بقلم : ليلى حافظ
فى تحد سافر للقوانين والأعراف الدولية ارتكبت إسرائيل جريمة خطيرة أخرى فى سياستها للقضاء على الشعب الفلسطيني؛ ففى تقرير صدر عن مركز «بتسليم» الإسرائيلي، (مركز المعلومات الاسرائيلى لحقوق الإنسان فى الأراضى المحتلة لأجل إنهاء الاحتلال) كشف أن اسرائيل تقوم بتحويل الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية الى مقلب لنفاياتها اليومية والصناعية، وتلك بشكل خاص ما تعتبر الأكثر خطورة على الإنسان وعلى البيئة.
كشف التقرير الذى صدر بعنوان «صنع فى البلاد: استغلال أراض فلسطينية لمعالجة نفايات إسرائيلية»، صدر فى اسرائيل فى العام الماضي، وترجم الى الانجليزية قبل شهر واحد- أن الدولة المتقدمة والتى مثل كل الدول المتقدمة، تزيد فيها نسبة الاستهلاك الصناعى والطاقة، وضعت نظاما خاصا بها لمعالجة النفايات التى تستخرجها على أرضها. وجزء كبير من هذا النظام موجود خارج الحدود السيادية لدولة إسرائيل، وداخل الحدود السيادية لدولة أخرى هى فلسطين فى الضفة الغربية. هذا النظام يتعارض مع كل القوانين والأعراف الدولية لعدة اسباب: أولا لأن إسرائيل تستغل وضعها كدولة احتلال لوضع قوانين أقل تشددا لحماية البيئة فى المناطق الصناعية الواقعة ضمن المستوطنات المقامة فى الاراضى المحتلة عنها فى داخل إسرائيل؛ ففى حين تخضع المصانع المنتجة للمواد الملوثة داخل اسرائيل لقوانين متشددة لمنع تلوث المناخ، تعمل المصانع داخل المستوطنات بلا قيود، ولا تطالب بتقديم تقارير عن كمية النفايات التى يتم معالجتها فيها، ولا عن الأخطار الناجمة عن عملها وطرق تفادى تلك الأخطار.
وثانيا، أن إسرائيل منحت تلك المستوطنات حوافز اقتصادية مقابل استقبال النفايات من الاراضى الاسرائيلية، مثل امتيازات ضريبية ودعم حكومي. مما يجعل إقامة معامل معالجة النفايات فى الاراضى المحتلة أكثرمنفعة من إقامتها داخل الاراضى الاسرائيلية.
وثالثا، لأن إسرائيل أقامت 15 منشأة تعمل فى معالجة النفايات، منها ست منشآت تعمل على معالجة النفايات الخطيرة مثل نفايات طبية ملوثة، وزيوت مستعملة، ومعادن وبطاريات مستعملة، ومواد ناتجة عن صناعة الإلكترونيات، وحمأة المجاري. ويشير التقرير الذى أصدرته المنظمة الاسرائيلية «بتسليم» الى أن اسرائيل حققت من خلال هذه السياسة هدفين، فقد رفعت كمية النفايات التى تعالجها، وفى نفس الوقت عملت على تحويل المخاطر والملوثات الى الاراضى والشعب الفلسطيني. وذلك ما يعتبر فى الأعراف الدولية، جريمة خطيرة؛ لان إن كانت القوانين الدولية تحرم نقل النفايات من دولة ذات سيادة الى اراضى دولة أخرى ذات سيادة، فإن نقل النفايات الى أراضى دولة تحت الاحتلال، يعتبر جريمة أخطر؛ لأن شعب الدولة المحتلة ليس فى مقدوره معارضة قرار سلطة الاحتلال.
نقلاً عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع