توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الوعي الأمني بالخلايا السرية الجديدة

  مصر اليوم -

الوعي الأمني بالخلايا السرية الجديدة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

مخطئٌ مَن يظنّ أن للإسلام السياسي نهاية؛ حتى إن انتهى على المستوى الميداني، فإن نظرياته متوفرة ولهم مجلاتهم وكتبهم وإصداراتهم البصرية، وللأسف مدعومة ومبثوثة من منصاتٍ لدى دول إسلامية قريبة وبعيدة.

وقد كتبتُ في هذه الصحيفة انتقادات مناهضة لمقولة نهاية الإسلام السياسي منتقداً مجموعة من المفكرين، منهم آصف بيات، الذي انتقدتُ مقولته في بحثه التقديمي المعنون بـ«ما بعد الإسلاموية على نطاقٍ واسع».

مقولة بيات كالتالي: «اليوم في ظل عالم العولمة المختلف كلياً عن ذاك العهد (يعني فترات الإصلاح) ندخل عصراً جديداً في العالم الإسلامي، حيث تُفسح الإسلاموية، المصابة بأزمة الشرعية لتجاهلها وانتهاكها حقوق الشعب الديمقراطية، المجال إلى نوعٍ جديدٍ من السياسة الدينية، التي تأخذ الديمقراطية على محمل الجد، فيما تدعم الفئات المتدينة في المجتمع. ويبدو أن هذه السياسة تبشّر بعالمٍ إسلامي ما بعد إسلامويّ، تُجمل فيه الحركات الشعبية سماتٍ ما بعد آيديولوجية، ومدنية وديمقراطية. وتمثل الحركة الخضراء في إيران والربيع العربي الحركات الشعبية في عصر ما بعد الإسلاموية». وهي مقولة مضللة ومُغرقة في التضليل المعرفي. لَحِقَه في مثل هذا التحليل على تنويعٍ نظريّ، أوليفيه روا في مجموعة من كتبه التي ألَّفها بعد الاضطرابات العربية منذ 2011 وما تلاها.

الخبر الأهم في مجال الحرب على الإسلام السياسي اليقظة المتميزة لدى دولة الإمارات، حين أعلنت قبل أيام عن اكتشاف خليّة سرية معظمها يَتبع لـ«الإخوان» المسلمين مكوَّنة من أربعة وثمانين شخصاً، والهدف من التنظيم «ارتكاب أعمال عنف على أراضي الدولة».

ولا عجبَ، فـ«الإخوان» لديهم طموحهم في دول الخليج تحديداً منذ التأسيس، ولأن الإمارات كانت مبكرة في تجريم التنظيم الإخواني فإنهم يحاولون قدر ما أمكن استهدافها، ولنتذكر محاولاتهم منذ 2011 إنشاء تنظيمات سريّة مستفيدين من هبّة الثورات آنذاك، وهي مرحلة أشار إلى خطورتها نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الوزير جمال سند السويدي، ضمن رصده مراحل هذه الحركة في كتابٍ صدر في أغسطس (آب) 2021 بعنوان: «جماعة الإخوان في دولة الإمارات العربية المتحدة... الحسابات الخاطئة».

في الفصل الثاني -كما في الملخص المطروح مع إصدار الكتاب- يرصد تاريخ الاستهداف من هذه الجماعة المارقة للبلاد. يعود المؤلف إلى فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ليتتبَّع الإرهاصات الأولى لنشأة جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات، وشَهْرِها رسمياً عام 1974م باسم جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي في إمارة دبي، وإنشاء فروع لها في إمارَتَي رأس الخيمة وعجمان تحت شعار العمل الخيري الاجتماعي، في حين لم يُسمَح لها بإنشاء فروع في كلٍّ من إمارة الشارقة وإمارة أبوظبي. ويورِد المؤلف أسماء أهم مَن أسهموا في نشأة الجماعة وتعزيز حضورها في الإمارات، والذين كانوا في معظمهم من خارج الدولة. أمَّا الدعم المالي لجماعة الإخوان المسلمين، خصوصاً لجمعية الإصلاح في الإمارات، فقد جاء في البداية من الحكومة، ومن رجال الأعمال، ووجهاء المجتمع، ومن شيوخ الدين، وقدَّمت جمعية الإصلاح الكويتية الدعمين المادي والمعنوي.

ثم يبين في الفصل الذي يليه كيف حاولت جماعة الإخوان المسلمين إعادة انبعاثها، مستغلَّةً أحداث الربيع العربي وعريضة مارس (آذار) 2011، إذ اعتقدت الجماعة أنه حان الوقت للاستيلاء على السلطة والحكم مقتديةً بجماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس، وهو ما اتضح لاحقاً أنه اعتقاد واهِمٌ مستندٌ إلى حسابات خاطئة، فقد راهن الإخوان المسلمون على الضغط على أبناء الشعوب العربية والإسلامية من خلال حاجاتهم الأساسية ومشكلاتهم المتمثلة في الغذاء والفقر والمرض والجهل، وقد ينجح ذلك في بعض الدول النامية، ولكنه لم ينجح في مجتمعات دول الخليج العربية التي تتميز بالوفرة المالية ونظام الرعاية الاجتماعية أيضاً.

اكتشاف هذه الخليّة الإرهابية يُعيدنا إلى التذكير بضرورتين؛ الأولى: ربط الحل الأمني توازياً بالسياسي والفكري والثقافي والاجتماعي والتربوي. والأخرى: عدم الانغماس في الدعايات الفكرية لـ«الإخوان» التي يروّجها بعض المفكرين، وأخطرها مقولة نهاية الإسلام السياسي.

وعي المنطقة بخطورة تنظيم الإخوان لدى السعودية والإمارات ومصر يُضيِّق الخناق على الإخوان، وجعل من المهم التنبّه لأساليبهم ومكرهم. قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حوارٍ معه في 2018 بصحيفة «التايم» الأميركية، إن «المرء لا يتحول فجأة من شخص عادي إلى إرهابي، بل يتحول من شخص عادي إلى محافظ قليلاً، ثم إلى متطرف قليلاً، ويزداد تطرفاً وتطرفاً حتى يصبح جاهزاً لأن يكون إرهابياً. وتعد شبكة الإخوان المسلمين جزءاً من هذه الحركة. فلو نظرت إلى أسامة بن لادن، ستجد أنه كان من الإخوان المسلمين... ولو نظرت إلى البغدادي في تنظيم داعش ستجد أنه أيضاً كان من الإخوان المسلمين. في الواقع لو نظرت إلى أي إرهابيّ ستجد أنه كان من الإخوان المسلمين». وعن التنظيمات السرورية يقول الأمير: «أسامة بن لادن والظواهري كانا من الإخوان المسلمين، وقائد تنظيم داعش كان من الإخوان المسلمين، ولذلك تعد جماعة الإخوان المسلمين وسيلةً وعنصراً قوياً في صنع التطرف على مدى العقود الماضية، ولكنَّ الأمر لا يقتصر على جماعة الإخوان المسلمين فحسب، بل خليط من الأمور والأحداث».

الخلاصة؛ أن مقولة نهاية الإسلام السياسي جدّ خطيرة، واكتشاف خلايا في المنطقة، وآخرها الضربة الأمنية الناجحة في الإمارات، يشرح مدى عنف هذه الجماعة وإصرارها على خوض ممارسات إرهابية تخريبية ضمن طموحات سياسية بشعة، تكشّفت من خلايا في مصر والسعودية وتونس، وكلها تعبّر عن خطر التنظيم، وتكسر مقولات البعض عن انهيار الإسلام السياسي. ولا بد من السير بالتوازي على مسارين: التنمية العالية الناجحة في الخليج محاطة بالرؤى الاستراتيجية الكبرى، بالتوازي مع مسار الوعي السياسي والأمني بمخاطر المستهدفين لذلك المسار الذي يريد المتطرفون تدميره أو تثبيطه أو إلحاق الأذى به... الوعي بالإرهاب وحيَله يُكسبنا نصف المعركة، وهذا ما حدث.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوعي الأمني بالخلايا السرية الجديدة الوعي الأمني بالخلايا السرية الجديدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon