توقيت القاهرة المحلي 15:40:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التعليم والمجتمع والأمن القومى

  مصر اليوم -

التعليم والمجتمع والأمن القومى

بقلم ـ د. جمال زهران

حفزتنى على كتابة هذا المقال، الكاتبة سكينة فؤاد، صاحبة القلم الوطنى بامتياز، التى نشر لها مقال بعنوان «مؤشرات خطر.. هل نقرؤها جيدًا؟!»، وذلك يوم الأحد 22 يوليو 2018 بجريدتنا الأهرام. وعلى الرغم من تركيزها على قضايا تعليمية وتأثيرها على الهوية مهما تكن أحجام الاستثمارات، على حين أن قراءتى للمقال كانت من زاوية تأثير ما طرحته على الأمن القومى للبلاد، كتبت مقالا فى الأهرام فى 21/4/1992، بعنوان: التعليم والأمن القومي، والأسئلة الحاسمة، وهو أول مقال فى ذلك الوقت يربط بين التعليم والأمن القومي. فالأمن القومى للبلاد، يعنى الهوية الوطنية الواحدة، التى تجسد ماضى وحاضر ومستقبل البلاد. فكلما كانت الهوية الوطنية لها أسس وملامح وتعبر عن رؤية متماسكة، فإن أمن البلاد يكون فى مأمن من المخاطر، وعلى الجانب الآخر فإن التعليم هو أحد أهم مسالك التنشئة الوطنية بكل أبعادها المختلفة، ومن ثم فإن الوظيفة الأساسية للتعليم فى أى دولة هى غرس منظومة القيم المعبرة عن الهوية الوطنية، وكذلك غرس قيم التقدم الذى ينطلق إليه شعب هذه الدولة فى ظل متغيرات إقليمية ودولية. وعندما يقوم التعليم بوظيفته فى خلق الشخصية الوطنية، فيكون بذلك قد أدى إلى توفير السبل لدعم الأمن القومى للبلاد، واستبعاد وليس تقليل المخاطر المهددة له، وعلى العكس من ذلك، فإن فى حالة عدم قيام التعليم بوظيفته فى خلق الشخصية الوطنية، والهوية الواحدة لأبناء الوطن، فإن الأمن القومى يصبح مهددًا بمخاطر، بل يحدث انفصال بين الشعب والأجهزة المختصة بالأمن القومي، ففى الولايات المتحدة، عندما تحدث جرائم عنف على وجه الخصوص، فإن الأنظار تتجه إلى التعليم فى ولاية الحدث، والأخطر عندما تتكاثر المشكلات الاجتماعية فى المجتمع الأمريكي، يعلن دائمًا أن الأمن القومى فى خطر. فالمجتمع الأمريكى قائم على فكرة أمة واحدة، باعتبار أن الدولة الأمريكية مكونة من روافد بشرية مختلفة الأصول، ومن ثم فإن التنشئة تقوم على غرس قيم الوحدة بين الأصول المختلفة لصهرها فى مجتمع واحد، يسعى لتحقيق التقدم والسعادة، ويعمل الجميع فى ظل منظومة الأهداف القومية للبلاد، وهكذا يعمل الإعلام ليصبح فى خدمة ودعم الشخصية الوطنية.......الخ.

وبالتطبيق على مصر، فإنه على الرغم مما يبذل من جهود فى مجال التعليم، نجد أن الممارسات على أرض الواقع تشير إلى ازدواجية التعليم «مدنى ـــ دينى إسلامى ومسيحي»، وتشير إلى التمايز الطبقى «أغنياء ـــ فقراء»، وتشير إلى التمايز المكانى «حضر ـــ ريف»، وتشير إلى التمايز بين تعليم أجنبى وتعليم وطنى، ومن المؤكد أن مثل هذه التمايزات تصب فى خلق شخصية غير مكتملة الهوية، وهو ما يؤدى إلى تهديد الأمن القومى للبلاد، وتؤكد ذلك حالة التشرذم السائدة فى الأجيال الجديدة فى آخر «40» سنة، وتحديدًا بعد حرب أكتوبر 1973، وللآن. حيث لم ينشأ تعليم، له سمات واضحة أو رؤى متماسكة، الأمر الذى أدى إلى تعميق التمايزات، وأوجد للإرهاب الفكرى سبيلاً فى الانتشار بين قطاعات عديدة للمجتمع، وانتقل إلى من هم خارج السياق التعليمي، فليس معقولاً، ذلك الانتشار العشوائى للجامعات الأجنبية وبمسميات غير مصرية فى المجتمع المصري! وليس مقبولاً ذلك الانتشار العشوائى فى المدارس وبمسميات أجنبية، وآخرها المدارس اليابانية!.

وليس من المعقول ذلك الانتشار العشوائى للمعاهد والمدارس الدينية، ولها منظومة لا تتبع وزارة التعليم! كل ذلك يصب فى دعم الشخصية المصرية الأصيلة، بل يصب فى هوية غير واضحة، وبالتالى تخلق أجيالاً بعيدة عن واقع المجتمع ومستقبله. نحن فى حاجة إلى تعليم مصري، يستفيد من تجارب الآخرين، دون أن نستخدم لافتاتهم أو أسماءهم، الأمر الذى يؤثر على الهوية الوطنية والأمن القومى، فالتعليم المصرى الحقيقى، هو الذى يخلق ويدعم الهوية الوطنية، وبالتالى فإنه يقود إلى دعم الأمن القومى للبلاد وتقليل مخاطره، كما أن التعليم المصرى الحقيقى لابد أن يكون نابعًا من المجتمع المصرى واحتياجاته وطموحاته. ولذلك أرى ضرورة إعادة النظر فى منظومة التعليم، والثقافة والإعلام، الأمر الذى يدعم الأمن القومي، ويحفظ للوطن استقراره الحقيقى وليس الظاهرى.

نقلاً عن الأهرام القاهرية 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعليم والمجتمع والأمن القومى التعليم والمجتمع والأمن القومى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
  مصر اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 10:38 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

وصول قوات سعودية للمشاركة بتمرين "السهم الثاقب 2024" في مصر
  مصر اليوم - وصول قوات سعودية للمشاركة بتمرين السهم الثاقب 2024 في مصر

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين
  مصر اليوم - مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 06:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
  مصر اليوم - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

بحث أميركي يدشن مشروعًا لإعادة تصور وجه نفرتيتي

GMT 23:17 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

نادي روما الإيطالي يجهض حلم يورجن كلوب

GMT 13:46 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اجتماع لمجلس إدارة اتحاد الكرة الثلاثاء المقبل

GMT 11:51 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الإسماعيلي في مباراة قوية أمام الأسيوطي مساء الإثنين

GMT 01:38 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

إلهام شاهين والأب دانيال يكرمان آمال فريد

GMT 05:51 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

صعوبة البلع والنزيف المهبلي أبرز أعراض السرطان

GMT 22:36 2016 الإثنين ,28 آذار/ مارس

فوائد الجزر والخضروات لسرطان البروستاتا

GMT 22:09 2014 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حاسبات" بني سويف تنظم مسابقة في البرمجيات للجامعات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon