توقيت القاهرة المحلي 15:40:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الناتو العربى».. والأفول الأمريكى

  مصر اليوم -

«الناتو العربى» والأفول الأمريكى

بقلم ـ د. جمال زهران

تداول الكثير من المحللين والمروجين للمصطلحات والأفكار، مصطلحا جديدا هو: الناتو العربي. وحسبما نشر، فإن الناتو يشير إلى اختصار حلف دول شمال الأطلسي، وهو حلف عسكرى أنشئ عام 1949م، ويضم دول أوروبا وبعض الدول خارج أوروبا انضمت له حديثًا ومؤخرًا، فضلا عن الولايات المتحدة الأمريكية التى تمول الحلف بنسبة كبيرة، وكذلك كندا، حاول أن يخفضها الرئيس ترامب مؤخرًا وكاد يعصف بالحلف.

وقد استقر مصطلح حلف الناتو متداولاً فى وسائل الإعلام والمحللين.

كما أن الهدف الرئيسى عند إنشاء الحلف، هو مواجهة المد للقطب الشرقى (الاتحاد السوفيتي) بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكن أداة الحلف هو الأداة العسكرية أساسًا.

وعندما يمرر المحللون السياسيون والعسكريون، ذات التوجهات الأمريكية دعمًا لسياسات ترامب وتوجهاته فى المنطقة، مصطلح الناتو العربي، فهم يقصدون تكوين حلف ذات طبيعة عسكرية من عدة دول عربية فى مواجهة هدف معين، أو عدو سياسى معين، تحفز الولايات المتحدة التوجه والحشد ضده.

وفى هذا المقام، فإن العدو السياسى الأول لترامب، الآن، هو دولة إيران، وبالتالي، فإنه يسعى إلى مواجهة عربية ضد إيران، فى إطار استمرار سياسات الفتنة السياسية (شيعة سُنة)، وتظل إسرائيل هى المهيمنة على المنطقة بالأصالة وبالوكالة، تنفيذًا للمشروع الأمريكى الصهيونى الاستعماري. وبالمتابعة لم يصدر أى تصريح رسمى من مصر ودول الخليج، تجاه هذا الحلف المسمى بالناتو العربي.

والسؤال هنا لماذا هذا الترويج فى هذا الوقت بالذات؟ وما هى أهدافه؟ فالترويج الأمريكى لهذا الحلف، عبر تصريحات رسمية وغير رسمية، الهدف منه إحراج الدول العربية، لمحاصرتها لعدم الرفض، أو إلزامها بالصمت فى ضوء ضغوط يمكن ممارستها على هذه الدول .

إلا أن الموقف المصرى الرسمي، وقد تكرر أكثر من مرة، يتضمن رفض الدخول فى مواجهات عسكرية، ومن ثم أستطيع أن أخلص إلى عدم قبول، أو موافقة مصر على هذا الحلف ذات الطبيعة العسكرية.

وقد يقول البعض إن مصر سبق أن دخلت فى تحالفات إقليمية، مثل التحالف العربى فى اليمن، والتحالف الدولى ضد الإرهاب. والرد على ذلك: أن مصر لم تتدخل عسكريًا فى اليمن (بريًا أو جويًا).

إلا أن مصر قبلت الاشتراك فى هذا التحالف، على خلفية حماية مصالحها فى باب المندب لعدم التأثير على حركة المرور والتجارة فى قناة السويس، وهى أهم شريان فى العالم، وتدر عائدًا اقتصاديًا يصل إلى (5) مليارات دولار فى السنة.

إذن لماذا تغامر مصر، بالدخول فى تحالف، يؤثر على أمنها القومى سلبًا؟ وقد يكون من مصلحة دول فى المنطقة تشكيل مثل هذا الحلف، وان كانت التصريحات الرسمية وغير الرسمية، لا تشير إلى تفضيل خيار الحرب فى المنطقة لآثارها الكارثية (نموذج الحرب العراقية الإيرانية التى استمرت (8) سنوات (1980 - 1988)، ونموذج الغزو العراقى للكويت ( 2 أغسطس 1990-16 يناير 1991م)، والغزو الأمريكى للعراق وتدميره (مارس 2003)، ومازالت لهذه الحروب آثارها المفزعة حتى الآن. حيث تخرج الولايات المتحدة وقد كسبت كل شيء، بينما يخرج العرب وقد حصدوا الصفر والدمار!.

إذن ما هى الأهداف الحقيقية من وراء ذلك الترويج الأمريكى لهذا الحلف؟ لعل الأهداف الحقيقية هي: إشغال العرب بصراع عربى إيراني، يلهيهم عن إسرائيل، لتظل إسرائيل هى المهيمنة والسعى نحو تدمير إيران، وإعاقة مشروعاتها النووية والعسكرية الاستراتيجية.

والسعى نحو تنفيذ صفقة القرن بالإجبار والقوة على جميع الأطراف العربية وإيران، بعد إضعافهم، لتظل إسرائيل هى القوة المهيمنة على المنطقة، وملء فراغ أو تعويض أمريكا عن انسحابها الدولي.

وتفادى دخول أمريكا فى حروب جديدة، وتكليف الوكلاء بالدخول لتحقيق مصالح أمريكية صهيونية، وتفادى بالتالى الأفول الأمريكى عالميًا. ولا يمكن تجاهل تصريح ترامب، بضرورة استعادة المليارات التى صرفتها فى الحروب السابقة.

وتفادى المبادرة الصهيونية بالقيام بالحرب على إيران، تفاديًا لتعاطف عربى وإسلامي، قد لا يحمد عقباه، وتظهر الحرب على أنها حلف سنى ضد دولة شيعية، أو حرب عربية إسلامية. وختامًا: ليس كل ما يروج له، يمكن تنفيذه، فالفشل نصيبه، ولعل فى حلف الناتو العربى أو صفقة القرن خير مثال، كما أن العصر الذى نعيشه الآن هو عصر الأفول الأمريكي، لمن يريد أن يعى ما يحدث.

نقلاً عن الأهرام القاهرية 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الناتو العربى» والأفول الأمريكى «الناتو العربى» والأفول الأمريكى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
  مصر اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 10:38 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

وصول قوات سعودية للمشاركة بتمرين "السهم الثاقب 2024" في مصر
  مصر اليوم - وصول قوات سعودية للمشاركة بتمرين السهم الثاقب 2024 في مصر

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين
  مصر اليوم - مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 06:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
  مصر اليوم - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

بحث أميركي يدشن مشروعًا لإعادة تصور وجه نفرتيتي

GMT 23:17 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

نادي روما الإيطالي يجهض حلم يورجن كلوب

GMT 13:46 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اجتماع لمجلس إدارة اتحاد الكرة الثلاثاء المقبل

GMT 11:51 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الإسماعيلي في مباراة قوية أمام الأسيوطي مساء الإثنين

GMT 01:38 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

إلهام شاهين والأب دانيال يكرمان آمال فريد

GMT 05:51 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

صعوبة البلع والنزيف المهبلي أبرز أعراض السرطان

GMT 22:36 2016 الإثنين ,28 آذار/ مارس

فوائد الجزر والخضروات لسرطان البروستاتا

GMT 22:09 2014 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حاسبات" بني سويف تنظم مسابقة في البرمجيات للجامعات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon