توقيت القاهرة المحلي 11:34:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحروب حين تؤثر على الفلسفات

  مصر اليوم -

الحروب حين تؤثر على الفلسفات

بقلم : فهد سليمان الشقيران

من الطبيعي أن تؤثر الحروب على الفلاسفة وسياسات أفكارهم ونمط اشتغالهم. نعلم كيف أثرت الحرب الأهلية في إنجلترا على فيلسوف كبير مثل توماس هوبز، وبعدها أسس نظريته في العقد الاجتماعي التي كانت ملهمةً لمن كتبوا بعده، وأبرز المتأثرين به الفيلسوف الأميركي جون راولز، الذي أعتبره أهم من طوّر في نظرية العقد الاجتماعي في كتابه الأساسي: «العدالة كإنصاف».
ومن بين من تأثرت فلسفته بالحرب الفيلسوف اللبناني علي حرب، حيث قرأ وهو في صلب الحرب الأهلية كتاب ميشيل فوكو «الكلمات والأشياء»، وقد تأثر به كثيراً، ذلك أن الحروب تمحض الأفكار وتشدها، وتجعل الرؤية في قمة صفائها، ولذلك يقول هيراقليطس عن الحرب إنها «ربّة الأشياء».
في حوار مع الكاتب علي حرب تطرّق إلى الحرب الأهلية في لبنان، يقول: «كانت الحرب في لبنان حدثاً فاصلاً نقلني من طور إلى آخر، بعد أن اكتشفت، من وراء ضجيج الشعارات وزيف الدعوات، أنّ كلّ ما كان يجري على الأرض هو عكس ما كان يُطرح من عناوين ثورية لتغيير الوضع القائم. بذلك تحرّرت من سجون الأيديولوجيا، وتشكّلت لديّ عين نقدية حملتني على إعادة النظر في مجمل قناعاتي الفكرية ومواقفي السياسية. ولا شكّ أنّه كان للاشتغال بالفلسفة، التي هي في الأصل نشاط نقدي عقلي تنويري، أثره الفعال في تغيير نظرتي إلى العالم. ثمّة أناس لم تبدّل الحرب حرفاً في قناعاتهم، بل زادتهم إيماناً وتعصّباً وعماية».
لكن لماذا تؤثر الحرب على الفيلسوف؟ يجيب بأن: «الفيلسوف شاغله الكلام على الكائن والحياة والإنسان، أو على العقل والهوى والفضيلة أو على المجتمع والعدالة والحرية، وسواها من مفردات الوجود، وبما يتعدّى الانتماءات الهويّاتية والتصنيفات الأيديولوجية إلى طوائف ومذاهب أو إلى مدارس ومعسكرات».
مهمة الفيلسوف - يجيب علي حرب: «هي أن ينتج مفهوماً عن الهويّة يُعنى به كلّ ذي هويّة. وقد يدافع عن الحرية، لكنّ الأَولى به التحرّر من سلطة أفكاره وأوهامه في مقاربته للمسائل. كذلك قد يدافع عن حقوق الإنسان، لكن ما يُنتظَر منه أن يفسّر لنا كيف أنّ الناس لا يحسنون سوى انتهاك المبادئ والإساءة إلى الحقوق. وتلك هي المشكلة، كما تصدمنا تجارب التحرير والتغيير: تحوّل المظلوم إلى ظالم والضحية إلى جلّاد».
يرى علي حرب أيضاً أن منطلقه كان من الحرب في نقد الإنسان، فمنذ بدأت أكتب على وقع الحرب التي فتكت ببلدي لبنان قررت أن أفتح ملف إنسانيتنا كما صنعتنا بمفردات النخبة والقداسة والعظمة والمركزية والنرجسية، وغيرها من المقولات التي كانت تحتاج إلى أن توضع على مشرحة الكشف والتعرية، إذ هي مكمن العلّة ومصدر المشكلة. من هنا تتردد في كتاباتي مقولة إن الإنسان هو المشكلة بصيغها المختلفة والمتعدّدة.
الخلاصة، أن الحروب تؤسس لصيغ وقوانين وأسس مختلفة عن ذي قبل. تذهب الحروب بالأفكار والفلسفات نحو منحنياتٍ مختلفة، لذلك اتهم الفيلسوف مارتن هيدغر بالنازية، وكل قواعد العقد الاجتماعي وما ننعم به اليوم من قوانين ونظم ومبادئ لم يكن لها أن تكون لولا التدافع البشري والصراعات والحروب.

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحروب حين تؤثر على الفلسفات الحروب حين تؤثر على الفلسفات



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon