توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصراع على معنى الحرب بين الحتمية والإدانة

  مصر اليوم -

الصراع على معنى الحرب بين الحتمية والإدانة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

للحروب وظيفتها؛ كما أن للسلام دوره وأثره، وعبر التاريخ أخذت الحروب حيزها من الدرس والتحليل، فالحرب ذروة قصوى من ذروات التاريخ على أثرها تتشكل جغرافيا جديدة، وتوضع على الأرض إمكانات مختلفة، وتتحول مسارات عديدة، فالحروب هي الوسيلة الأجدى أحياناً من أجل صناعة السلام.
والدراسات التي تتحدث عن الحرب والتاريخ والإنسان عديدة، وهي تتراوح بنتائجها بين القبول والرفض، لذلك يمكن تلخيص قصة الموقف من الحرب بأنه صراع بين مقولتين، ونظريتين، فاليونانيون عاشوا الحروب الطاحنة وخبروا الحرب ولذلك اعتبرها هيراقليطس «ربة الأشياء»، فهو فيلسوف الصيرورة والنار، ولذلك يرى بالحرب وسيلة فاعلة في تصيير الأشياء وتسريع حركة التاريخ، على نقيضه عدو الحرب كانط الذي ألّف كتيبه الشهير «نحو سلام دائم» به يعرض خطة لإنهاء فكرة الحرب واستبدال أفكار أخرى أخلاقية بها يمكنها جعل الصراع بين الأمم أكثر تطوراً من فكرة الحرب.
وبينهما روسو صاحب النص الشهير حول حالة الحرب، فعبر عن الحرب بقوله: « ، ، - ً - في ، اللذين ، . ، : ً ، ، ، - - ، - - ً ... ً، ً ً ً ً ... ، ، ً، ك ، لا. ! . ! ».
بينما فوكوياما، وهو الهيغلي الصرف، فيعتبر الحرب جزءاً من حيوية التاريخ، وصاحب مقولة نهاية التاريخ التي استقاها من تنويع فاتيمو على هيغل لا يمكن أن يعارض الحرب لأنها أساسية في عصب الحديث الهيغلي حول صراع الأضداد وخلق احتمالاتٍ وإمكانات جديدة وصياغة تحولاتٍ مختلفة. والحرب تنتج وقائع مختلفة وأساليب متنوعة، فلو تأملنا في حرب الخليج الثانية 1990 لوجدنا كيف امتد أثرها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي حتى الآن. ثمة حروب ضرورية يفرضها التاريخ وتوجبها سيرورة الحياة، فالحرب التي قادها التحالف في اليمن ضرورية إذ لم يكن ثمة حل آخر، وما كانت الحيدة عن الحرب لتعني إلا قبول وقائع وكيانات معادية، ولذلك صيغت الحرب بالطريقة المناسبة وسيجني الخليج ثمارها باعتبارها ضرورة لتحقيق أهداف وتسريع التغيير في المشهد هناك.
من الكتب الضرورية لتفسير الحرب سياسياً ما كتبه كارل فرن كلاوزويتز «في الحرب»، وقد قام بتلخيص الكتاب أحمد علّو في دراسة عنونها بـ«فلسفة الحرب في المدارس الفكرية»، ومما أورده قول الناشر أناتول رابوبوررت في مقدمة ترجمته لكتاب كلاوزويتز: «هناك ثلاث مدارس رئيسة للفكر في فلسفة الحرب هي:
1 - المدرسة الكوارثية (The Cataclysmic).
2 - المدرسة الأُخروية (The Eschatological).
3 - المدرسة السياسية (The Political).
وهناك مدارس أخرى غيرها تتناول فلسفة الحرب، ولكن هذه المدارس الثلاث هي الأكثر شيوعاً. لكن ما هي الحرب بمعنى آخر؟!
يجيب الباحث: «تعتبر الحرب (مجازياً) وفق مدرسة الفلسفة السياسية (لعبة استراتيجيا) كلعبة الشطرنج، ووفق الفلسفة الُأخرَوِيّة كرسالة، أو حل عقدة درامية، أما في الفلسفة الكوارثية فتعتبر كالنار أو الوباء، ولكن هذا - بالطبع - لا يستنفد مفاهيم الحرب التي سادت في أزمنة مختلفة وأماكن شتى، فمثلاً: اعتبرت الحرب لأزمنة عديدة، تسلية أو مغامرة، أو أنها الحيز الحقيقي الوحيد للنبلاء لتحقيق أعمال الشرف (عهد الفروسية).
كذلك اعتبرت الحرب طقساً دينياً (وفق حضارة الآزتك)».
من أهم المدارس التي أوردها حول الحرب المدرسة السياسية، ويعتبر كارل فون كلاوزويتز أحد أركان هذه المدرسة، الذي اعتبر الحرب هي أداة بيد الدولة، وفق مقولته الآتية:
«إن الحرب هي أداة عقلية (منطقية) للسياسة الوطنية».
إن الكلمات الثلاث: «عقلية»، و«أداة»، و«وطنية»، هي المفاتيح الأساسية للنظرية.
وبهـذه النظرة فـإن قـرار الحرب يجب أن يكون:
أولاً: «عقلياً ومنطقياً»، بمعنى استناده إلى تقديرات أكلاف الحرب ومكاسبها.
ثانياً: إن الحرب يجب أن تكون «أداة أو وسيلة»، بمعنى أنه يجب إعلانها لتحقيق أهداف معينة، وليس لذاتها، وأيضاً بمعنى أن الاستراتيجيا والتكتيك توجهان باتجاه غاية واحدة وهي تحقيق النصر.
وأخيراً: إن الحرب يجب أن تكون «وطنية»، بمعنى أن «أهدافها هي تحقيق تقدم المصالح الوطنية للدولة، ولهذا فإن الجهد الكلي للأمة يجب أن يعبأ لخدمة الأهداف العسكرية والمجهود الحربي».
في آخر المطاف، فإن الحروب التي نشهدها اليوم هي أساس تمكن التاريخ من الشهادة على الواقع، ومن دون هذه الصراعات الجهنمية فإن الحالة البشرية تغدو متكلسة يائسة خاملة، بالحروب تخلق توازنات ويتغير ميزان القوى وما تكون الكفة على رجحان واحد... العالم كان بحاجة ماسة لأقطاب جديدة وأحلاف مختلفة وفضاءات غير اعتيادية، لذلك سيتغير الوضع الاقتصادي والسياسي بشكل كبير مع هذه الصراعات الطبيعية. إن الحرب جزء أساسي من تطور الإنسان ومن دونها لا يستطيع صناعة نقلات أخرى نحو تجارب مختلفة، فلولا الحروب والتفكير في الحروب لما تطورت حتى التقنيات التي نكتب بها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصراع على معنى الحرب بين الحتمية والإدانة الصراع على معنى الحرب بين الحتمية والإدانة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon