توقيت القاهرة المحلي 10:55:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التعليم والمجتمع والأمن القومى

  مصر اليوم -

التعليم والمجتمع والأمن القومى

بقلم ـ د. جمال زهران

حفزتنى على كتابة هذا المقال، الكاتبة سكينة فؤاد، صاحبة القلم الوطنى بامتياز، التى نشر لها مقال بعنوان «مؤشرات خطر.. هل نقرؤها جيدًا؟!»، وذلك يوم الأحد 22 يوليو 2018 بجريدتنا الأهرام. وعلى الرغم من تركيزها على قضايا تعليمية وتأثيرها على الهوية مهما تكن أحجام الاستثمارات، على حين أن قراءتى للمقال كانت من زاوية تأثير ما طرحته على الأمن القومى للبلاد، كتبت مقالا فى الأهرام فى 21/4/1992، بعنوان: التعليم والأمن القومي، والأسئلة الحاسمة، وهو أول مقال فى ذلك الوقت يربط بين التعليم والأمن القومي. فالأمن القومى للبلاد، يعنى الهوية الوطنية الواحدة، التى تجسد ماضى وحاضر ومستقبل البلاد. فكلما كانت الهوية الوطنية لها أسس وملامح وتعبر عن رؤية متماسكة، فإن أمن البلاد يكون فى مأمن من المخاطر، وعلى الجانب الآخر فإن التعليم هو أحد أهم مسالك التنشئة الوطنية بكل أبعادها المختلفة، ومن ثم فإن الوظيفة الأساسية للتعليم فى أى دولة هى غرس منظومة القيم المعبرة عن الهوية الوطنية، وكذلك غرس قيم التقدم الذى ينطلق إليه شعب هذه الدولة فى ظل متغيرات إقليمية ودولية. وعندما يقوم التعليم بوظيفته فى خلق الشخصية الوطنية، فيكون بذلك قد أدى إلى توفير السبل لدعم الأمن القومى للبلاد، واستبعاد وليس تقليل المخاطر المهددة له، وعلى العكس من ذلك، فإن فى حالة عدم قيام التعليم بوظيفته فى خلق الشخصية الوطنية، والهوية الواحدة لأبناء الوطن، فإن الأمن القومى يصبح مهددًا بمخاطر، بل يحدث انفصال بين الشعب والأجهزة المختصة بالأمن القومي، ففى الولايات المتحدة، عندما تحدث جرائم عنف على وجه الخصوص، فإن الأنظار تتجه إلى التعليم فى ولاية الحدث، والأخطر عندما تتكاثر المشكلات الاجتماعية فى المجتمع الأمريكي، يعلن دائمًا أن الأمن القومى فى خطر. فالمجتمع الأمريكى قائم على فكرة أمة واحدة، باعتبار أن الدولة الأمريكية مكونة من روافد بشرية مختلفة الأصول، ومن ثم فإن التنشئة تقوم على غرس قيم الوحدة بين الأصول المختلفة لصهرها فى مجتمع واحد، يسعى لتحقيق التقدم والسعادة، ويعمل الجميع فى ظل منظومة الأهداف القومية للبلاد، وهكذا يعمل الإعلام ليصبح فى خدمة ودعم الشخصية الوطنية.......الخ.

وبالتطبيق على مصر، فإنه على الرغم مما يبذل من جهود فى مجال التعليم، نجد أن الممارسات على أرض الواقع تشير إلى ازدواجية التعليم «مدنى ـــ دينى إسلامى ومسيحي»، وتشير إلى التمايز الطبقى «أغنياء ـــ فقراء»، وتشير إلى التمايز المكانى «حضر ـــ ريف»، وتشير إلى التمايز بين تعليم أجنبى وتعليم وطنى، ومن المؤكد أن مثل هذه التمايزات تصب فى خلق شخصية غير مكتملة الهوية، وهو ما يؤدى إلى تهديد الأمن القومى للبلاد، وتؤكد ذلك حالة التشرذم السائدة فى الأجيال الجديدة فى آخر «40» سنة، وتحديدًا بعد حرب أكتوبر 1973، وللآن. حيث لم ينشأ تعليم، له سمات واضحة أو رؤى متماسكة، الأمر الذى أدى إلى تعميق التمايزات، وأوجد للإرهاب الفكرى سبيلاً فى الانتشار بين قطاعات عديدة للمجتمع، وانتقل إلى من هم خارج السياق التعليمي، فليس معقولاً، ذلك الانتشار العشوائى للجامعات الأجنبية وبمسميات غير مصرية فى المجتمع المصري! وليس مقبولاً ذلك الانتشار العشوائى فى المدارس وبمسميات أجنبية، وآخرها المدارس اليابانية!.

وليس من المعقول ذلك الانتشار العشوائى للمعاهد والمدارس الدينية، ولها منظومة لا تتبع وزارة التعليم! كل ذلك يصب فى دعم الشخصية المصرية الأصيلة، بل يصب فى هوية غير واضحة، وبالتالى تخلق أجيالاً بعيدة عن واقع المجتمع ومستقبله. نحن فى حاجة إلى تعليم مصري، يستفيد من تجارب الآخرين، دون أن نستخدم لافتاتهم أو أسماءهم، الأمر الذى يؤثر على الهوية الوطنية والأمن القومى، فالتعليم المصرى الحقيقى، هو الذى يخلق ويدعم الهوية الوطنية، وبالتالى فإنه يقود إلى دعم الأمن القومى للبلاد وتقليل مخاطره، كما أن التعليم المصرى الحقيقى لابد أن يكون نابعًا من المجتمع المصرى واحتياجاته وطموحاته. ولذلك أرى ضرورة إعادة النظر فى منظومة التعليم، والثقافة والإعلام، الأمر الذى يدعم الأمن القومي، ويحفظ للوطن استقراره الحقيقى وليس الظاهرى.

نقلاً عن الأهرام القاهرية 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعليم والمجتمع والأمن القومى التعليم والمجتمع والأمن القومى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon