توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موسم الرياض والوظيفة التنظيمية للدولة

  مصر اليوم -

موسم الرياض والوظيفة التنظيمية للدولة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

درّب الإخوان المسلمون كوادرهم، وحبروا في كراريسهم ومراسمهم، وكرسوا في دروسهم ومراكزهم طمس الهوية السعودية. يريدون للسعودي أن يبقى خارج الإيمان بفكرة الدولة. مارسوا المخاتلة عبر تسميات تعزز الزهو، فأطلقوا مسميات متعددة.
ليست المشكلة في الوصف وإنما في وظيفته، وهي نقض مفهوم الدولة، وإخراج السعودي عن «الانتماء المحدود» للدولة والمجتمع والمشترك الثقافي بينه وبين أبناء مجتمعه ليكون خارج معنى التعاقد الحديث للإنسان مع الدولة واشتراطاته حقاً وواجباً وتعاملاً ومسؤولية.
العمل الدؤوب في السعودية من قبل هيئة الترفيه لإتمام اللمسات الأخيرة لانطلاق موسم الرياض، يمنحنا الفرصة للرد على أكبر عدد ممكن من الاعتراضات الآيديولوجية الموجهة ضد فكرة الترفيه بالأساس، ومنشأ تلك الاعتراضات الأعطال النظرية.
برغم تفاوت درجات المعترضين غير أن الجامع بينهم التمسك بالنمط القديم الذي عاشته السعودية خلال عقود. يريدون البقاء في الظلمة، أدمنوا العتمة، ويكاد يحرقهم الضوء. بالإضافة للاعتقاد الكامل بكمال المنهج الذي يختطّونه، إذ عبأتهم المحاضن والمعسكرات بالزهو بالذات، والاعتقاد المضحك بأنهم غرباء هذا الزمان، وبالطبع هذا العته الآيديولوجي ليس له أي قيمة نظرية يمكن تناولها مع بقية الاعتراضات التي يمكن التنويه حولها بمفاهيم أساسية.
ويعترض البعض على الترفيه اعتقاداً منه بأن الهيئة بوصفها مؤسسة حكومية إنما هي طرف في المجتمع ينتصر لتيارٍ ضد آخر، وهذا فيه خلل فاضح، بل ويقعون ضحية خطابات تجهيل منظمة تنشر سمومها عبر التطبيقات السوشيلية. بل إن الهيئة تنتصر للغالبية العظمى من المجتمع.
مهمة الدولة تنظيم الأذواق في المجال العام وإتاحتها، وليست وظيفتها أبداً اختيار وتفضيل ذوقٍ على آخر. حتى قبل موسم الرياض تتيح هيئة الترفيه مسابقة القرآن، وماراثون طريق الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة ركضاً على الأقدام، وأخرى لرفع الأذان، فإنها كذلك اليوم تقوم بأقصى ما يمكن لتلبية عموم الأذواق والهوايات بالمجتمع. أكثر من 3 آلاف فعالية مختلفة لا تخطر على بال أحد، هذه هي مهمة المؤسسة أن تطرح الخيارات وتتيحها، كل الخيارات متاحة لمن أراد الاستمتاع بوقته في أرضه ووطنه، من فنون، ومقاهٍ، ومعارض سيارات، وأخرى للصيد، والرسم، والعزف، والخيول، وسواها مما يعز حصره.
مجمل الاعتراضات التي تتحدث عن الترفيه إنما مصدرها غبش الرؤية لمعنى ووظيفة المؤسسة، وماكس فيبر يمنحنا القدرة على التوضيح حين يتحدث عن الدولة منذ بداية التاريخ وكيف أنها: «تحمل معها قدراً من العقلانية... وهذا شيء طبيعي ما دامت الدولة تعني التنظيم، والتنظيم يعني اكتشاف طريقة أسهل وأقرب لتحقيق هدفٍ ما».
اعتاد البعض على أن وظيفة الدولة تتمحور في تحويل المجتمع إلى مشروع مستعد للموت، عبر منعها الترخيص للأنشطة غير الآيديولوجية. منذ حادثة جهيمان تغيرت الأمور؛ التلفزيون والصحافة والأندية الأدبية والملاحق الثقافية كلها أخضعت لاختيار واحد، حتى وقع وزراء في حرج بعد نشرهم صوراً فوتوغرافية للنساء بالصحف، تحت ذريعة المجاملة للتيار المتطرف، ثم كانت النتيجة كارثية، وهذا أمر تم تجاوزه بعد أن أعاد الأمير محمد بن سلمان الأمور إلى نصابها، ووضع الدولة ضمن وظيفتها الصائبة.
مهمة الدولة أن تنظم المجالات والاختيارات والمواهب والأذواق، وليس كما يظنّ البعض أنها تقوم برفع ذوقٍ على آخر، أو تفضيل هواية على رديفتها.
تتعافى السعودية اليوم اجتماعياً بفضل الرؤية الاستثنائية التي أطلقها ولي العهد، بعد طول خمولٍ وابتعادٍ عن موجات التحديث العالمي، والانعزال عن الومضات المدهشة، والفنون الممتعة عاد المجتمع إلى طبيعته.
إن السعوديين ليسوا بحاجة إلى «الإعلاميين المطلوبين أمنياً» المقيمين في قطر لتعليمهم كيف يديرون شؤون بلادهم، يجب أن نمنع أولئك من التدخل في شؤوننا، وذلك لعدة أسباب: أولها: أنهم فشلوا في معركتهم الكبرى مع عدوهم إسرائيل، وقامت بهزيمتهم مراراً وتكراراً، ولم يستطيعوا حتى اليوم تحقيق أهداف الانتصار لقضيتهم، والانتفاض لمعركتهم، وفاقد الشيء لا يعطيه، إنهم لم يصنعوا نموذجاً واحداً يحتذى على كل المستويات، وبالتالي فإن الحكم والدروس نأخذها من الأمم المتطورة المنتصرة، لا الشعوب المهزومة المنهارة.
ثانياً: أن لا مصداقية يتمتعون بها بسبب انخراطهم إما في أعمال إرهابية بأوطانهم هربوا على أثرها بأوراق وجوازات مزورة إلى قطر وبوسائل غير مشروعة، أو بسبب خياناتهم لمجتمعهم وبيعهم لأراضٍ وعقاراتٍ لإسرائيل، مما جعل مجتمعاتهم تنبذهم وتطردهم.
ثالثاً: أن لا مصداقية لديهم يمكنهم الاستناد عليها، وإنما هم مجرد أدوات صغيرة متسولة تريد رفع مستوى معيشتها عن طريق التغريد ضد السعودية.
موسم الرياض يوضح مستوى التطور في مفهوم المؤسسة، والقابلية المجتمعية للتحول من حكم الآيديولوجيا الواحد إلى المجتمع الطبيعي التعددي، وهذا بحد ذاته نجاح باهر حق للسعوديين الفخر به.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسم الرياض والوظيفة التنظيمية للدولة موسم الرياض والوظيفة التنظيمية للدولة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon