توقيت القاهرة المحلي 08:12:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحث العلمي والبيروقراطية

  مصر اليوم -

البحث العلمي والبيروقراطية

بقلم : محمد زهران

  تابعت منذ أيام مؤتمر البحث العلمي الذي عقد في مصر الأسبوع الماضي، الإحصاءات التي قدمها السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي مبشرة ولكن هناك نقطة هامة: أيا كان التخطيط السليم من أعلى فلن يؤتي ثماره إلا بالتخطيط من أسفل القاعدة الهرمية أيضاً ...دعني أشرح وجهة نظري.

في كثير من التحولات الاقتصادية يستفيد رجال الأعمال أولاً ولا يحس الفقراء بأثرها إلا بعد حين، هذا لا ينطبق على منظومة البحث العلمي فلا يوجد أغنياء وفقراء هنا ولكن يوجد باحثون وعوامل مساعدة (مثل الموظفون والقوانين المسيرة للعمل .. إلخ) ولكي يبدع هؤلاء الباحثين يجب تهيئة البيئة المناسبة لهم وقد تكلمنا في هذا الموضوع في عدة مقالات أو أجزاء من مقالات سابقة، اليوم أود أن أناقش التخطيط من أسفل القاعدة الهرمية، قمة الهرم هي السياسات العليا للبحث العلمي وقاعدة الهرم هي القاعد البيروقراطية المسيرة للعمل، مابين هذا وذاك يعمل الباحثون.

بعد المقال السابق البحث العلمي في مصر وبره جائتني رسالة من أستاذ جامعي فاضل وباحث متميزمن إحدى الجامعات الحكومية في مصر تحكي المصاعب التي تواجه الباحثين في مصر نتيجة للبيروقراطية، دعني أعرض عليك بعض ما وصلني.

القانون 89 للمناقصات وقواعد الاستيراد ينص على وجوب الحصول على 3 عروض لشراء أي جهاز بقيمة أغلى من 100 جنيه! أعتقد أن وجبة في أي مطعم حالياً تتكلف أكثر من ذلك.

لاستيراد أجهزة من الخارج لابد من الحصول على استمارة من وكلاء أو مركز صيانة في مصر، فماذا لو كان الجهاز حديثاً جداً ولا وكلاء له في مصر؟ وفي الأبحاث الحديثة لابد من أجهزة حديثة، قد تتسائل كيف إذا ستعمل على الجهاز أو تصلحه إن تعطل؟ هذه مشكلة الباحث هو من حصل على التمويل وهو من يرغب في عمل البحث فلنعطه فرصته.

أما في الجمارك فحدث ولاحرج: هل يفهم مأمور الجمارك مع (كل الإحترام له وإدراكنا لعمله في ظروف صعبة) في الأجهزة المعملية الحديثة؟ ماذا لو كان هناك باحث في مجال نادر ويحتاج جهاز في مجاله؟ لن تجد من يفهم في هذا الجهاز لا في الجمارك ولا في خارج الجمارك إلا هذا الباحث، فما الحل إذن؟ ماذا لو كان المستورد مواد لها تاريخ صلاحية يعد بالأسابيع أو الأشهر ولا يجب أن تنتظر في الجمرك مدة طويلة (حتى تؤخذ عينات للتحليل وإنتظار النتائج ... إلخ) وإلا إنتفى الغرض منها؟ إن أردت رأيي يجب إعفاء جميع الأجهزة المعملية والطبية من الجمارك لأنها هي ما نحتاجه لمستقبل مصر ودخولها واستخدامها أفضل من تعطيلها في الجمرك والمبلغ الذي سيحصَّل، وللدلالة على أهمية ذلك فقد حكى الأستاذ الجامعي الفاضل في رسالته تلك الواقعة:" إحدي المواد الكيميائية التي اشتريتها كانت حساسة للضوء (أي يتغير تركيبها الكيميائي عند تعرضها لضوء الشمس) وبدلا من أن يقوم مأمور الجمرك "المختص" بالكشف عليها في غرفة مظلمة، قام بالكشف الجمركي عليها في ضوء النهار بدون أي احتياطات مما أدي إلي تلفها بالكامل." ... وأيضا تلك الواقعة: "أحد الكيماويات التي قمت بشرائها حديثا من شركة ألمانية ظلت محجوزة بالجمارك لمدة ثلاثة أشهر حيث أصر مندوب الجمارك علي أخذ عينة منها لتحليلها وانتظار نتيجة التحليل رغم أن الشركة الألمانية أرفقت مع الشحنة التركيب الكيميائي لها بالكامل بالإضافة لإجراءات التخزين والأمان الخاصة بها كما أني أرفقت مع الشحنة إقرار رسمي من الجامعة بمحتوي هذه المادة وأنها ستستخدم لأغراض البحث العلمي داخل الجامعة. المشكلة أن المادة عمرها الافتراضي أقل من عام وأن يضيع من هذا العام ثلاثة أشهر في إجراءات لا فائدة منها فهذا يمثل إهدار للأموال وللوقت الذي هو في بعض الأحيان أثمن من المال."

من النظم البيروقراطية المعطلة للبحث العلمي نظام العهدة لحفظ الأجهزة والمستهلكات بالجامعات المصرية حيث ينص القانون على ألا يتم إنهاء إجراءات شراء أي جهاز إلا بعد أن يتم تسليمه لموظف يكون مسئولا عنه للحفاظ، هل هذا الموظف باحث؟ بالقطع لا هو موظف إداري، إذا هو لا يفهم في هذا الجهاز العلمي، أتفهم خوف هذا الموظف على نفسه من ضياع أو تلف العهدة فيتزمت في إجراءاته مما يعطل البحث العلمي، ماذا لو كان هذا الجهاز في عهدة الباحث نفسه؟ أليس هذا أفضل؟

أنا طبعاً أتفهم المخاوف الأمنية من دخول أجهزة أو مواد كيماوية ولكن هذه الأجهزة والمواد معروف مصدرها ومعروفة الجامعة أو المركز البحثي الذي ستوضع وتستخدم فيه.

أود أن أشكر الأستاذ الجامعي الفاضل والباحث المتميز على رسالته وعلى بيان ما يجب تحسينه حتى تتحسن العملية البحثية في مصر.

الأساتذة الجامعيون لهم كادر خاص في الحكومة فلما لا يكون لهم "كادر خاص في تسهيل الإجراءات البيروقراطية" لأن الباحثين من وجهة نظري "على راسهم ريشة" لأن على أكتاف العلم تقوم الدول.

نقلاً عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث العلمي والبيروقراطية البحث العلمي والبيروقراطية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon