توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن موريتانيا وأوضاع الشغب الانتخابي

  مصر اليوم -

عن موريتانيا وأوضاع الشغب الانتخابي

بقلم : فهد سليمان الشقيران

بعد أحداث الشغب المصاحبة لانتخابات فرنسا وموريتانيا نعود لتعميم مفهوم الدولة الذي طرحته بالمقالتين الماضيتين؛ إذ لم يكن الفهم التقني الأداتي للديمقراطية إلا ضمن الحيل الثورية، ذلك أن رسم خطط الخلاص لأي مجتمع يحتاج إلى شعارات برّاقة وجماهيرية وساحرة، وكان لمفهوم الديمقراطية دوره في إشعال جذوات الحماس لدى الحركات الراديكالية، والتحركات الجماهيرية الثورية.

يؤرخ جورج طرابيشي لذلك في كتابه «في ثقافة الديمقراطية»؛ وتحديداً للحظة نشوء التصوّر المتواضع للديمقراطية إذ يعتبر أن «القرن العشرين بقدر ما كان في نصفه الأول قرن الآمال الثورية العريضة، كان في نصفه الثاني قرن الكوابيس التوتاليتارية والبيروقراطيات السلطوية. وخيبة الأمل بالثورة هذه هي التي فرضت طوال حقبةٍ مديدة تصوراً متواضعاً وإجرائياً للديمقراطية بوصفها محض آلية للحد من سلطة الدولة وهيمنتها».

بمعنى آخر فإن الجلبة اليسارية أضعفت المفهوم وتنوع مجالات اشتغاله، وتعدد وظائفه وتداخله مع مجالاتٍ ومفاهيم أخرى تعمل بنتائجها على أرض الواقع.

من ذلك جاءت المحاججة اليسارية حول دول الخليج والمعنى الديمقراطي بوجه التنمية والرؤى الاقتصادية، وذلك بغية إفراغ المؤسسة السياسية الخليجية من أي بُعد ديمقراطي وكأن الغاية الوحيدة للمفهوم تتلخص بالانتخاب البرلماني أو الرئاسي، بينما الغاية من تلك الآلية وصول الحاكم ضمن تجاوب بين الحاكم والمحكوم، وهذه آلياته موجودة في صيغ البيعة وأسس الشورى المعمول بها في دول الخليج.

إننا لو عدنا إلى فلاسفة العقد الاجتماعي الأساسيين الستة وهم: توماس هوبز، وجون لوك، وروسو، وكانط، وهابرماس، وراولز، لعثرنا على تعريفات متواطئة لمعاني القبول بالتفويض السياسي، هذا مع الاختلاف في توصيف شكل القبول، ومعايير العدل، وشروط اندماج المواطن في شروط الحكومة. لدى هوبز مثلاً فإن علامات التعاقد تكون صريحةً أو عن طريق الاستدلال، بينما يعرّف جون لوك القبول الضمني كما يلي: «إن كل إنسان يملك أو يتمتع بجزءٍ من المناطق التي لحكومة ما سيادة عليها يكون بذلك قد أعطى قبوله الضمني ويكون بذلك قد رتّب على نفسه واجب إطاعة قوانين تلك الحكومة».

وثمة شروحات أخرى وافية قدمها حيدر حاج إسماعيل في دراسته التقديمية لكتاب راولز «العدالة كإنصاف» فيها يتعرض لمعنى القبول الضمني أو «الأوتوماتيكي» ويقرأ كيف وسّع فلاسفة العقد الاجتماعي معاني القبول والرضا والتفويض، حتى من خلال «الإقامة الدائمة» التي تعني وإنْ عبر «الصمت» بالانصياع للقوانين المتبعة بهذا البلد أو ذاك.

ثم إن الغاية من الديمقراطية تحقيق العدالة بكل ما تحمله من معنى، وهذه الغاية قد تتحقق من دون الدخول بالوسائل الديمقراطية الإجرائية السطحية التي بنيت على ما سميناه التعريف المتواضع للمفهوم، إذ تسعى الملكيات بدول الخليج إلى ثمرة العدالة، وهذا منصوص عليه بالدساتير وأنظمة الحكم، والغاية محل سعي حثيث من خلال مؤسسات ترسيخ العدالة والتحاكم العادل ضد المظالم حتى من ظلم مؤسسات الحكومة أو أشخاصها الاعتباريين، وهناك توجيهات أميرية وملكية تنص على سيادة القانون على الجميع بلا استثناء.

ثمة نماذج لمحاكمات ربح فيها المواطنون كما في قصّة المؤسس طيب الله ثراه الملك عبد العزيز، إذ يروي الباحث إبراهيم العتيبي في شواهده حول القضاء في عهد الملك المؤسس أنه «وبعد وفاة الإمام عبد الرحمن في عام 1927 ادعى شخص أنه له في ذمة الإمام مبلغ من المال وطالب الملك عبد العزيز بالوفاء عن والده، ولما طالبه الملك عبد العزيز بالبينة قال المدعي: (اذهب معي إلى الشيخ)، وذهب الملك معه بعد صلاة الفجر إلى منزل القاضي سعد بن عتيق، ولما عرف القاضي أن بينهما دعوى لم يدخلهما منزله، بل أجلسهما على الأرض أمام المنزل. وبعد أن انتهى الحكم لصالح المدعي، انصرف راضياً، وهنا أدخل القاضي الملك عبد العزيز إلى منزله وقال: (... أنت الآن ضيفي)».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن موريتانيا وأوضاع الشغب الانتخابي عن موريتانيا وأوضاع الشغب الانتخابي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon