توقيت القاهرة المحلي 19:16:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين جنبلاط وحكمت الهجري... ومخاوف الأقليات

  مصر اليوم -

بين جنبلاط وحكمت الهجري ومخاوف الأقليات

بقلم : فهد سليمان الشقيران

من الواضح أن المشهد الجديد في الإقليم يصعب طرح مآلاته؛ وخصوصاً حين نتحدث عن الأقليات، وهذا موضوع بحث ثقيل لدى الراصدين في المؤسسات البحثية أو التقييمات السياسية. الذي حدث في السويداء جعل الأمل أصعب؛ وما من وسيلةٍ لتجاوز هذه الوعورة المركّبة إلا في دراسة مفهوم الدولة المبتغى من المعنى الحالي، وتفكيك شيفرات الخطاب الآيديولوجي العالي بعد الوقائع المستجدة.

ليس سهلاً أن يكون الواقع الجديد أعلى من الإمكانات المعتادة، ثمة مشاهد يمكن أن تكون كارثية على المدى القريب. المسألة الأخطر التي تطرح بشكلٍ كثيف وتقلق الكثيرين مصائر الأقليات بالإقليم، كلنا شهدنا ماذا حدث بالإيزيديين الذين تعرضوا لأكبر مجزرة طائفية أو دينية في العقود الماضية، وما من مأمنٍ من تكرارها إلا بالعودة إلى مفهوم الدولة العتيد.

وما كان الدروز بمنأى عن التخوّف وحقّ لهم ذلك؛ فمكائن الخطابات الرنانة التي تهددهم موجودة وشغّالة، وقد أخذ ذلك بالحسبان زعماء الدروز في سوريا ولبنان. ولو تأملنا في مقابلة الرئيس الروحي لطائفة الدروز بسوريا، حكمت الهجري، على قناة «العربية» مع الصحافية رشا نبيل؛ فسنصل إلى نتائج أبرزها القلق من المقبل، ومن ثم تقييم المرحلة الحالية، والحديث عن أسس تسليم السلاح، وعلاقة السلاح بالجيش، ودرس إمكانات التعامل. لو دققنا بكل ذلك لفهمنا وعورة الدرب.

ثمة أطروحات حكم ذاتي متصاعدة، وانفعالات سياسية في الإقليم حول الفيدرالية وتغيير الدساتير، والبعض من اللبنانيين ينادون بمؤتمر وطني يغيّر من خلاله اتفاق الطائف، وخصوصاً بعد انتهاء هيكلية «حزب الله» وسقوط نظام الأسد والدخول بواقعٍ إقليمي جديد، وهذا يشعل قلق الأقليات التي تعد النمط الهادئ في الحركة السياسية أفضل لها من أجواء التوتر الصاعد والتغيير الحاد.

وآية كل ذلك أن حكمت الهجري كرر مرتين وربما أكثر في حواره التلفزيوني عبارة «الحكم الانتقالي» بمعنى أن ثمة معنى معيّناً يجب الاستناد إليه من دون الإيمان بالواقعة الحاليّة، وفي اليوم ذاته أجري حوارٌ مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وعدَّه أهم حوارٍ يعبر عن مصائر الأقليات وتحديداً الدروز. في الحوار اعتبر جنبلاط قائد العمليات في سوريا رجل دولة، وميّز دروز لبنان عن دروز فلسطين قائلاً: «لديهم مشاكلهم ولدينا مشاكلنا»، واستبعد التقسيم وأعاد موضعة الدروز الروحية، وقال بالنص: «مَن يريد أن يجعل من الدروز قوميين، أبداً الدروز ليسوا قوميين، الدروز مذهب توحيدي إسلامي الأصل عربي».

لا يمكن إهمال القلق الذي تعيشه الأقليات في الإقليم بجميع طوائفها ومذاهبها، فالأساس الذي يحرس كل هذا الفضاء المتنوّع هو الحفاظ على مفهوم الدولة ومعناها ومبناها، وصياغة دستور عادل يجعل الإنصاف أساسه، وهذا ما طرحه جون راولز، فيلسوف العقد الاجتماعي الأميركي.

معيار راولز باختصار لتحقيق العدالة المنصفة، انسجام الشخص ضمن حقه مع النظام العام مع حريته وتساويه مع الجميع والمتساوق مع النظام نفسه بالنسبة للكل، وكذلك أن يتم إخضاع التفاوتات الاجتماعية لترتبط بوظائف ومواقع مفتوحة بوجه الجميع حسب الشروط المنصفة لتكافؤ الفرص، ولديه فإن التفاوتات يجب أن تكون معياريتها للصالح الأفضل للأعضاء الأكثر حرماناً في المجتمع، راولز يتفرّد بهذا المعيار الناصع الذي يتجاوز الأداتية الديمقراطية، ليضع معاني المساواة وترتيب التفاوتات مداخل تحقيق العدالة، لأن الديمقراطية بوجهيها الفكري والتاريخي، ليست ضامنة للعدالة، وهذا ما يحمي الأقليات من الوحشيات المحتملة. فالإقليم يعيش حالةً من القلق الأقلّوي الصاعد، ولا بد من تطمينات عالية.

الخلاصة؛ أن موضوع الأقليات ومصائرها مقلق لهم وهذا مفهوم، ولكن الأساس يتجاوز التطمينات الاعتيادية العادية، بل العمل السياسي والقانوني والأمني لحمايتهم من غدر الآيديولوجيات المتصاعدة في الإقليم، وكذلك احترام عقائدهم وترسيخ حقوقهم داخل الدولة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين جنبلاط وحكمت الهجري ومخاوف الأقليات بين جنبلاط وحكمت الهجري ومخاوف الأقليات



GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 08:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مجدي يعقوب والعطاء على مشارف التسعين

GMT 07:59 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 07:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

عند الصباح

GMT 07:57 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 07:56 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 07:54 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 07:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 17:49 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي آخر «الكبار» الغائبين عن دراما رمضان 2025
  مصر اليوم - خالد النبوي آخر «الكبار» الغائبين عن دراما رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon