توقيت القاهرة المحلي 09:41:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المدونات الفلسفية وتأثير الفن

  مصر اليوم -

المدونات الفلسفية وتأثير الفن

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تثبت المدوّنات التاريخية التي تبحث في نقاط التماسّ بين الموسيقى والفلسفة أن محاولات الفصل بينهما قد فشلت. المجالان الموسيقي والفلسفي استمرا في التداخل، كل مجالٍ يغني الآخر، بل إذا رجعنا إلى فترات الذروة التي بلغت فيها الموسيقى أوْجها منذ القرن الـ18 وحتى الـ20، سنجد أن الفلسفة في تلك الفترة نفسها كانت مزدهرة، بل بلغت أقصى حالات الازدهار في تلك الفترة وأخصبها، فهي القرون التي شهدت استعادة «سؤال المعرفة» من «كانط» في القرن الـ18 إلى «مارتن هيدغر» في بحر القرن الـ20. تيودور أدورنو، فيلسوف وعالم اجتماع وعالم نفس وموسيقي ألماني، اشتهر بنظريَّاته النقدية الاجتماعية، وتأثر «أدرنو» بأنماط «هيغل» الكتابية، وأمه كانت مغنية، وهو ممن «دافع عن الموسيقى الحديثة، التي رأى أن مدرسة فيينا الثانية خير نموذج لها، وفي أبحاثه وظّف الأفكار الفرويدية والماركسية في خدمة الموسيقى الطليعية»، وذلك بحسب «علي الشوك» في الجزء الرابع من كتابه «أسرار الموسيقى».

وإذا عدنا إلى صفحات مذكرات الموسيقي الروسي «بيتر إليتش تشايكوفيسكي»، التي ربتْ على الـ600 صفحة، سنعثر على غنى التأثير الفلسفي على رؤيته الفنية، وفي استهلال الكتاب تذكر «ألكسندرا أورلوفا»، وهي المحرّرة للمذكرات، أن «اهتمام تشايكوفيسكي بالفلسفة تجلّى في نقده لمبادئ الفيلسوف الألماني «أرتور شوبنهاور» ولآراء «تولستوي» الفلسفية، والاهتمام الذي أبداه بأعمال فلاديمير سولوفيوف والفيلسوف القانوني والسياسي بوريس تشيتشيرين، وأخيراً في سنوات حياته الأخيرة لأسبينوزا».

جاءت موسيقى تشايكوفيسكي محايثةً للقلق الفلسفي، ومعارضةً لمبادئ أرتور شوبنهاور الفلسفية، إذ تنبعث شهب الحياة من بين مقطوعاته الموسيقية، وما عشق العالم لمعزوفته الأخّاذة والفرحة «كسارة البندق» إلا ثمرة من ثمار اعتراض تشايكوفيسكي على نتائج فلسفة أرتور شوبنهاور التشاؤمية التي تُضرب عن الفرح وإرادة الحياة والانغماس في لذائذها.

«نيتشه» هو الآخر عازف مميز، كان ثنائياً هو و«فاغنر» قبل أن «تتأنّث» موسيقى الأخير، ودخول فاغنر على خطّ الاهتمام الشعبي، حينها غضب نيتشه على هذا «التأنيث» وراح يكسر بمعاول بحثه تاريخ الموسيقى الألمانية، سنعثر على هذا النقد الشرس في كتبه المتوزعة، ولكن النقد سيكون واضحاً في نقد «القيم»، التي حملتْها الموسيقى «المؤنّثة»، ممثلةً في مقطوعات فاغنر التي أنتجها في الثلث الأخير من حياته، سنجد النقد كل النقد في كتابه «ما وراء الخير والشر - تباشير فلسفة المستقبل». وفي الـ100 صفحة الأخيرة من الكتاب يصرخ نيتشه كعادته: «إن توخّي الحذر الشديد هو واجب على ما أظنّ عند تذوّق الموسيقى الألمانية، عليه أن يستمع بأذنيه مقدمة موسيقى أعمق وأقوى، أخبث وألغز، ربما موسيقى ما فوق ألمانية لا تخفت وتذبل وتبهت».

*نقلاً عن "الاتحاد"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدونات الفلسفية وتأثير الفن المدونات الفلسفية وتأثير الفن



GMT 03:01 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

الأقدام تتقدم

GMT 02:56 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

انتخابات رئاسية لا معنى لها في إيران

GMT 02:46 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

الجنسية السعودية و«الرؤية»

GMT 02:36 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

انتخابات بريطانيا... حقائق خلف الأرقام

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 19:58 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

أدوية للسكري تكافح 10 أنواع من السرطان
  مصر اليوم - أدوية للسكري تكافح 10 أنواع من السرطان

GMT 23:27 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

أحمد فهمي يتعاون مع أحمد السقا في فيلم جديد
  مصر اليوم - أحمد فهمي يتعاون مع أحمد السقا في فيلم جديد

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 09:44 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

طريقة إعداد البسكويت بالشوكولاتة من دون فرن

GMT 10:12 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

"باناسونيك" تحتفل بمرور 10 عام على تأسيسها وتقدم الأحدث

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

أمل رزق تكشف أن "للحب فرصة أخيرة" سيكون مفاجأة للمشاهدين

GMT 02:18 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

رئيس مجلس إدارة "برزنتيشن" يُشيد بأداء الشركة

GMT 22:30 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

اختبر قدرتك على التركيز مع اللعبة المميزة Gravity Switch

GMT 06:43 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

رد محمد رمضان بعد الكشف عن أجره الضخم في "بالعربي SNL"

GMT 17:59 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

محمد فراج يتعاقد على بطولة "الصعود للهاوية" لرمضان المقبل

GMT 00:19 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

حارس بينفينتو ينقذ رفاقه ويسجل هدف التعادل في مرمى ميلان

GMT 00:09 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

مدير تعاقدات فريق آرسنال الحديث يحذر من ارتفاع سقف التوقعات

GMT 15:25 2016 السبت ,02 إبريل / نيسان

طريقة عمل طاجين بطاطا

GMT 09:00 2015 الأحد ,26 تموز / يوليو

أول طفلة أنابيب في العالم هى لويز براون
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon