توقيت القاهرة المحلي 14:49:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان حين اختار إيران

  مصر اليوم -

لبنان حين اختار إيران

بقلم : فهد سليمان الشقيران

الخضة التي تعرض لها قادة لبنان بعد الإجراءات الدبلوماسية والسياسية الخليجية الأخيرة كانت مدوية؛ إذ في الوقت الذي يصفها فيه الخليجيون بالإجراءات المتأخرة، اعتبرها ساسة لبنان مفاجئة وقاسية. اعتاد أولئك طوال العقود الطويلة الماضية استسهال الهجوم على السعودية، واستمراء العفو والتغاضي والتعالي. رغم كل الإزعاج الذي سببه لبنان للسعودية طوال السنين لم تأخذه السعودية على رأس أولوياتها.
تصاعد دور لبنان الخطير على مصالح السعودية والخليج منذ اغتيال رفيق الحريري، حينها دخل «حزب الله» في حلبة السياسة، وتدرج حتى وصل في مايو (أيار) 2008 لاستخدام السلاح ضد اللبنانيين في بيروت بما عرف بمجزرة «7 أيار»، ورغم تفوق حلفاء السعودية في الانتخابات بعدها، غير أن «حزب الله» استمر في اغتيال كبار النخب والساسة ورجال الأمن من فريق «14 آذار».
تشكُل محور الممانعة وخروج سوريا من الباب وعودتها من الشباك جعل المهمة أمام لبنان شبه مستحيلة. بعد انسحاب وليد جنبلاط من «14 آذار»، ثمة قصة مطولة يرويها عبد العزيز خوجة في مذكراته: أرسلت القيادة السعودية خطاباً تلاه خوجة على جنبلاط بحضور غازي العريضي، وكان الخطاب يؤنبه على الخذلان التاريخي لتكتل كان التعويل عليه لتركيب محور وازن داخل لبنان بوجه المحور السوري الإيراني. ظن الزعماء، ومنهم جنبلاط، أن السعودية كالمعتاد «تزعل وترضى». تدريجياً تداخلت التحالفات، وانفضت التكتلات، وعادت حليمة لعادتها القديمة. تمترس الزعماء وراء مصالحهم الآنية مفضلين السلامة وراحة البال، حتى طوّقهم «حزب الله»، وقد قالها بوضوح وليد جنبلاط في حوار تلفزيوني معه، إننا في لبنان نعيش في إيران، وبالفعل كل شيء في لبنان يدل على أنه بات قطعة من إيران باستثناء مناطق قليلة أصر أهلها على سحق «حزب الله»، في حال جرب قوتهم واختبر تحملهم.
السعودية معظم مشاريعها تتعلق بالاقتصاد والتنمية، استثمارات تريليونية، مشاريع تعنى بالبيئة والخضرة والمناخ، لا وقت لديها لدول الصراخ والفشل. لم تختر السعودية الهجوم على لبنان، بل العدوان جاء من قبلهم، ولم يقتصر الأمر على «حزب الله»، فهذا الحزب الإرهابي الهجوم عليه وتلقي الاعتداءات منه تحصيل حاصل، لكن الكارثة أن يمارس العدوان على السعودية من تيارات تقدم نفسها باعتبارها مدنية وذات بعد علماني. ليست القصة في تصريحات وزير لا قيمة له من قبل ولا من بعد، بل في منهج منظم يطرح سياسياً وإعلامياً طوال السنوات السبع الماضية.
ساسة لبنان هم من اختاروا إيران؛ العماد ميشال عون قالها قبل تولي السلطة إنه من المحور الإيراني. جبران باسيل رفض إدانة التدخل الإيراني في الشؤون العربية؛ رفض إدانة استهداف مصافي «أرامكو»، رفض إدانة العدوان الحوثي على السعودية، بالطبع إدانته ليست قيمتها منه هو، بل من ما يمثله منصبه السياسي؛ الذي شغله كبار رجالات الدولة في لبنان قبل أن يصبح منصباً بلا جدوى. اختار اللبنانيون إيران حين تصرح مي خريش نائبة جبران باسيل، وتقول إنها تفضل إيران على السعودية؟! ولماذا تفضلها؟
تقول الفاضلة إن في إيران حياكة السجاد، ثم تقول إن فيها الشجر والخضرة، ولم تكلف هذه السياسية نفسها عناء الاطلاع على السعودية لتعرف أنها قارة متنوعة التضاريس، ومتعددة المناخات، وأن ثلثها الجنوبي فيه من الجبال والوديان والخضرة ما لن تجد مثيله ليس في لبنان بل وفي معظم دول العالم، لتبحث في محرك البحث عن مناظر الطبيعة في منطقة مثل «رجال ألمع». هذا على سبيل المثال، لتبيان مستوى فراغ العقول وتفشي الجهل المريع في كوادر «التيار الوطني الحر» بكبار قادته وصغاره لا فرق. الأدمغة عبارة عن «طقم» واحد.
والعجيب هذه الثقة المفرطة في إعطاء النصائح للسعوديين والخليجيين. شخص صحافي لديه خواطر على «يوتيوب» يسدي باغتباط نصائحه لدولة كبيرة وغنية وقيادية مثل السعودية؛ تحليلاته كلها تنم عن ضعف في التفكير، وتقصير بالاطلاع، وهشاشة في التصور. بآخر التحليل تكتشف أن ساسة لبنان بمعظم قادتهم، سواء من في «14 آذار» الذين خضعوا لـ«حزب الله»، أو من «8 آذار»، الذين استنصروا بـ«حزب الله» اختاروا المحور الإيراني، ولذلك ما جدوى دول الخليج في هذه الحالة؟!
حين يفضل «حزب الله»، وحزب رئيس الجمهورية، إيران، على السعودية والخليج، ماذا ينتظر هؤلاء من الخليج؟ هل ينتظرون التكريم والدروع التذكارية؟! بالطبع سيواجهون بإجراءات حاسمة توازي العدوان السياسي والإعلامي، والمعركة بدأت للتو.
مر زمن طويل من الهدوء في التعامل مع الإساءات الصادرة من لبنان. اليوم الدول تبحث عن مصالحها، والدولة التي لا تفيد يتم تجاوزها. يعيش النظام السياسي حتى الآن في عهود سحيقة مضت، لا يزالون يستخدمون النظريات القومية والناصرية والاشتراكية في التداولات الحزبية، نحن في زمن الشراكات والتداول والصفقات والتكتلات الاقتصادية. زمن الخطابات والعنتريات والقضايا الفارغة انتهى.. السعودية تقود قمم المناخ والاخضرار، وتبرم اتفاقيات في الطاقة البديلة والمناخ، وتعمل على تغيير وتحول جذري داخلي، لا وقت لديها للإنصات للدول الفاشلة.
على من اختار إيران أن يذهب معها، ويقتدي بتجربتها، وأن يطلب دعمها، وأن يرسل محازبيه للعمل هناك والإقامة هناك، والدراسة هناك، بخاصة «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» الذين تفتقت أدمغتهم عن أفكار حياكة السجاد ومناظر الشجر في إيران.
إنها باختصار نكبة كبرى يعيشها لبنان، لكن ساساتها هم من اختار هذه النكبة. بقية الدول قامت بإجراء واحد؛ فقط أغلقت أبوابها، لسان حالها يقول: عيشوا كما تريدون، نحن لا نحتاجكم، لكم دينكم ولي دين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان حين اختار إيران لبنان حين اختار إيران



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon