توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«حزب الله»... لكم الرئاسة ولنا الجمهورية

  مصر اليوم -

«حزب الله» لكم الرئاسة ولنا الجمهورية

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تحمل أحداث الطيونة معها كل يوم المزيد من النّذُر؛ معركة «حزب الله» الخاسرة ضد الأهالي والعُزّل تخمرت في نفوس المعتدين لتتحول إلى أفكار مجترّة ومهولة للانتقام، خطابات نارية، وإشارات تهديد مافياوية، ولعنات سياسية، إنها بداية استثنائية لمعركة لن تكون سهلة على «حزب الله»، العديد من الزعماء يتمنون لو أنهم امتلكوا شجاعة حزب القوات اللبنانية الذي وقف بوجه الشر وقفة صمود تاريخية، ولكن على قدر أهل العزم تأتي العزائم.
إن أحداث الطيونة هي ذروة حدثية ساهم في انفجارها سياق تاريخي كامل، منذ الاتفاق الشيعي (الإيراني) مع الجنرال ميشال عون، اتفاق مارمخايل يعطي المشروعية الاجتماعية والثقافية لـ«حزب الله» أن يكتسح ما تبقى من ملامح مسيحية في لبنان الكبير، وقد كانت الصفقة من «حزب الله» لعون ببساطة كالتالي: «لكم الرئاسة، ولنا الجمهورية»، وهو اتفاق يورث هذا التعهد لصهره جبران باسيل. ومشهود عبر التاريخ أن إبرام عقدٍ مع إنسان شرِه أسهل منه مع سياسي له مشروعه ومبادئه وأسسه التي لن يتنازل عنها، وكان الاتفاق بمثابة إعلان نهاية لبنان الذي تعرفونه، وأن المسيحي عليه الانصياع للقوة الإيرانية، وأعلنها باسيل بصراحة، أن التيار الوطني الحر بات اليوم في محور إيران، وتغزّل كوادره بالسجاد والفستق والشجر بإيران (!) لنتخيل أن التيار المسيحي الذي دوّخ اللبنانيين على مدى عقود بمؤلفاتٍ وندواتٍ ومحاضراتٍ عن «علمنة لبنان» آل به المطاف ليتحالف مع أكبر دولة ثيوقراطية في العالم، يقودها رجال دين معقدون، يحتقرون المرأة، ويعادون العلم، وينشرون الموت، يتحالف تيارٌ بأكمله مع هذه الثقافة المهترئة المتهالكة المتطرفة.
ضمن ذلك التاريخ، وضمن صفقة لكم الرئاسة ولنا الجمهورية، جرت مياه كثيرة في مدن وأحياء ومناطق لبنان، تمكّن فيها «حزب الله» من مفاصل القرار، ومن تحويل البلد بأكمله إلى ملحق مهشّم يتبع إيران، واللعنة في تجذير الهوية الإيرانية بمعناها الكامل في قلب بيروت؛ لذلك لم يكن «الزحف المقدس» من قبل ميليشيات «حزب الله» على عين الرمانة خالياً من شوائب الإرث القديم، كما لم يكن بريئاً من التهديد بتغيير التركيبة الديموغرافية المسيحية في تلك المناطق، كما أجرم في مناطق نفوذ السنّة في بيروت بمجزرة «حزب الله» ضد أهالي بيروت بأحداث 7 مايو (أيار) 2008 فعل «حزب الله» باللبنانيين ما لم تجرؤ إسرائيل على فعله. وعليه، فإن ردة فعل الأهالي على اجتياح «حزب الله» لمناطقهم وسط شعار «شيعة... شيعة» كان عادياً وطبيعياً يأتي ضمن التدافع البشري المعتاد، وفي الفقه الإسلامي يُعرف هذا الدفاع عن النفس بمسألة «دفع الصائل» فمن حق المعتدى عليه أن يدافع عن نفسه وعن عرضه وأهله وبلدته بوجه البرابرة الغزاة.
وبعد تلك الغزوة الهمجية نكص «حزب الله» ومعه حليفه في «أمل» على عقبيه وقال إني بريء، وتفجّرت طاقته عن تمثيل فائق بدور المظلومية المحض، صحيح أنه هُزم وضرب وتم جلد كوادره جلد غرائب الإبل، ولكنه هو من بدأ المعركة ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها، توجه «حزب الله» نحو «التحقيق» بهذه الحادثة، لا بأسلوب مدني وحضاري، بل بطريقة انتقامية، ليته طبق في جميع جرائم «حزب الله» باللبنانيين، علماً بأنهم لم يسلّموا قاتل رفيق الحريري، ولم يمثُلوا أمام القضاء لتفسير «مجزرة بيروت 2008»، ولم يسلّموا عشرات القتلة بقضايا سياسية واجتماعية، لكنهم اليوم عادوا إلى مربع القانون بغية الانتقام الأجوف من حزب القوات اللبنانية الذي ينفي أن يكون له أي صلة بالحادث. «حزب الله» مرعوب أن تكون أسلحة الأهالي العادية هي التي هزمته، يريد أن يضع لهزيمته منتصراً كبيراً مثل حزب القوات، ولسان حال الحزب «هذا شرفٌ لا ندعيه».
هبّت فجأة مخابرات الجيش اللبناني وتمخض ضغط «حزب الله» عن طلب السماع لسمير جعجع، موقف يبين مستوى اختراق «حزب الله» للجيش، وهو اختراق مشهود ومعلوم؛ إذ يسيطر عدد من المناصرين لـ«حزب الله» على مفاصل أمنية واستخبارية في الجيش اللبناني ونفوذهم داخله آخذٌ بالتصاعد، الموقف من هذا الطلب وضح للزعماء الصامتين أو الآخذين موقعهم من المنصة للفرجة، الحريري وجنبلاط أصدرا موقفين متشابهين، إذا كان ثمة استماع لشخص، فلا بد من الاستماع للجميع؛ فالمعركة لم تكن بين طرفٍ واحد مع نفسه، بل بين طرفين اثنين، وفي كل قوانين وشرائع العالم حين تحدث مشكلة يتم الاستماع للطرفين، فلماذا يتم استجواب زعيم الحزب المدني العلماني «المدنس» بينما لا يتم استجواب زعيم الحزب الإلهي الإرهابي «المقدس»؟! وذكّرنا جعجع بمعلومة مهمة، أن «حزب الله» لم ينل رخصة تجعل منه حزباً مصرحاً في لبنان، فهو علاوة على كونه حزباً إرهابياً فهو غير مرخص أيضاً.
هذه الصيغة في السماع التي طلب إليها جعجع تبين مستوى الانهيار المؤسسي الذي سببه أداء الحزب الحاكم، التيار الوطني الحر الذي تسلم رئاسة الجمهورية، إن البيع والشراء بلبنان وموارده ليس نقيصة في نظر البعض، ما دامت المكاسب الشخصية تتضاعف وتزداد. لقد تابعت العديد من ردود فعل الجيل الشاب الثائر في لبنان، عدد لا يستهان به أخذ مواقف جعجع في عين الاعتبار باعتباره أقرب الزعماء لأحلام «ثوار تشرين»، وستبين الأيام إن كان ذلك سينعكس إيجابياً لصالح «القوات» في الانتخابات أم لا، ولكن لا شك أن أحداث الطيونة فرزت بشكلٍ واضح وصريح بين أهل الحق والقوة والعدل، وبين القتلة صناع الفتنة وقادة المجازر باسم الدين والإسلام، وبالتأكيد سيختار اللبنانيون العتاة شعار الحياة لا ثقافة الموت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» لكم الرئاسة ولنا الجمهورية «حزب الله» لكم الرئاسة ولنا الجمهورية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon