وصراعه مع الولايات المتحدة الأميركية المتصاعد في أعلى عليين، وبين هذا وذاك لا يعدم الملالي وضع الخطط القاتلة للبحر الأحمر، وتصريحاتهم السابقة واللاحقة تؤكد أن مياه هذه البحيرة العربية الأفريقية يمكن أن تكون عند لحظة بعينها كارثية لأمن الدول المطلة عليها.
ولعل الناظر إلى الدول التي وقّعت في الرياض على ميثاق تأسيس المجلس، وهي السعودية ومصر والأردن والسودان واليمن والصومال وجيبوتي، يدرك أن لديها فرصة جيدة لبلورة عمل جماعي يصون أمن البحر الأحمر في مواجهة جميع التطورات المتوقعة وغير المتوقعة من جهة، خصوصاً أن عام 2020 يبدو أنه عام التصدعات الأممية الكبرى، والتعبير هنا للأمين العام للأمم المتحدة السيد غوتيريش على هامش افتتاح العام الأربعين لأنشطة منظمة «اليونيسكو» مؤخراً.
في مقدمة تلك التصدعات الانحلال الأممي كما سمّاه، وربما لم يشأ الرجل الكبير المنصب بسط حالة من التشاؤم حول العالم بالقول إنها المناخات والسياقات التي يمكن أن ينزلق فيها العالم إلى مواجهة كونية ثالثة.
تقودنا فكرة الميثاق إلى تفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري بشكل كبير، والشعوب في حاضرات أيامنا، ومع المخاوف من أن يكون العام الجديد عام أزمة اقتصادية دولية، تتطلع إلى المزيد من أفكار الإبداع التي تتجاوز رؤى وطروحات الاقتصاد الكلاسيكي المعولب والمقولب، وفي منطقة واسعة وفسيحة هناك آفاق أكثر من رائعة لفرص النماء، وليس لأفكار الحرب والفناء.
تبدو هناك علامة استفهام أخرى في الأفق؛ ماذا عن التعاون الأمني؟ وهل بالضرورة أن يكون أحد أوجه المجلس عسكرياً؟
من المؤكد أن التنسيق الأمني اليوم يتجاوز فكرة إنشاء قوة خاصة، فكل دولة من أعضائه لديها خططها العسكرية وحضورها البحري، ولهذا يكفي التنسيق الجماعي والتنادي في حال الخطر، وليس أخطر من الأوقات الحاضرة، حيث العالم القديم يحتضر والجديد يولَد، وولادته متعسرة، ولهذا فإن القديم مرئي، بينما الجديد يغلفه الضباب، وهذه صعوبة المشهد.
هذا كلُّه يؤكد أهمية المملكة في تنسيق المواقف والجهود العربية والأفريقية في الأوقات الحرجة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجلس دول البحر الأحمر السعودية ورؤية تقدمية مجلس دول البحر الأحمر السعودية ورؤية تقدمية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon