توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تضحى تونس منصة حرب؟

  مصر اليوم -

هل تضحى تونس منصة حرب

بقلم : إميل أمين

من غير مداراة أو مواراة بات السؤال على الألسنة شرق أوسطياً منذ الأربعاء الماضي وغداة الزيارة غير المعلنة، التي دارات فعالياتها في الخفاء، إلا من مؤتمر صحافي لذر الرماد في العيون، والتي قام بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى بلاد الزيتون؛ «هل باتت تونس منصة حرب في المواجهة مع ليبيا»؟
مؤكد أن «السلطان» الحائر لم يذهب إلى تونس للتباحث حول التعاون المشترك بين تركيا في أقصى الشرق وتونس في جهة الغرب، وبالقدر نفسه لم تكن مسألة الترويج للزيتون التونسي، أو بناء مستشفيات للأطفال هناك، هي الغرض من الزيارة التي اصطحب فيها الرئيس التركي وزير دفاعه ورجل استخباراته الأول.
والشاهد أن من لديه القليل من علوم الاستراتيجية يدرك أن إردوغان قد وجد في النظام التونسي حصان طروادة القادر أن ينفذ من خلاله إلى ليبيا، ولا سيما أنه يوماً تلو الآخر يتبين جلياً أن ملامح البساطة والمسكنة التي استقطبت غالبية الشعب التونسي الذي تعاطف مع شخص المرشح باعتباره مستقلاً، لم تكن إلا ردءاً مصطنعاً استخدمته كافة فرق «الإخوان المسلمين» منذ بدايات الزمن المشؤوم الذي أطلق عليه الربيع العربي.
ما الذي يستدعي قيام إردوغان بهذه الزيارة ليكون أول رئيس دولة أجنبية يزور تونس في عهد إدارتها الجديدة، إن لم يكن التماهي الدوغمائي والتساوق الآيديولوجي معاً، كما أن موجات الإرسال التركية تكاد تضبط على مؤشرات الاستقبال التونسية، لإعادة إنتاج الظلام في شمال شرقي أفريقيا وعلى ضفاف المتوسط هذه المرة، ولا سيما بعد أن فشل مشروع الخلافة المكذوبة في العراق وسوريا؟
باختصار غير مخل يسعى إردوغان لأن يجعل من تونس خلفية وقاعدة لوجستية، وممراً وربما مستقراً لـ«الدواعش» الجدد، ومنها إلى طرابلس التي بات «الإخوان» و«الدواعش» يتحكمون في مصائر أهلها وأقدارهم. أكثر من فضح نوايا إردوغان على الأراضي التونسية نهار الخميس كان وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا، الذي عقد مؤتمراً صحافياً خصص لتوضيح مجريات الأحداث في ليبيا، شدد فيه على أنه سيكون هناك تعاون كبير مع تركيا وتونس والجزائر، وأن ثلاثتهم سيكونون في حلف واحد، الأمر الذي سيخدم شعوبهم والاستقرار الأمني في بلدانهم، على حد قوله، ومؤكداً أن ليبيا ستطلب دعماً تركياً عسكرياً.
حديث باشاغا يأتي موافقاً طولاً وعرضاً، جملة وتفصيلاً مع تصريحات إردوغان في وقت سابق بأنه يتوقع حصول حكومته على تفويض من البرلمان التركي في الفترة من 8 إلى 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، أي خلال أسبوعين تقريباً، من أجل إرسال جنود إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق.
هل أخطأت تونس باستقبالها المبشر بالعثمانية الثانية، ولهذا حاولت أن تنفي عنها أي تورط في الصراع الليبي، الذي بات مفتوحاً على سيناريوهات عدة، ويكاد يمثل محفزاً لحرب إقليمية كبرى ستكون بلا شك إيذاناً بنهاية مرحلة الإردوغانية؟
يكاد المرء يلحظ في التصريحات الأخيرة التي صدرت من تونس، نفس النهج الذي يبرع فيه «الإخوان المسلمون» منذ زمان وزمانين، ذلك أنها تشير من جهة إلى أن تونس متمسكة بحيادها في الملف الليبي، وتشيع أنها على مسافة من مختلف الأطراف، إلا أنه في الوقت ذاته تقطع بالدعم السياسي لحكومة السراج، باعتبار الأمر يندرج في أطر الشرعية الدولية، وفات عليها أن العام الخاص بالوفاق قد انقضى، وأن القائمين في طرابلس ليسوا سوى مرتزقة ومأجورين، و«دواعش» و«قاعدة»، وإرهابيين ما أنزل الله بهم من سلطان.
وبنفس العقلية الازدواجية الثنائية التي تربك الناظر والمتابع، وتتيح الفرصة لإتمام الصفقات السوداء من وراء الستار، تنفي ما ورد على لسان وزير داخلية الوفاق في تونس، ما يدعو للتساؤل هل الوزير على هذه الدرجة من الغفلة بأن يصرح بكلام يورط دولة مستقلة، أم أن الدور المسرحي المرسوم له يقتضي ذلك ولاحقاً يأتي النفي؟
الأيادي التركية السوداء، في سوريا وشمال العراق تريد أن تتمدد داخل ليبيا ومنها إلى العمق الأفريقي... هل من يشك في هوس إردوغان بعثمانية ثانية؟
مهما يكن من أمر الجواب، فإن تونس بين عشية وضحاها قد تحولت إلى رقم صعب في معادلة شمال غربي أفريقيا، وحتى نكون موضوعيين فإننا نشير إلى الحكومة التونسية الحالية، كي نفرق بينها وبين أصوات عروبية تونسية نبيلة خرجت رافضة هذا التوجه «الإخواني» الأخير، ويكفي المرء النظر إلى تصريحات حزب الوفاق التونسي، وحركة الشعب، وحزب العمال، والحزب الدستوري، واتحاد الشغل، ومطالبة الجميع بجلسة طارئة في مجلس نواب الشعب التونسي لمساءلة الحكومة عن «هذه الزيارة المريبة» وأبعادها وآفاقها، وعلى لسان الجميع رفض قاطع لأن تتحول تونس الخضراء رمز السلام والوئام وموقع وموضع التنوير العروبي إلى خنجر في الخاصرة العربية لا سمح الله.
الرافضون لزيارة إردوغان لتونس يشددون على حتمية استمرارها كحمامة سلام، ويرون أنه إن كان على تونس أن تقوم بدور بعينه في الأزمة الليبية، فإنه من الواجب دعوة المشير خليفة حفتر وفائز السراج، ورؤساء مصر واليونان وقبرص معاً في تونس لإيجاد حل جامع مانع يقي أبناء المتوسط شر الفتنة.
تونس في اختبار صعب، وليبيا في مواجهة احتمالات كارثية، ولا سيما أن إردوغان قد نسي أو تناسى محددات ومعايير الدولة العظمى القادرة على فتح أكثر من جبهة حول العالم، ما لن يسمح به الكبار في الحال أو الاستقبال.
الكراهية لا تفيد... وعلى صخرة المؤامرة سوف تتحطم سفن أنقرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تضحى تونس منصة حرب هل تضحى تونس منصة حرب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon