توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تنشيط الساحة السياسية المصرية

  مصر اليوم -

تنشيط الساحة السياسية المصرية

بقلم : أمينة شفيق

 أثارت الانتخابات الرئاسية الأخيرة موضوع ضعف الساحة الحزبية والسياسية المصرية بحيث افتقدت المنافسة السياسية الحقيقية. فى المرحلة الحالية، قد أقبل هذا الوضع الاستثنائى لأنى أرى مصر فى مرحلة انتقال عامة قد نقبل فيها أوضاعا استثنائية. وهى مرحلة قد تطول أو تقصر بناء على الفهم والجهد العام المبذول لها. وبناء على رأيى هذا، فإنى قد تعاملت مع هذه «المعركة» على أساس انها ليست بين مرشحين اثنين او بين برنامجين سياسيين اثنين وانما كانت بين قوى تسعى لإفشال او تعطيل أو إعاقة عملية الانتقال هذه وبين قوى أخري، وأنا منها، تسعى لاستكمال مرحلة تحول مصر إلى دولة وطنية ديمقراطية مدنية حديثة، بكل الصعوبات الداخلية الخارجية التى تواجهها. كما أرى أننا فى مرحلة لا تحمل الصفة «الديمقراطية» بقدر ما تحمل فى تفاصيلها صراعا ديمقراطيا قد لا تتضح ملامحه كثيرا لضعف ووهن الساحة الحزبية والسياسية المصرية. لذلك كنت من انصار التوجه إلى صناديق التصويت، وأمام الصندوق على كل انسان أن يتبع ضميره الحر دون تدخل او اختراق، فى اختياراته.

بعد إعلان النتيجة، وربما قبل الانتخابات ذاتها تحدث وكتب الكثيرون منبهين إلى انتخابات عام 2022 وأهمية أن تجرى فى اطار ليبرالى وديمقراطى اكثر رحابة يتقدم فيها أكثر من مرشح بأكثر من برنامج سياسى وبالتالى يعبر عن ساحة سياسية أكثر تقدما من ناحية حيويتها وتفاعلاتها. وهو مطلب معقول ومقبول بل شديد الأهمية بالنسبة لتطور مصر. كما أنه مطلب مطروح ليس فقط أمام الدولة وأجهزتها وإنما امام تلك الصفوة السياسية التى تطرح نفسها فى 104 أحزاب سياسية لا يمثل معظمها التركيبة الاجتماعية والسياسية للشعب المصري. فنحن لا نعلم على سبيل التحديد أى من هذه الأحزاب الجديدة من تمثل طبقة صغار الفلاحين او كبارهم ومن منها يمثل طموحات طبقة المستثمرين فى الصناعة او التجارة او الخدمات. فنحن لا نعرف أى من الأحزاب يمثل أى من الطبقات أو شرائحها الاجتماعية والاقتصادية. لذلك نتساءل ماذا تعمل هذه الاحزاب؟

ولكن فى ذات الوقت لا أوافق على تدخل الحكومة وأجهزتها فى تنظيم هذه الساحة الحزبية العشوائية ولكن ينحصر مطلبى فى ضرورة أن ترفع الدولة يدها وتكف من سياساتها القديمة بغض النظر عن كم الجهد الواجب بذله فى ضم الصفوف وتحديد هويتها الاجتماعية وتمثيلها للشرائح المصرية. فالأحزاب، مهما قيل عن التغيرات الاجتماعية التى ادخلتها التقنية الجديدة وبعض النظر عن التغيرات التى أحدثتها التطورات الهيكلية للرأسمالية، تستمر الأحزاب تعبيرا اجتماعيا واقتصاديا تطرح برامج سياسية تعبر عن من تعبر عنهم اجتماعيا وتسعى سلميا للوصول إلى السلطة فى اطار صراع سياسى يعترف بقواعده الجميع، فى السلطة أو خارجها.

والمثير، أن فى هذه الاوقات التى نعبر فيها عن مخاوفنا بجانب أمنياتنا الخاصة بانتخابات عام 2020، فى هذا الوقت بالتحديد، تطرح آراء تطالب بأهمية مد يد التصالح مع شباب الاخوان غير المتورطين فى عمليات حمل السلاح والذين، من وجهة نظر اصحاب هذا الرأي، يمثلون قوة دفع جديدة لتنشيط اللحمة السياسية العامة. هذا رأيهم الخاص بتنشيط الساحة السياسية بحيث تتقدم الحالة الديمقراطية فى مصر. وفى واقع الأمر اننا لابد أولا من الوصول إلى ما نريده من الديمقراطية فى مصر. كما أننا لابد من الاتفاق على ما نعنيه بعبارة «الليبرالية». بالإضافة إلى أننا فى حاجة الى الوصول إلى اتفاق إلى تعريف الساحة السياسية المصرية. نريد تعريفا لا يخرج من صفوف تلك الصفوة السياسية التى تدير 104 أحزاب سياسية كما أننا لا نريده من الدولة وأجهزتها. نريد تعريفا مجتمعيا عاما يشارك فيه هؤلاء الذين سيسهمون فى بناء تلك الدولة الحديثة.

نريد كل ذلك لأن هذا الوطن ليس ملكا للصفوة أو للدولة أو لشباب الجماعة الذين شاركوا، بمنهاج فاشى أحسسنا به وشاهدناه بعيوننا، فى الحرق والتدمير وقتل الابرياء من فوق أسطح المنازل بجانب الكذب السياسى المستمر. هذا الوطن هو ملك أصيل لأناس يعيشون على طول بر مصر ويسعون ويجاهدون ويناضلون منذ زمان بعيد ليكون لهم صوتهم المسموع المحترم من الجميع. لا يسعون لإعلان هذا الصوت كأفراد، فهذه ليست الديمقراطية أو الليبرالية، وإنما يريدون إعلان صوتهم من خلال العمل الجماعى المنظم فى نقابات واتحادات وجمعيات وتعاونيات. وأظن أن هذه هى «الديمقراطية» التى يرى البعض منا جزءا منها وهى الأحزاب ويتغافل عن جزء مهم آخر وهو المنظمات الديمقراطية المتنوعة. لأن هذا الجزء الآخر يشكل مكونا مهما فى المشاركة وهو الذى يساعد المواطنين، كل المواطنين، على أن يرفعوا رأيهم بصوت جهورى ليقولوا «لا» او يقولوا «نعم». حينذاك يستقيم البناء الديمقراطى ويرتفع. وحينذاك يخاف المغامر والإرهابى والخائن والفاسد والبيروقراطي. يخاف كل هؤلاء من «الناس» وليس من الصفوة أو من أجهزة الدولة.

نحن لسنا ضد تنشيط الساحة السياسية. هذا مهم جدا. ولكننا مع التطوير الديمقراطى الشامل الذى يمس الساحة السياسية ومعها تلك الخلايا التى تنشط فى مساحة الفضاء الاجتماعى الفاصل بين نهايات الأسرة وبدايات الحكومة أى مع تنشيط كل التنظيمات الديمقراطية التى ينتظم فيها البشر بحريتهم للدفاع عن مصالحهم اليومية. نقف مع حريتها واستقلاليتها وديمقراطيتها. وهو مسار ديمقراطى طويل وصعب ولكن فى النهاية المسار المطلوب.

وللجميع، للأجهزة وللصفوة ولهؤلاء أصحاب الاجندات الخاصة والقافزين بالباراشوت الفكري، نردد دائما أن هذه التشكيلات الديمقراطية التى تضم البشر حول مصالحهم اليومية هى الخلايا التى تضمن للوطن حيويته ومناعته السياسية. والأحزاب واحدة فقط من هذه التشكيلات.

نقلا عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تنشيط الساحة السياسية المصرية تنشيط الساحة السياسية المصرية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon