توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصراع على معنى الحرب بين الحتمية والإدانة

  مصر اليوم -

الصراع على معنى الحرب بين الحتمية والإدانة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

للحروب وظيفتها؛ كما أن للسلام دوره وأثره، وعبر التاريخ أخذت الحروب حيزها من الدرس والتحليل، فالحرب ذروة قصوى من ذروات التاريخ على أثرها تتشكل جغرافيا جديدة، وتوضع على الأرض إمكانات مختلفة، وتتحول مسارات عديدة، فالحروب هي الوسيلة الأجدى أحياناً من أجل صناعة السلام.
والدراسات التي تتحدث عن الحرب والتاريخ والإنسان عديدة، وهي تتراوح بنتائجها بين القبول والرفض، لذلك يمكن تلخيص قصة الموقف من الحرب بأنه صراع بين مقولتين، ونظريتين، فاليونانيون عاشوا الحروب الطاحنة وخبروا الحرب ولذلك اعتبرها هيراقليطس «ربة الأشياء»، فهو فيلسوف الصيرورة والنار، ولذلك يرى بالحرب وسيلة فاعلة في تصيير الأشياء وتسريع حركة التاريخ، على نقيضه عدو الحرب كانط الذي ألّف كتيبه الشهير «نحو سلام دائم» به يعرض خطة لإنهاء فكرة الحرب واستبدال أفكار أخرى أخلاقية بها يمكنها جعل الصراع بين الأمم أكثر تطوراً من فكرة الحرب.
وبينهما روسو صاحب النص الشهير حول حالة الحرب، فعبر عن الحرب بقوله: « ، ، - ً - في ، اللذين ، . ، : ً ، ، ، - - ، - - ً ... ً، ً ً ً ً ... ، ، ً، ك ، لا. ! . ! ».
بينما فوكوياما، وهو الهيغلي الصرف، فيعتبر الحرب جزءاً من حيوية التاريخ، وصاحب مقولة نهاية التاريخ التي استقاها من تنويع فاتيمو على هيغل لا يمكن أن يعارض الحرب لأنها أساسية في عصب الحديث الهيغلي حول صراع الأضداد وخلق احتمالاتٍ وإمكانات جديدة وصياغة تحولاتٍ مختلفة. والحرب تنتج وقائع مختلفة وأساليب متنوعة، فلو تأملنا في حرب الخليج الثانية 1990 لوجدنا كيف امتد أثرها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي حتى الآن. ثمة حروب ضرورية يفرضها التاريخ وتوجبها سيرورة الحياة، فالحرب التي قادها التحالف في اليمن ضرورية إذ لم يكن ثمة حل آخر، وما كانت الحيدة عن الحرب لتعني إلا قبول وقائع وكيانات معادية، ولذلك صيغت الحرب بالطريقة المناسبة وسيجني الخليج ثمارها باعتبارها ضرورة لتحقيق أهداف وتسريع التغيير في المشهد هناك.
من الكتب الضرورية لتفسير الحرب سياسياً ما كتبه كارل فرن كلاوزويتز «في الحرب»، وقد قام بتلخيص الكتاب أحمد علّو في دراسة عنونها بـ«فلسفة الحرب في المدارس الفكرية»، ومما أورده قول الناشر أناتول رابوبوررت في مقدمة ترجمته لكتاب كلاوزويتز: «هناك ثلاث مدارس رئيسة للفكر في فلسفة الحرب هي:
1 - المدرسة الكوارثية (The Cataclysmic).
2 - المدرسة الأُخروية (The Eschatological).
3 - المدرسة السياسية (The Political).
وهناك مدارس أخرى غيرها تتناول فلسفة الحرب، ولكن هذه المدارس الثلاث هي الأكثر شيوعاً. لكن ما هي الحرب بمعنى آخر؟!
يجيب الباحث: «تعتبر الحرب (مجازياً) وفق مدرسة الفلسفة السياسية (لعبة استراتيجيا) كلعبة الشطرنج، ووفق الفلسفة الُأخرَوِيّة كرسالة، أو حل عقدة درامية، أما في الفلسفة الكوارثية فتعتبر كالنار أو الوباء، ولكن هذا - بالطبع - لا يستنفد مفاهيم الحرب التي سادت في أزمنة مختلفة وأماكن شتى، فمثلاً: اعتبرت الحرب لأزمنة عديدة، تسلية أو مغامرة، أو أنها الحيز الحقيقي الوحيد للنبلاء لتحقيق أعمال الشرف (عهد الفروسية).
كذلك اعتبرت الحرب طقساً دينياً (وفق حضارة الآزتك)».
من أهم المدارس التي أوردها حول الحرب المدرسة السياسية، ويعتبر كارل فون كلاوزويتز أحد أركان هذه المدرسة، الذي اعتبر الحرب هي أداة بيد الدولة، وفق مقولته الآتية:
«إن الحرب هي أداة عقلية (منطقية) للسياسة الوطنية».
إن الكلمات الثلاث: «عقلية»، و«أداة»، و«وطنية»، هي المفاتيح الأساسية للنظرية.
وبهـذه النظرة فـإن قـرار الحرب يجب أن يكون:
أولاً: «عقلياً ومنطقياً»، بمعنى استناده إلى تقديرات أكلاف الحرب ومكاسبها.
ثانياً: إن الحرب يجب أن تكون «أداة أو وسيلة»، بمعنى أنه يجب إعلانها لتحقيق أهداف معينة، وليس لذاتها، وأيضاً بمعنى أن الاستراتيجيا والتكتيك توجهان باتجاه غاية واحدة وهي تحقيق النصر.
وأخيراً: إن الحرب يجب أن تكون «وطنية»، بمعنى أن «أهدافها هي تحقيق تقدم المصالح الوطنية للدولة، ولهذا فإن الجهد الكلي للأمة يجب أن يعبأ لخدمة الأهداف العسكرية والمجهود الحربي».
في آخر المطاف، فإن الحروب التي نشهدها اليوم هي أساس تمكن التاريخ من الشهادة على الواقع، ومن دون هذه الصراعات الجهنمية فإن الحالة البشرية تغدو متكلسة يائسة خاملة، بالحروب تخلق توازنات ويتغير ميزان القوى وما تكون الكفة على رجحان واحد... العالم كان بحاجة ماسة لأقطاب جديدة وأحلاف مختلفة وفضاءات غير اعتيادية، لذلك سيتغير الوضع الاقتصادي والسياسي بشكل كبير مع هذه الصراعات الطبيعية. إن الحرب جزء أساسي من تطور الإنسان ومن دونها لا يستطيع صناعة نقلات أخرى نحو تجارب مختلفة، فلولا الحروب والتفكير في الحروب لما تطورت حتى التقنيات التي نكتب بها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصراع على معنى الحرب بين الحتمية والإدانة الصراع على معنى الحرب بين الحتمية والإدانة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon