توقيت القاهرة المحلي 16:40:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المدونات الفلسفية وتأثير الفن

  مصر اليوم -

المدونات الفلسفية وتأثير الفن

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تثبت المدوّنات التاريخية التي تبحث في نقاط التماسّ بين الموسيقى والفلسفة أن محاولات الفصل بينهما قد فشلت. المجالان الموسيقي والفلسفي استمرا في التداخل، كل مجالٍ يغني الآخر، بل إذا رجعنا إلى فترات الذروة التي بلغت فيها الموسيقى أوْجها منذ القرن الـ18 وحتى الـ20، سنجد أن الفلسفة في تلك الفترة نفسها كانت مزدهرة، بل بلغت أقصى حالات الازدهار في تلك الفترة وأخصبها، فهي القرون التي شهدت استعادة «سؤال المعرفة» من «كانط» في القرن الـ18 إلى «مارتن هيدغر» في بحر القرن الـ20. تيودور أدورنو، فيلسوف وعالم اجتماع وعالم نفس وموسيقي ألماني، اشتهر بنظريَّاته النقدية الاجتماعية، وتأثر «أدرنو» بأنماط «هيغل» الكتابية، وأمه كانت مغنية، وهو ممن «دافع عن الموسيقى الحديثة، التي رأى أن مدرسة فيينا الثانية خير نموذج لها، وفي أبحاثه وظّف الأفكار الفرويدية والماركسية في خدمة الموسيقى الطليعية»، وذلك بحسب «علي الشوك» في الجزء الرابع من كتابه «أسرار الموسيقى».

وإذا عدنا إلى صفحات مذكرات الموسيقي الروسي «بيتر إليتش تشايكوفيسكي»، التي ربتْ على الـ600 صفحة، سنعثر على غنى التأثير الفلسفي على رؤيته الفنية، وفي استهلال الكتاب تذكر «ألكسندرا أورلوفا»، وهي المحرّرة للمذكرات، أن «اهتمام تشايكوفيسكي بالفلسفة تجلّى في نقده لمبادئ الفيلسوف الألماني «أرتور شوبنهاور» ولآراء «تولستوي» الفلسفية، والاهتمام الذي أبداه بأعمال فلاديمير سولوفيوف والفيلسوف القانوني والسياسي بوريس تشيتشيرين، وأخيراً في سنوات حياته الأخيرة لأسبينوزا».

جاءت موسيقى تشايكوفيسكي محايثةً للقلق الفلسفي، ومعارضةً لمبادئ أرتور شوبنهاور الفلسفية، إذ تنبعث شهب الحياة من بين مقطوعاته الموسيقية، وما عشق العالم لمعزوفته الأخّاذة والفرحة «كسارة البندق» إلا ثمرة من ثمار اعتراض تشايكوفيسكي على نتائج فلسفة أرتور شوبنهاور التشاؤمية التي تُضرب عن الفرح وإرادة الحياة والانغماس في لذائذها.

«نيتشه» هو الآخر عازف مميز، كان ثنائياً هو و«فاغنر» قبل أن «تتأنّث» موسيقى الأخير، ودخول فاغنر على خطّ الاهتمام الشعبي، حينها غضب نيتشه على هذا «التأنيث» وراح يكسر بمعاول بحثه تاريخ الموسيقى الألمانية، سنعثر على هذا النقد الشرس في كتبه المتوزعة، ولكن النقد سيكون واضحاً في نقد «القيم»، التي حملتْها الموسيقى «المؤنّثة»، ممثلةً في مقطوعات فاغنر التي أنتجها في الثلث الأخير من حياته، سنجد النقد كل النقد في كتابه «ما وراء الخير والشر - تباشير فلسفة المستقبل». وفي الـ100 صفحة الأخيرة من الكتاب يصرخ نيتشه كعادته: «إن توخّي الحذر الشديد هو واجب على ما أظنّ عند تذوّق الموسيقى الألمانية، عليه أن يستمع بأذنيه مقدمة موسيقى أعمق وأقوى، أخبث وألغز، ربما موسيقى ما فوق ألمانية لا تخفت وتذبل وتبهت».

*نقلاً عن "الاتحاد"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدونات الفلسفية وتأثير الفن المدونات الفلسفية وتأثير الفن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon