توقيت القاهرة المحلي 09:24:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن الإقليم.. تأملات في أحداث غير مسبوقة

  مصر اليوم -

عن الإقليم تأملات في أحداث غير مسبوقة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

لم تعد الأحداث خالية من ارتداداتها. قابلتُ العديد من المراسلين والنازحين من أراضي الحرب، يرون أن المشهد مهول، والأحداث مخيفة، والأفق مسدود، والنفق مفخخ، والأطراف معاندة، والسقف لهذه الأحداث غير مطروح حتى الآن. وفي موضوع الديموغرافيا، فإن النزوح يعني غالباً عدم الرجوع، والفكرة الأساسية أن النازح ليس لديه مفهوم في الفضاء الاجتماعي. فاللاجئ تدبّر شأنه الحكومة، أما النازح فإنه يطرق الأبواب، ويدخل البيوت وهذه مسؤولية مربكة، وفيها جوانب من المخاطرة الفردية، إذ أثبتت المعلومات الأمنية أن العديد من البنايات التي قصفت انغمس بها عناصر بأسلحتهم، وبالتالي تكون الضحية هي العائلة المستضيفة والبيوتات القريبة، وهذه مسألة شديدة التعقيد، كما يحدثني سياسي لبناني بالتفصيل.
ومن أحاديث الزملاء المراسلين الذين غشوا هذه الحرب، واستمعوا لأصوات المتضررين من الحرب وهو أمر يثير فضولي، فإنهم أجمعوا على عدد من النقاط:
أولاً: إن السواد الأعظم من المدنيين لايريدون هذه الأحداث الدامية، ويرون أنهم ماكانوا مضطرين لأن يكونوا حطباً في نارها ولا محتوى لأسبابها، وإنما يريدون العيش بسلام. هذا الرأي يأتي مصحوباً بلومٍ شديد للمغامرين، إذ دُمرت بيوت، وهُجّرت أسر، وقُتل عشرات الآلاف من أجل حدثٍ ليس له مبرر، وحرب بلا دافع، ومغامرة من دون جردة حسابٍ على الورقة والقلم، ويشعرون أنهم مطعونون، فهم ليس بالأموات ولا بالأحياء ،وإنما يفترشون العراء، إن هذا اللوم محق، لأن الحياة لا تقاد بالصواريخ والتفخيخ، وإنما في المزيد من التنمية والرفاه والاستقرار.
ثانياً: مخاطر اندلاع حروبٍ أهلية، الشرر الذي رأيناه في المناوشات في زحلة أو طرابلس وحتى في بيروت تعني أن المرحلة صعبة فتحت الرماد وميض نار،، ويوشك أن يكون له ضرام؛ وآية ذلك أن النزوح يثقل الكاهل المجتمعي، ويضرب عصب النسيج الطائفي، بعض الزعماء لم يختاروا استقبال النازحين في مناطقهم، خوفاً من اندساس المقاتلين ومن شيوع الفتنة، أو استيقاظ الأحقاد النائمة، وهنا مربط الفرس، تركيبات طائفية مع دولةٍ هشّة، مع دستورٍ يترجم كل سنةٍ بصيغة، مع سلاحٍ منفلت ماذا تنتظر منه؟!
ثالثاً: إن المعركة ليست سياسية بالمعنى الدقيق، وإنما هي من نوع الحروب العامة؛ الحرب من أجل الحرب، التفجير من أجل التفجير، وكل حرب لاتلد حلاً، ولا تؤمن بالتفاوض، ولا الجلوس على الطاولة هي حرب لا أفق لها، وبالتالي، فإن المشهد مرعب، والتقديرات تشير إلى أربعة أشهر كبيرة وقاسية على الإقليم، الحرب يجب أن تكون مربوطة بورقةٍ يتفاوض عليها، وبأفكارٍ يتم درسها، وبموفدين أو وسطاء يحاولون الوصل بين الأطراف المتنازعة.
رابعاً: الأزمة الإنسانية، تحدثني عنها زميلة ذهبت إلى لبنان، راصدة مستويات الدمار الشاسعة، ترى أن الذي نراه في الإعلام جزء من أجزاء بما يتعلق بالدمار والأزمة الإنسانية، وقول المتضررين خلاصته واحدة: «إيقاف الحرب». الموضوع الإنساني أساسي في هذه الأزمات المتصاعدة، والأمواج المتلاطمة، ونذكّر بالمساعدات الإنسانية الكبيرة التي نفّذتها دولة الإمارات بسواعد شبيبتها المتفانية وبقرار قادتها الحكماء.
الخلاصة؛ إننا أمام مشهدية غير مسبوقة في المنطقة من حيث الشكل والنوع ومستويات الارتداد، لكنني مع كل مامضى من قول متفائل بأن الإقليم سيستعيد أنفاسه، وأن التنمية ستنتصر، قد تكون المرحلة صعبة، ولكنني أرى المشهد مثل مخاضٍ يثمر عن مولودٍ تنموي جديد.

* نقلا عن " الاتحاد"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الإقليم تأملات في أحداث غير مسبوقة عن الإقليم تأملات في أحداث غير مسبوقة



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon