توقيت القاهرة المحلي 16:40:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفرحون بحادث بقيق الإرهابي!

  مصر اليوم -

الفرحون بحادث بقيق الإرهابي

بقلم : فهد سليمان الشقيران

بعد الحادث الإرهابي على «أرامكو» في بقيق بدأت تتضح أزمات دول ومجتمعات وتياراتٍ وأحزابٍ مع السعودية؛ وآية ذلك أن الثعابين بدأت تنفث سمها في «السوشيال ميديا»، وعبر المداخلات الفضائية، والتدوينات الهاتفية. لم يعد الإرهاب موضع تجريم جمعي لدى العرب والمسلمين، بل إن ثمة من يؤيد ويفرح ويغتبط بالجريمة، ويعتبرها انتصاراً له. منذ تأسيس المملكة العربية السعودية أضمر جمع من العرب والمسلمين العداء المستحكم لهذه الأرض، وبعد أن تفجّرت الأرض عن طاقاتها ومعادنها أشرب العداء الأول بحقدٍ دفين لاحق، وشخصياً خضت حواراتٍ مستفيضة مع جمعٍ من مثقفين اشتهرت بلدانهم وأحزابهم ومنظماتهم بالمواقف العميقة الكارهة للسعودية ينكرون ذلك علناً، ولكن ما إن تتقصى إلا ويأتيك القول شاهداً عليهم.
إن عملية بقيق الكارثية فتحت المجال لنا لننظر بشكلٍ دقيق لآثار الحادث، وسنعرف سريعاً من الذي فرح واستمتع بهذه الهجمة الإرهابية من قبل دول الشر والجماعات المارقة.
منذ خمس سنواتٍ والسعودية تخوض مرحلة تنويرية وسط محيطٍ إقليمي مشبع بالدول الفاشلة، وبالجماعات الإرهابية، وبكياناتٍ مجتمعية أمية وجاهلة، وسط هذا الزخم السعودي التحديثي تصاعدت مقاومة متطرفة شرسة تعارض المد الحديث، تفضّل للسعوديين البقاء في غياهب التاريخ، ولا تريد لهم أن يضارعوا أحدث ما وصلت إليه البشرية على كل المستويات الدنيوية. تلك المعارضة تأتي بشكلٍ أساسي من أنظمة قمعية شمولية شريرة مثل النظام الإيراني، وهو معروف بأنه نظام أصولي واستئصالي، ويعبر عن أقصى ما وصلت إليه الأنظمة من طغيان وقمع، ويعيش فيه الرجال والشيوخ والأطفال تحت التعذيب اليومي بسبب تسلط الأصولية الدينية، أما المرأة لديهم فتعامل بدرجة أحط من الحيوانات، والأرقام تشهد على هذه الحالة الأصولية المتصاعدة. ويدور في فلك هذا النظام الجماعات الدموية مثل جماعة «الإخوان»، و«حزب الله»، وتنظيمات «القاعدة» و«داعش» وحركة «حماس»، و«بوكو حرام»... كلها كيانات إرهابية تعارض التطوّر والتنوير الذي تقوده السعودية في هذه المنطقة المنهارة والفاشلة والموبوءة من هذا العالم.
فرح بهذا العمل التخريبي ما تبقى من عربٍ يعتقدون أن قضيتهم هي محور كل شيء، وأن كل تنمية وخطة وفكرة تحديثية يجب أن تنطلق من أخذ تلك القضية في الاعتبار، ويعتبرون القضية هي قطب رحى أي دولة عربية وإسلامية، والواقع أن القصّة شهدت تحولاتٍ ضرورية كبيرة، ولم تعد القضايا القديمة أساسية بالنسبة للمجتمعات المنشدة نحو المستقبل، ولا تناسب تلك الخطابات تطلعات الشعوب الشغوفة بالتطور والتحديث والراغبة فيهما، وبخاصة حين تكون القضية محاطة بالأعداء والإرهابيين والمتطرفين، أو حين ينشئ بعض المعنيين بالقضية حركات إرهابية تحت اسم المقاومة، كما تفعل حركة «حماس»، وكما هو تصرف «حزب الله» ضد دول مدنية ومجتمعاتٍ مطمئنة. أحد أصحاب القضية تمنى أن تقصف محطات تحلية المياه في السعودية ليموت السعوديون عطشاً، فهذه أخلاقيات أصحاب ما يعرف عادة باسم «القضية»، التي لم يبق منها إلا اسمها ورسمها.
ومن بين الفرحين أيضاً أولئك أصحاب الإدانات الناقصة، الذين يحيلون الجريمة البشعة لما يسمونه بموضوع «حرب اليمن»، أو التبرير الصريح كما هو الموقف التركي الذي يعتبر الحادث من الأمور الطبيعية التي أحدثتها الأزمة اليمنية (!) لقد كان بإمكان أولئك اللوذ بالصمت، أو الوقوف بشكلٍ صريح مع إيران والجماعات الإرهابية، والتأييد لجماعة الحوثي، فهم بذلك يحمون مصداقيتهم ويعبرون عن المكنون من المشاعر، والدفين من المواقف، ولعل العالم كله شهد وقوف الدول الكبرى، ذات الامتداد الحضاري، مع السعودية، وبخاصة المجتمع الغربي، أما مواقف الدول الراعية للإرهاب ومدى إنصافها للسعودية فأمر لا قيمة له، بل منحت مواقفهم المتابع فرصة ليميز الخبيث من الطيب، الإرهابي من المدني، الأصولي من الحداثي. وهذه طبيعة الأحداث الجسام.
آخر التيارات الفرحة بهذا العمل الخبيث من يعتبرون أن السعودية تختبئ وراء القوة الأميركية، وتراهم يسعون وبغباء نادر ذهاباً وجيئة عن مدى حماية أميركا للسعودية، وهذا القول الرائج إنما يفضح مستوى العته الشديد الذي يتسم به بعض الجيران العرب، فالسعودية بقوتها استطاعت خوض حروبٍ ناجحة شديدة التأثير على مستقبل المنطقة، وتحركت عسكرياً من خلال قوات «درع الجزيرة» فحمت البحرين، وسحقت الحوثيين باليمن وأعادتهم ألف سنة إلى الوراء، واليوم السعودية كما هي بالأمس تستطيع أن تخوض حروبها بقوتها الذاتية، وتصريحات الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تبين وبوضوح أن العلاقات مع الحلفاء مفيدة ولكن الدفاع عن الأرض ومقاومة دول الشر المارقة والجماعات الإرهابية أمر سعودي بحت.
في آخر المطاف فإن هذا العمل التخريبي كشف عن مستوى الخزي لدى البعض من العرب والمسلمين، فلا يمكن أن تعوّل على مجتمعاتٍ بهذه الهشاشة والتفاهة، وقدر السعودية أنها وجدت بكل ما تحمله من ضوءٍ ونور وسط دول معتمة تعاني من فشلٍ وانهيار وتيه وضياع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفرحون بحادث بقيق الإرهابي الفرحون بحادث بقيق الإرهابي



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon