توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلاسفة ليبراليون ينتقدون الليبرالية

  مصر اليوم -

فلاسفة ليبراليون ينتقدون الليبرالية

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تتداول في بعض المجاميع المعرفية العربية فكرة غريبة، وهي أن الليبرالية لم تنتقد نفسها، وهذا قول مأخوذٌ عليه. وآية ذلك أن جمعاً غفيراً من فلاسفة الليبرالية انتقدوا الليبرالية بغية تعديلها وتصحيح مسارها. لأن النظريات تكبر مثل الناس، وبالتالي تنضج وتقيّم المسار، وتباشر النقد. عدد من الفلاسفة انتقدوا النظرية بالمعنى العلمي لليبرالية ومنهم الفيلسوف جون راولز وهذا مشهور في كتابه: «العدالة كإنصاف»، وهو من أعمق الكتب التي نظّمت مسار القانون والعدالة في الفكر الليبرالي، وقد تطرّق إلى نقاط ضعف وخلل، واستعمل أدواته التقنية الفلسفية لتفكيك الأخطاء ومحاولة الإصلاح، وقد كتبتُ عنه من قبل ويمكن العودة إلى كتابه الأصلي.
لكن هذه المرة، لفتني حوار مهم نشر في كتاب: «حوارات فلسفية - حول الفلسفة الأميركية المعاصرة، حوارات هارفارد» من إعداد: جميلة حنيفي. الحوار كان مع الفيلسوف مايكل ساندل وفيه ينقض المقولات التي تقول إن الليبرالية لم يتم نقدها، يبدأ الحوار في الكتاب من صفحة (143). يقول: «أعتبر نفسي ناقداً لصيغة معينةٍ من الليبرالية، تلك الصيغة تلك التي تجد تغييرها أو حكمها الأكثر تأثيراً لدى إيمانويل كانط، لكن أيضاً لدى فلاسفةٍ آخرين معاصرين مثل جون راولز. إنها الصيغة التي ترى أن الحكومة ينبغي أن تتخذ موقفاً حيادياً إزاء مفاهيم متنافسةٍ عن الحياة الخيّرة. لابد أن نفهم أن كلمة «جماعاتية» عبارة عن تسمية تم إدراجها من قبل آخرين لوصف النقاش الذي تمخض عن بعض الانتقادات التي وجّهت إلى الليبرالية سواءٌ من قبلي أو من قبل آخرين، وما يجعلني منزعجاً وغير مرتاح لتسمية الجماعاتي، هو أن الجماعاتية تقترح أن القيم السائدة في أية جماعة معطاة وفي أي زمنٍ معطى. عندما أصف التقليد المنافس للتقليد الليبرالي في التاريخ السياسي والدستوري أحبّذ التركيز على التقليد المدني الجمهوري».
تعليقي على هذا النص، أن الليبرالية نظرية شاسعة ومتشعبة، بين السياسي، والاقتصادي والاجتماعي، وميزتها الأساسية في نقد نفسها، وفي إنتاج فلاسفة يصححون أخطاءها، ويعالجون أدواءها. صحيح أنها أثبتت نجاحها العالي على المستويين الاقتصادي أولاً ثم الاجتماعي، ولكنها على المستوى السياسي الآن تتعرض لنقد مشروع ولاذع، وهذا طبيعي، ذلك أن النماذج التي طرحتها كانت ضمن سياقها التاريخي، وليس من الضرورة انتهاجها في جميع العالم.
في الاقتصاد ثمة إجماع على أن الاقتصاد الليبرالي هو السبيل الأبرز للنمو في العالم، حتى الصين لم تنجُ على مستوى الاقتصاد من موجة الليبرالية الحيوية رغم احتفاظها بنمط سياسي واجتماعي معين اختارته ويجب احترامه، بل إن فيلسوفاً ألمانياً كبيراً مثل ماكس فيبر قال في كتابه: «الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية» إن النماذج الغربية لا يمكن تطبيقها على الشرق ولا على الصين، وأفرد صفحاتٍ حول نموذج الصين.
الخلاصة، أن تميّز الليبرالية في نقد فلاسفتها لمنهجها، وتصويبهم لمسارها، والآن نرى النموذج الليبرالية (على المستوى السياسي) تعاني تحديات كبيرة، ولذلك على الدول كلها أن تحترم نماذج الدول الأخرى، وألا تفرض عليها نموذجها الخاص.

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلاسفة ليبراليون ينتقدون الليبرالية فلاسفة ليبراليون ينتقدون الليبرالية



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon