توقيت القاهرة المحلي 07:14:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فيديو الكلباني الترفيهي... والتحول المجتمعي

  مصر اليوم -

فيديو الكلباني الترفيهي والتحول المجتمعي

بقلم : فهد سليمان الشقيران

بدت الفيديوهات التي ظهر بها الشيخ عادل الكلباني، مثل الذروة في التحول الذي يشهده المجال العام بالسعودية؛ الكلباني مقرئ وإمام وخطيب لجامع الملك خالد بالرياض، ثم عين إماماً في المسجد الحرام، وبعدها عاد للرياض للإمامة بمسجد المحسين، وقد انضوى منبره في التسعينات مع ظاهرة الصحوة آنذاك، فهو كان من الفاعلين والحيويين في الحركة الصحوية وتربطه علاقات متينة برموزها، حين سجن الشيخ عائض القرني بعد قصيدة له بجدة كان برحلة للعمرة مع الكلباني، سجن القرني وعاد الكلباني للرياض لوحده.

وقد انتشر اسم الكلباني بعد موجة «التوبات» آنذاك، وسجلت سيرته ضمن كتيبات الصحوة الشهيرة «العائدون إلى الله»، وتُفاجأ حين تقرأ بأن قصص التوبة كانت عن أمورٍ عادية مثل الضرب على الطبل أو العمل في مهنة «تحكيم» المباريات، هذا يبين مستوى الاختطاف للمجتمع السعودي حينها. الكلباني ألقى بعض الخطب النارية في تلك المرحلة، ولم تطل رحلة «معارضته» للحكومة، إذ سرعان ما عاد للحياة الطبيعية وترك التصعيد.

ظهر الكلباني بالفيديو ضمن دور تمثيلي لمشهد يتعلق بموسم الرياض. فكرة الفيديو ذكية للغاية، ونجح نجاحاً مدوياً، وهذا ذكاء من المسؤولين في هيئة الترفيه، ومعروف أن رئيس هيئة الترفيه المستشار تركي آل الشيخ، له قصب السبق في التنويع المجتمعي وقيادة تغيير وتحول محوري ضمن الرؤية التي رسمها الأمير محمد بن سلمان، بعبقريته الفذة، لذلك تجيء هذه الأفكار لغاية إمتاع الناس، وتقريبهم من الجو الذي كان عليه آباؤهم قبل رحلة الاختطاف التاريخية.

الكلباني تعرض لحملة منظمة بغية إلغائه، أفتى حول الغناء والموسيقى، وقدم آراء قوية يعلم أي طالب علم أن لها شرعيتها وهي مطروحة ومطروقة في كتب الفقه والشريعة، ولكن يجنح المتشددون نحو عدم ترويج الآراء السمحة في الشريعة، بل يغلّبون التشدد لئلا يؤخذ الناس بالتساهل عن العزم، وهذا فيه افتئات كترويجهم لمقولة «من تتبع الرخص فقد تزندق»، وهذه ليس لها أصل بل ومنقوضة بالحديث الذي رواه أحمد وصححه جمع من المحققين: «إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته» ومنقوضة بآيات التيسير العديدة.

لقد مرت المجتمعات الإسلامية لحال من المزايدات في الشكليات والفروع، مقابل إهمال الروح التي اتجه الإسلام نحو تغليبها، فالإسلام غُيبت طوال العقود الماضية مقاصده ومعانيه وروحه، وبرز خطاب الوعيد والويل والتهديد والتشديد، وهذا ما جعل الترفيه مجرّماً ومحرّماً رغم عدم وجود ما يحرم ذلك أو يمنعه، فالأصل الشرعي أن ما في الدنيا مباح ومتاح ومبني على أصالة الحق والإتاحة، كما في مباحث أصول الفقه، وأن العبادات مبنية على التوقيف، فالحياة منطلقة والعبادات لا يجوز ممارستها إلا بنص، أما الحياة فلا يجوز تحريم أمر منها إلا بنص واضح وصريح، وهذا في موضوع الترفيه غير موجود.

بمتابعة ردود الفعل على ظهور شيخ بمشهد تمثيلي متقن الإخراج والأداء، وجدت الكثيرين في حالة اندهاش، وهذا يبين مستوى شغف السعوديين بالبهجة والحياة، بينما يصر البعض على تبخيس الشيخ الكلباني وكأنه قام بخطأ فاحش. ولردة الفعل هذه ربما سببان اثنان؛ الأول: أن التيار المتشدد أدرك حجمه الطبيعي في المجال العام.. لم يكن خيار المجتمع الأصلي بل أرغم الناس على الامتثال لهم بسبب الظروف السياسية والإدارية آنذاك، ومع إدراكهم لهذا التراجع المهول يريدون إسخاط الناس على الحكومة وعلى المسؤولين، ويتبعونهم بمن يعمل معهم بمشروع أو فكرة كما شغبوا على الكلباني في المشهد الأخير.

السبب الثاني: أن نجاح الموسم رغم الهجوم المنظم عليه من قبل منصات «الإخوان» ووسائل إعلامهم ضرب أمنياتهم بمقتل؛ جيوش إلكترونية، ومعارضون مأزومون، وتيارات إقليمية لها إعلامها كلها حاولت التشويه والتشتيت، لم تنجح خطة واحدة من خططهم ضد موسم الرياض، بل على العكس يزداد نجاحاً بعد نجاح، بل وتأتي الوفود من العالم للزيارة والاستمتاع بالموسم، فهنا ينبعث الخطاب الرجعي المتشدد المدعوم إقليمياً لغرض الانتقام من النجاح، ويجدون في مشاركة شيخ أو سوى ذلك مدخلهم لمحاكمة الفعاليات واتهامها.

الترفيه ليس ترفاً، بل يمثل جزءاً أساسياً من نجاح التنمية، وهو في عصب الرؤية، وكل فعالية إنما تمتن من قوة المدينة، فالمفهوم الحديث لأي مدينة أنها تتيح الخيارات المتعددة والأنشطة المختلفة للناس، الثقافي والفني والأدبي، والإنسان ليس مجبراً على الحضور، فالمدينة هي عدد من الخيارات وليست حملة من الإجبارات. الفعاليات تمثل نماذج وخيارات متاحة للناس لغرض الترفيه عن أنفسهم والاستمتاع بأوقاتهم داخل بلدهم من دون الاضطرار للسفر، وتكبد المشاق من أجل فقرة أو مسرحية.

إن المشاهد الرائعة التي نطالعها اليوم تبين حجم التطور والتحول في السعودية، قالها الأمير محمد بن سلمان، «نحن نعود إلى ما كنا عليه» هذه هي الصيغة الأساسية، إذ لم يأت أحد ببدعة. إن الرحلة نحو التنمية تتطلب تجاوز تلك الصفحة واستئناف رحلة الأولين في عصرنا السعودي القديم قبل الاختطاف، وعليه فإن النقلات التي نشاهدها تعبر عن نجاح هذه المهمة، وتفوق المسؤولين بالتغلب على كل الصعاب.

الرحلة للتو بدأت، هذا هو المجتمع الخلاق التائق نحو التطور، المتطلع بقوة نحو الحياة والبهجة، هذه هي القصة باختصار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيديو الكلباني الترفيهي والتحول المجتمعي فيديو الكلباني الترفيهي والتحول المجتمعي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon