توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«المثلث الدامي» كشمير وجذوات الصراع

  مصر اليوم -

«المثلث الدامي» كشمير وجذوات الصراع

بقلم : فهد سليمان الشقيران

منذ ما عرف بالحرب الثالثة عام 1971 بين الهند وباكستان والتي انتهت بانتصار الهند ومن ثم انفصال باكستان الشرقية عن باكستان الغربية (بنغلاديش حالياً) والعالم يعتبر استمرارية الصراع بين الهند وباكستان تشكل خطراً على السلم العالمي. ازداد الخطر بعد اضطراب الحضور الأميركي، وتزعزع الحلف مع باكستان. من الصعب الحديث عن نهاية النزاع وخاصة أن الدولتين تتنافسان على الهيمنة بأفغانستان كما يقرأ ذلك المتخصص ويليام داريمبل في ورقة مهمة بعنوان «المثلث الدامي: أفغانستان - باكستان - الهند» وأورد فيها: «إن الرواية الباكستانية تؤكد أن الهند قطعت أوصال بلادهم، مما جعلهم يقيمون علاقاتٍ ودية مع أفغانستان، ويقاومون من أجل الحفاظ عليها، والهدف يندمج مع خطة «العمق الاستراتيجي» والهادفة إلى توفير ملجأ آمن في حال نشبت أي حربٍ مستقبلية مما يؤمن لهم الانسحاب إلى الشمال الغربي في حال حدث اجتياح هندي». وتجدر الإشارة إلى أن كاتب هذه الورقة لديه تسعة كتبٍ عن نزاعات القارة الهندية.
يرجع داريمبل جذور التنافس الهندي الباكستاني في أفغانستان إلى زمن تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947 مع انسحاب البريطانيين من الهند بعد الحرب العالمية الثانية، وعقب تقسيم المستعمرة إلى الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان ذات الأغلبية المسلمة، لتنبت شوكة كشمير في حلق كلا البلدين. وكشمير كانت في عهد الهند البريطانية ولاية أميرية، كانت كشمير مرشحة لأن تكون ضمن باكستان، لكن السبب كما يضيف أن «العواطف الموالية للهند لدى كل من المهراجا الهندوسي والسياسي المسلم البارز شيخ عبد الله بالإضافة إلى الأصول الكشميرية لأول رئيس وزراء للهند وهو جواهر لال نهرو أدت إلى بقاء الولاية جزءاً من الهند وهو الأمر الذي طالما اعتبرته باكستان أمراً غير مقبول».
بين حروب عسكرية، وأخرى باردة خسرت تلك الأمم بسبب هذه النزاعات فرصاً عظيمة لتسريع النمو الاقتصادي، والقفز نحو طفرات التطور والحداثة التي يعيشها العالم، لذلك فإن زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لباكستان ثم الهند تؤكد الشراكة مع البلدين، وتعزيز التعاون بشتى المجالات، ولأن السعودية صديقة لكلا البلدين فقد طرحت مبادرة حل قضية كشمير، والأهم استجابة الدولتين وترحيبهما بالمبادرة وخاصة بعد وصول الرئيس عمران خان لسدة الحكم وهو المتصف بالقدرة على التفاوض وهي صفة تساعد على حل أعتى المشكلات ضمن حلول واقعية ممكنة التنفيذ.
وجدت الهند أنها - كما يقول هنري كيسنجر (في كتاب «النظام العالمي») - منهكة بحربٍ مع الصين 1962 وأربع حروب مع باكستان: «غير أنها بقيت ملتزمة مفهومياً بالنظام العالمي متناغمة مع الموروث على المستويين العالمي والإقليمي، وتعبيرها الرسمي عن النظام كان وستفالياً كلاسيكياً ومتطابقاً مع التحليلات الأوروبية لميزان القوى، وقد حدد نهرو خمسة مبادئ للتعايش السلمي تحت اسم (بانتشا سيلا) وهي: الاحترام المتبادل، عدم الاعتداء، عدم التدخل، المساواة والنفع، التعايش السلمي. عكفت الهند لاجتراح عقيدة تدعم أمنها كما فعل قادة أميركا الأوائل بتوظيف (مبدأ مونرو) لإيجاد دور خاص لأميركا في نصف الكرة الغربي».
على العكس فإن نيران التحديات أثقلت كاهل باكستان، القادرة نظرياً على مقارعة أعتى الدول بالعالم نظراً للمقومات والإمكانات المتاحة، وكان من أسوأ ما واجهها تحدي الإرهاب، وهذا ما يفصّله والي نصر الذي كان مستشاراً لأوباما لشؤون أفغانستان وباكستان في فصلٍ كامل بعنوان «من الذي خسر باكستان» ضمن كتابه الشهير «الأمة التي يمكن الاستغناء عنها». لقد أشاحت أميركا بوجهها عن باكستان التي تواجه تحدياتٍ جمة بعد الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) وسقوط طالبان، كان الخلاف بين أوباما ومستشاره ريتشارد هولبروك عميقاً للغاية، بين أوباما المعاند المستهتر بباكستان، ومستشاره الذي يعتبر الشراكة معها ضرورية لمحاربة التطرف في دولة نووية بمائة وثمانين مليون نسمة، لدرجة جعلت الجنرال مايكل مولن رئيس هيئة الأركان المشتركة يقول في شهادته أمام لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الأميركي في 22 سبتمبر 2001 إنها: «حليف ثابت وتاريخي»، وأضاف لهذا الوصف: «إنها حليف من الجحيم». أما هولبروك فنظرته واضحة ومطولة لكن خلاصتها ما يلي: «لدينا مصالح حاسمة في باكستان، إنها الأكثر أهمية، وإن لدينا مجالاً واسعاً في إدراك أهمية المصالح الأميركية في باكستان أكثر مما هي عليه في أفغانستان، لو عملنا بهذا الترتيب فإنه سيكون من الأفضل لنا والأفضل للعالم من ناحية النتائج، إننا قد نعيش لنرى نتائج عدم مبالاتنا وضياع الفرصة التي كان بالإمكان تحقيقها. إذا لم ننجح في إعادة باكستان إلى الطريق الصحيح فإن المنطقة ستتحول خلال عشرين عاماً إلى نسخة كبيرة من قطاع غزة».
الهند وباكستان تعلمان جيداً أن المرحلة الحالية تحمل فرصة ثمينة لتحقيق ثلاثة أهداف؛ أولاً: حل الخلاف السياسي والانفتاح التدريجي بين البلدين ضمن مبادرة دولية، ثانياً: ضرورة التعاون الجدي بين الدولتين لمحاربة الإرهاب وتبادل المعلومات وهذا من صالح الأمن القومي للبلدين، وثالثاً: إنهاء الصراع على الجغرافيا الذي أنهك تلك المنطقة وسهل الاستثمار المجنون من قوى تلعب على الطرفين كما هو سلوك إيران المستثمر للخلاف بين البلدين، وذلك لمصلحة الدولتين ولتعزيز الشراكة بين البلدين وحلفائهما في الشرق الأوسط، والمبادرة السعودية للحل مناسبة لتكون نقطة الانطلاق في ماراثون التفاوض.

نقلاً عن الشرق الاوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«المثلث الدامي» كشمير وجذوات الصراع «المثلث الدامي» كشمير وجذوات الصراع



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon