توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تنشيط الساحة السياسية المصرية

  مصر اليوم -

تنشيط الساحة السياسية المصرية

بقلم : أمينة شفيق

 أثارت الانتخابات الرئاسية الأخيرة موضوع ضعف الساحة الحزبية والسياسية المصرية بحيث افتقدت المنافسة السياسية الحقيقية. فى المرحلة الحالية، قد أقبل هذا الوضع الاستثنائى لأنى أرى مصر فى مرحلة انتقال عامة قد نقبل فيها أوضاعا استثنائية. وهى مرحلة قد تطول أو تقصر بناء على الفهم والجهد العام المبذول لها. وبناء على رأيى هذا، فإنى قد تعاملت مع هذه «المعركة» على أساس انها ليست بين مرشحين اثنين او بين برنامجين سياسيين اثنين وانما كانت بين قوى تسعى لإفشال او تعطيل أو إعاقة عملية الانتقال هذه وبين قوى أخري، وأنا منها، تسعى لاستكمال مرحلة تحول مصر إلى دولة وطنية ديمقراطية مدنية حديثة، بكل الصعوبات الداخلية الخارجية التى تواجهها. كما أرى أننا فى مرحلة لا تحمل الصفة «الديمقراطية» بقدر ما تحمل فى تفاصيلها صراعا ديمقراطيا قد لا تتضح ملامحه كثيرا لضعف ووهن الساحة الحزبية والسياسية المصرية. لذلك كنت من انصار التوجه إلى صناديق التصويت، وأمام الصندوق على كل انسان أن يتبع ضميره الحر دون تدخل او اختراق، فى اختياراته.

بعد إعلان النتيجة، وربما قبل الانتخابات ذاتها تحدث وكتب الكثيرون منبهين إلى انتخابات عام 2022 وأهمية أن تجرى فى اطار ليبرالى وديمقراطى اكثر رحابة يتقدم فيها أكثر من مرشح بأكثر من برنامج سياسى وبالتالى يعبر عن ساحة سياسية أكثر تقدما من ناحية حيويتها وتفاعلاتها. وهو مطلب معقول ومقبول بل شديد الأهمية بالنسبة لتطور مصر. كما أنه مطلب مطروح ليس فقط أمام الدولة وأجهزتها وإنما امام تلك الصفوة السياسية التى تطرح نفسها فى 104 أحزاب سياسية لا يمثل معظمها التركيبة الاجتماعية والسياسية للشعب المصري. فنحن لا نعلم على سبيل التحديد أى من هذه الأحزاب الجديدة من تمثل طبقة صغار الفلاحين او كبارهم ومن منها يمثل طموحات طبقة المستثمرين فى الصناعة او التجارة او الخدمات. فنحن لا نعرف أى من الأحزاب يمثل أى من الطبقات أو شرائحها الاجتماعية والاقتصادية. لذلك نتساءل ماذا تعمل هذه الاحزاب؟

ولكن فى ذات الوقت لا أوافق على تدخل الحكومة وأجهزتها فى تنظيم هذه الساحة الحزبية العشوائية ولكن ينحصر مطلبى فى ضرورة أن ترفع الدولة يدها وتكف من سياساتها القديمة بغض النظر عن كم الجهد الواجب بذله فى ضم الصفوف وتحديد هويتها الاجتماعية وتمثيلها للشرائح المصرية. فالأحزاب، مهما قيل عن التغيرات الاجتماعية التى ادخلتها التقنية الجديدة وبعض النظر عن التغيرات التى أحدثتها التطورات الهيكلية للرأسمالية، تستمر الأحزاب تعبيرا اجتماعيا واقتصاديا تطرح برامج سياسية تعبر عن من تعبر عنهم اجتماعيا وتسعى سلميا للوصول إلى السلطة فى اطار صراع سياسى يعترف بقواعده الجميع، فى السلطة أو خارجها.

والمثير، أن فى هذه الاوقات التى نعبر فيها عن مخاوفنا بجانب أمنياتنا الخاصة بانتخابات عام 2020، فى هذا الوقت بالتحديد، تطرح آراء تطالب بأهمية مد يد التصالح مع شباب الاخوان غير المتورطين فى عمليات حمل السلاح والذين، من وجهة نظر اصحاب هذا الرأي، يمثلون قوة دفع جديدة لتنشيط اللحمة السياسية العامة. هذا رأيهم الخاص بتنشيط الساحة السياسية بحيث تتقدم الحالة الديمقراطية فى مصر. وفى واقع الأمر اننا لابد أولا من الوصول إلى ما نريده من الديمقراطية فى مصر. كما أننا لابد من الاتفاق على ما نعنيه بعبارة «الليبرالية». بالإضافة إلى أننا فى حاجة الى الوصول إلى اتفاق إلى تعريف الساحة السياسية المصرية. نريد تعريفا لا يخرج من صفوف تلك الصفوة السياسية التى تدير 104 أحزاب سياسية كما أننا لا نريده من الدولة وأجهزتها. نريد تعريفا مجتمعيا عاما يشارك فيه هؤلاء الذين سيسهمون فى بناء تلك الدولة الحديثة.

نريد كل ذلك لأن هذا الوطن ليس ملكا للصفوة أو للدولة أو لشباب الجماعة الذين شاركوا، بمنهاج فاشى أحسسنا به وشاهدناه بعيوننا، فى الحرق والتدمير وقتل الابرياء من فوق أسطح المنازل بجانب الكذب السياسى المستمر. هذا الوطن هو ملك أصيل لأناس يعيشون على طول بر مصر ويسعون ويجاهدون ويناضلون منذ زمان بعيد ليكون لهم صوتهم المسموع المحترم من الجميع. لا يسعون لإعلان هذا الصوت كأفراد، فهذه ليست الديمقراطية أو الليبرالية، وإنما يريدون إعلان صوتهم من خلال العمل الجماعى المنظم فى نقابات واتحادات وجمعيات وتعاونيات. وأظن أن هذه هى «الديمقراطية» التى يرى البعض منا جزءا منها وهى الأحزاب ويتغافل عن جزء مهم آخر وهو المنظمات الديمقراطية المتنوعة. لأن هذا الجزء الآخر يشكل مكونا مهما فى المشاركة وهو الذى يساعد المواطنين، كل المواطنين، على أن يرفعوا رأيهم بصوت جهورى ليقولوا «لا» او يقولوا «نعم». حينذاك يستقيم البناء الديمقراطى ويرتفع. وحينذاك يخاف المغامر والإرهابى والخائن والفاسد والبيروقراطي. يخاف كل هؤلاء من «الناس» وليس من الصفوة أو من أجهزة الدولة.

نحن لسنا ضد تنشيط الساحة السياسية. هذا مهم جدا. ولكننا مع التطوير الديمقراطى الشامل الذى يمس الساحة السياسية ومعها تلك الخلايا التى تنشط فى مساحة الفضاء الاجتماعى الفاصل بين نهايات الأسرة وبدايات الحكومة أى مع تنشيط كل التنظيمات الديمقراطية التى ينتظم فيها البشر بحريتهم للدفاع عن مصالحهم اليومية. نقف مع حريتها واستقلاليتها وديمقراطيتها. وهو مسار ديمقراطى طويل وصعب ولكن فى النهاية المسار المطلوب.

وللجميع، للأجهزة وللصفوة ولهؤلاء أصحاب الاجندات الخاصة والقافزين بالباراشوت الفكري، نردد دائما أن هذه التشكيلات الديمقراطية التى تضم البشر حول مصالحهم اليومية هى الخلايا التى تضمن للوطن حيويته ومناعته السياسية. والأحزاب واحدة فقط من هذه التشكيلات.

نقلا عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تنشيط الساحة السياسية المصرية تنشيط الساحة السياسية المصرية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon