توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الثقافة وسعادة الإنسان

  مصر اليوم -

الثقافة وسعادة الإنسان

بقلم : أمينة شفيق

في خطاب السيد الرئيس الذي ألقاه بعد أدائه القسم الدستوري امام البرلمان جاءت عبارات التف حولها العديد منا لأنها استمرت مطالب أساسية لنا منذ سنوات. لذا لقيت ترحيبا منا وقبولا من داخلنا. وهنا أنتقي البعض منها لأستطيع التركيز. جاءت العبارة الاولي لتجمع بين التعليم والصحة والثقافة. وجاءت الثانية لتجمع بين الحرية والديمقراطية ثم جاءت الثالثة لتجمع بين «قبول الآخر» وخلق المساحات المشتركة. من وجهة نظري تركز العبارات الثلاث علي المواطن كإنسان يسعي للسعادة وعلي نوعية المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه ويساعده علي التطور.

والقيم الاساسية التي تتضمنها العبارات الثلاث لا تحتاج إلي قرار سياسي وإنما لتوجه عام. فإذا تجاوزنا منها التعليم والصحة فإننا لا نحتاج الي المال الذي قد يتصور البعض انه العنصر الاساسي في الممارسة. لأننا تعلمنا وعرفنا من المتابعة ان التنمية البشرية والانسانية تحتاج في المقام الاول الي تعبئة الجهد البشري الذي يتوافر في البشر عندما يقتنعون بأنهم يشاركون حقيقة في صياغة المستقبل الذي يتفقون عليه ويقتنعون به. وهو بالتحديد ما مارسناه في الثلاثين من يونيو عندما اجمعنا بلا توقيع لعقد مسجل، ان نخرج إلي الميادين سعداء نغني لنزيح حكم الجماعة الارهابية من علي سدة السلطة. وبالإضافة إلي ان هذه التعبئة البشرية الإيجابية تساعد علي تخفيض الانفاق العام علي تلك الانشطة التي يحتاجها كل من برامح تطوير التعليم ووضع نظام التأمين الصحي التي تساعد علي تحسين حياة البشر. فالمواطن هنا يمارس ويتابع برغبة حقيقية لأنه يعلم أنه المستفيد الأساسي، فيوفر الجهد والمال والوقت.

وإذا تناولنا الثقافة وقيم قبول الآخر والحرية والديمقراطية وخلق المساحات المشتركة فإنها قيم لا تحتاج منا أو من الدولة أي انفاق. كل الذي تحتاجه هو التوجه السياسي الذي يسمح بفتح الهياكل الموجودة امام الجميع. أي باللغة التي نتناولها يوميا، توسيع الساحة السياسية المصرية للتفاعل الفكري المجتمعي. وفي هذا الشأن لي عدة ملاحظات أراها مهمة:

اولا: ان الدولة المصرية تمتلك الهياكل العامة التي يمكن أن تسهم في توسيع مساحة الساحة السياسية والثقافية. فهي، أي الدولة، تملك شبكة كبيرة، تنتشر في المحافظات، من قصور الثقافة وساحات الشباب التي تستطيع استيعاب جميع الانشطة الثقافية التي تحتاجها مصر. وفي هذا المجال لا نحتاج إلي ذكر او حصر تلك الهياكل الأخري التي توجد في المراكز الحضرية ،سواء كانت في مقار المحافظات او الجامعات أو في الأحزاب. فالهياكل الحالية تكفي لأي كم من النشاط الاجتماعي العام سواء اتجه لتوسيع مساحة الشراكة المجتمعية او قبول الآخر او خلق المساحات المشتركة.

ثانيا: إننا لابد من الاعتراف بأن العاملين والمحيطين بالحلقة السياسية العليا ليسوا الوحيدين المؤهلين لقيادة الحوارات المجتمعية، وإنما لابد لهذه الحوارات ان تتجاوز هؤلاء لتتيح المساحة للمعارضة غير العنيفة. فالرأي الآخر إن لم يقل علنا فسوف يقال سرا وهو عكس ما هو مطلوب في مرحلتنا الحالية. فالسماع والاستماع للرأي الآخر هو من ضروريات مرحلة بناء الانسان. هذا الرأي المعارض الذي سوف يضيف بالإيجاب إلي النقاش ولن يأخذ منه سلبا. ويساعدنا علي اكتشاف افكارنا وتبادلها مما يؤثر علي تكويننا الفكري.

ثالثا: لابد من مشاركة التكوينات الحزبية الصغيرة في الحوار، خاصة تلك التكوينات الحزبية التي تشكلت دون ان نعرف عنها الا انها تجمعات أقرب الي تجمعات الاقارب أو تشكيلات الصداقات. سوف تساعدها المناقشات واللقاءات علي وضع أو تطوير برامجها السياسية لتتلاقي مع مشكلات الواقع وتعقيداتها.

رابعا: علينا الاعتراف بأن المعارضة ليست هي مجرد تشكيلات حزبية كبيرة او صغيرة. وإذا حاصرنا المعارضة في الاحزاب سيستمر الحوار قاصرا عن الاعتراف بالواقع. فجزء من الصفوة السياسية المصرية ومن يمكن ان نطلق عليهم عبارة المعارضين الفرديين الذين يتناثرون في مجموعات صغيرة غير حزبية يجب ألا يستمروا خارج دوائر الحوار المجتمعي بشكل عام. قد يوجدون في النقابات او في منظمات المجتمع المدني دون الانتماء لأي من هذه التجمعات ولكن يستمر لهم رأيهم الذي لابد من الاستماع اليه واعطائه المساحة دون قهره او ابعاده بأي الصور. فمنهم من له علمه الاقتصادي او السياسي او الاجتماعي او الثقافي الذي نريد ان نعلمه ونناقشه علنا نستفيد منه وعله يستفيد منا.

خامسا: إننا لابد ان نثق في قدرة المواطنين والمواطنات علي التمييز والفرز بين القوي الساعية لبناء الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة وبين تلك التي لا تتسع الا للفكر الماضوي الذي جربته الجماهير لعام كامل وخرجت منه بعد ان سلم سيناء كلها للإرهاب ،وحاول سلب العقل المصري من كل خطوات التقدم التي ناضل هذا الشعب لتحقيقها.

سادسا: ان نتحمل جميعا أيا من التجاوزات التي قد تظهر في مسارنا إلي بناء هذا المواطن الجديد الذي نريده ان يسهم في البناء. نريده ان يتيقن انه سيستفيد منه بقدر مساهمته هذه.

سابعا: نريده حوارا يستوعب كل البشر المصريين في كل الاقاليم المصرية بحيث لا يحاصر في العاصمة او في صفوف الصفوة السياسية او الثقافية.

هذه المشاركة العامة سترسم الابتسامة علي الوجوه وتدخل السعادة إلي القلوب.

في الختام اري من واجبي ان اركز علي احد المطالب المهمة الذي طالما أكده العديد من المهتمين والمتخصصين وهو الخاص بالتوجه، خلال الفترة الرئاسية الثانية للرئيس، نحو الزراعة والارض القديمة التي تستوعب نسبة 51% من الشعب المصري ولا تزال تسهم بنصيب في الناتج الاجمالي العام المتجه الي سلة الغذاء المصرية بجانب اسهامها في الصناعات الغذائية والنسجية. ونحن نقدر مدي اهتمام الدولة بالأرض الجديدة ،ولكن هذا لا يعني عدم التوجه الي حيث الارض القديمة والفلاح المصري.

نقلا عن الآهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثقافة وسعادة الإنسان الثقافة وسعادة الإنسان



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon