توقيت القاهرة المحلي 09:24:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التقليد الديني وأسس العنف

  مصر اليوم -

التقليد الديني وأسس العنف

بقلم : فهد سليمان الشقيران

يُعدّ المفكر اللبناني، الدكتور رضوان السيد، من أهم المنشغلين بالدراسات الإسلامية بحثاً وترجمةً خلال نصف القرن الأخير، وقد اشتغل - علاوةً على الأبحاث والدراسات، والاستقصاء في الدراسات الاستشراقية والعربية والتاريخية - بترجمات عدة عن الإنجليزية والألمانية. أخذت حيزاً من اهتمامه مسألة «الإحيائية الإسلامية»، وتفجرات التيارات الصحوية الشيعية والسنية، وأخذ يدرس أدبيات وأصول وجذور «الإخوان المسلمين» الممتدة منذ عشرينات القرن الماضي. اهتم بموضوعات التدبير السياسي، وإدارة الشأن العام منذ بداياته الأكاديمية، ولمع اسمه بمشروعات كبرى تأسيسية تحاول تجاوز «نقد التراث»، التي كوّن له رأياً خاصاً بها، إذ ينتقد الطيب تيزيني، ومحمد الجابري، ومحمد أركون، وعبد الله العروي، وآخرين.

لا يفتخر رضوان السيد بأنه أبرز خمسين عالماً أزهرياً انشغل بالفلسفة، لأنه استطاع ملامسة قاع النص وأفق الجدال الألماني، وكتب عن الاستشراق الألماني كتاباً مهمّاً؛ وصنعت منه المعايشة مفكراً يتقبّل كلمات أنجيلا ميركل لرئيس وزراء لبنان السابق فؤاد السنيورة حين قالت: «إن دعمي لاستقبال المهاجرين كلّفني مقعدي السياسي، فالأمر معقد، وحركة التاريخ ستُسجل للمتطرفين مساوئهم، ولكنها لن ترحمنا، لأننا تكلسنا فلسفياً، وسمحنا للجماعات المتطرفة بصناعة وقود التطرف».

وعندما أجريت مع العلّامة رضوان السيد حواراً في 20 مايو (أيار) 2020، قال بالنص إن: «دراسته العلمية ليست مقاصدية، وإنما حصلْتُ على الشهادة الابتدائية من مدرسة المقاصد الخيرية الإسلامية في قريتنا ترشيش. ثم وبعد تخرجي في ألمانيا أسستُ بالمقاصد (المعهد العالي للدراسات الإسلامية)، وأدرتُه طوال عقدين».

ويضيف مولانا: «أنا في الحقيقة أزهري وشيخ. إذ بعد الشهادة الابتدائية دخلتُ في بيروت إلى المعهد الديني الذي تُديره دار الفتوى في لبنان واسمه: أزهر لبنان، لأن مصر كانت ترسل بعثة للتدريس فيه».

ثم يتحدث عن تخرجّه في المعهد الديني: «حين ذهبت للدراسات العليا بالأزهر في مصر تخرجت عام 1970 بالإجازة العالية في (العقيدة والفلسفة) من كلية أصول الدين. وفي العام 1972 حصلتُ على منحة من مؤسسة (أديناور) الألمانية، مدتها خمس سنوات، وذهبتُ إلى جامعة (توبنغن) بألمانيا الاتحادية؛ حيث حضّرتُ أُطروحةً في التخصص الرئيسي: الإسلاميات، وفي تخصصين فرعيين: اللاهوت الكاثوليكي والبروتستانتي، واللغات السامية. لقد أردتُ أن أكونَ اختصاصياً في فلسفة الدين بالفعل. ولولا أنه كان سيُفرض عليَّ تعلُّم اليونانية واللاتينية، وما كانت مدة المنحة تكفي، لأحببتُ أن يكون اختصاصي الرئيسي في الفلسفة الوسيطة».

الخلاصة؛ أن أستاذنا يرى أن الخطاب الديني العام مرتبط بكيفية صناعته؛ وكيف تجري الصياغة وسط المتغيرات الكثيرة والكثيفة. وهو شأنٌ كبيرٌ يمضي الحديث فيه كل يوم على وجه التقريب. ذلك أن المهمات الأساسية لعلماء الدين تتمثل في أربعة أمور: الدعوة لوحدة العقيدة والعبادة، والتعليم الديني، والفتوى، والإرشاد العام. الدين قوةٌ ناعمةٌ، وخطابها الإقناعي هو المعتبر، وليس الخطاب الاحتجاجي الذي لا يصنع اقتناعاً ولا ينتج رضاً أو سكينة.

يرى في كل حواراته أن المتغيرات تجتاحنا، ولا سبيل للمواجهة بعقلية المؤامرة على طول الخطّ. فكما تدربنا خلال العقود الأخيرة بالمعرفة والتأهُّل على مواجهة التطرف والإرهاب، وعلى المصير إلى الحوار العاقل والمنفتح، يكون علينا المصير إلى استمرار التأهُّل بالمعرفة لهذه المستجدات في حقائقها وفي وقائعها وإمكاناتها وتأثيراتها في الحاضر والمستقبل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقليد الديني وأسس العنف التقليد الديني وأسس العنف



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon