توقيت القاهرة المحلي 12:33:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن الصمعان... مسيرة من العمل العلمي

  مصر اليوم -

عن الصمعان مسيرة من العمل العلمي

بقلم : فهد سليمان الشقيران

بعض الشخصيات تلتقيها قليلاً ولكنها تترك أثراً مهماً. من أولئك الراحل الدكتور يوسف الصمعان؛ الذي التقيته للمرة الأولى في دارة الأستاذ عبد الله بن بجاد العتيبي، ثم التقيته مراتٍ قليلة بعد ذلك.

ورغم تخصصه في الطب النفسي غير أن علمه واسع، وطبيعة طرحه موسوعية، وشخصيته فريدة، ولديه أسلوب سخريةٍ نادر.

دعم شريحة كبيرة من الشباب. أسَّسَ «دار جداول» مع شريكه الأستاذ محمد السيف وهي دار تنويرية أساسية في المشهد. ثم أسس «مجلة حكمة» الفلسفية التي يمرّن فيها الشباب على الترجمة، ومن ذكائه أن أي شاب أو شابةٍ تترجم ثم يطلبون منه رأيه حول اللغة ومستوى الترجمة يرفض إعطاء رأيه بل ينشره كما هو واضعاً المترجم أمام القارئ، وهو داعم للمعرفة ومتحمس لها، حيث قام بجهد يصعب على المؤسسات، حيث ترجمت مجلة «حكمة» موسوعة «ستانفورد». كان يحب المعلومة الجديدة، ويتواضع للمعرفة ويتنفّس على النقاش سواء مباشرةً أو عبر الاتصال... همّه الأساسي دعم مسار الفلسفة والعلم في المنطقة، وحدث أن استفسرت منه عن كتابٍ جديد صدر عن الدار وأردته بسرعة لأستعجل قراءاته فإذا بي أفاجأ بسائقه حاملاً الكثير من الكراتين وإذا بها كل مطبوعات دار «جداول» من أولها لآخرها، وهذا يعبّر عن رغبته في نشر المعرفة لأقصى حدٍّ ممكن.

وقد سعدتُ بأن الأستاذ يوسف الديني أنصفه بوفاءٍ غير مستغرب من أبي مالك حين أعدّ عنه كتاباً مهماً بعنوان «جئتكم بالحكمة: يوسف الصمعان 1968 - 2024 مقدمات ومختارات»، فيه يتناول مسيرة يوسف الصمعان القصيرة عمراً والكبيرة قدراً وهو كتاب يستحق الاطلاع لمن أراد فهم المسيرة والاطلاع على السيرة.

والصمعان ترجم كثيراً من الكتب المهمة، وهي متوزّعة بين الفنون، وكتب أبحاثاً محكمة في مجلات كبرى في العالم، وقد استطاع أن يشقّ خطاً نظرياً خاصاً به، حتى في مقالاته بجريدة «الشرق الأوسط» وزاويته في جريدة «الاتحاد» يغاير الطرح السائد بنظرةٍ مفاجئة تدل على عمق رؤيته للأحداث، ودقة تبصّره للمصائر.

علاوةً على مجالات الطب النفسي أو الفلسفة أو العلوم الطبيعية الأخرى، ثمة جانب مهم ضليع به ومتمكن منه، فهو متمكن من الاطلاع على تاريخ الإسلام، ومن الفقه والشريعة، والأهم إلمامه بتاريخ الإسلام السياسي المعاصر، إذ كتب كثيراً من الرؤى حول الفقه والسياسة والقانون. وكتب عن سيد قطب، وحسن البنا، وعن الإسلام الحركي بعمومه.

اهتم بالسياسة أيضاً والاقتصاد وله نظريات حول الفقه والبنوك، وهو تنظير دقيق وواسع. انتقد موضوع الإعجاز العلمي وكتب عنه كثيراً من المقالات. وكتب عن السياسة الأميركية مقالاتٍ توضح مدى دقة اهتمامه.

وبمناسبة الانتخابات الأميركية أذكّر بمقالةٍ له بعنوان: «أوباما وبايدن والمرض النفسي»، فيها يقول: «ليس غريباً في تاريخ الرئاسة الأميركية أن يكون الرئيس أو نائبه عانى من اضطراب نفسي قبل أو في أثناء توليهما للمنصب الرسمي. في يناير (كانون الثاني) 2006، وفي مجلة (الأمراض العصبية والنفسية)، قام الدكتور ديفدسون وزميلاه من قسم الطب النفسي بجامعة (ديوك) بمراجعة التقارير الطبية والسير الذاتية للرؤساء الأميركيين بين عامي 1776 حتى 1974. هذه الحقبة الزمنية شملت 37 رئيساً أميركياً من جورج واشنطن حتى نيكسون. الباحثون وحرصاً على الموضوعية وصفوا بدقة كيف كانت إجراءات التشخيص بأثر رجعي، وكيف أنهم اعتمدوا على مجموعة أخرى مستقلة ليست معنية بنتائج الدراسة. خلصت الدراسة إلى أن 49 في المائة من الرؤساء الأميركيين يعانون اضطرابات نفسية».

الخلاصة؛ أن الراحل يوسف الصمعان ترك أثراً مهماً على جيلٍ من الباحثين والمترجمين والمفكرين وأسَّس لنمط فلسفي متميز، ولمسار علمي سيستمر، وصنع جيلاً من الشباب منهم يكتبون الآن بشكلٍ لامع في الفلسفة والعلوم والسياسة والأفكار، ومن النعمة أن ما كان يطمح إليه قد رآه يتحقق قبل رحيله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الصمعان مسيرة من العمل العلمي عن الصمعان مسيرة من العمل العلمي



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon