توقيت القاهرة المحلي 08:54:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحث العلمي والبيروقراطية

  مصر اليوم -

البحث العلمي والبيروقراطية

بقلم : محمد زهران

  تابعت منذ أيام مؤتمر البحث العلمي الذي عقد في مصر الأسبوع الماضي، الإحصاءات التي قدمها السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي مبشرة ولكن هناك نقطة هامة: أيا كان التخطيط السليم من أعلى فلن يؤتي ثماره إلا بالتخطيط من أسفل القاعدة الهرمية أيضاً ...دعني أشرح وجهة نظري.

في كثير من التحولات الاقتصادية يستفيد رجال الأعمال أولاً ولا يحس الفقراء بأثرها إلا بعد حين، هذا لا ينطبق على منظومة البحث العلمي فلا يوجد أغنياء وفقراء هنا ولكن يوجد باحثون وعوامل مساعدة (مثل الموظفون والقوانين المسيرة للعمل .. إلخ) ولكي يبدع هؤلاء الباحثين يجب تهيئة البيئة المناسبة لهم وقد تكلمنا في هذا الموضوع في عدة مقالات أو أجزاء من مقالات سابقة، اليوم أود أن أناقش التخطيط من أسفل القاعدة الهرمية، قمة الهرم هي السياسات العليا للبحث العلمي وقاعدة الهرم هي القاعد البيروقراطية المسيرة للعمل، مابين هذا وذاك يعمل الباحثون.

بعد المقال السابق البحث العلمي في مصر وبره جائتني رسالة من أستاذ جامعي فاضل وباحث متميزمن إحدى الجامعات الحكومية في مصر تحكي المصاعب التي تواجه الباحثين في مصر نتيجة للبيروقراطية، دعني أعرض عليك بعض ما وصلني.

القانون 89 للمناقصات وقواعد الاستيراد ينص على وجوب الحصول على 3 عروض لشراء أي جهاز بقيمة أغلى من 100 جنيه! أعتقد أن وجبة في أي مطعم حالياً تتكلف أكثر من ذلك.

لاستيراد أجهزة من الخارج لابد من الحصول على استمارة من وكلاء أو مركز صيانة في مصر، فماذا لو كان الجهاز حديثاً جداً ولا وكلاء له في مصر؟ وفي الأبحاث الحديثة لابد من أجهزة حديثة، قد تتسائل كيف إذا ستعمل على الجهاز أو تصلحه إن تعطل؟ هذه مشكلة الباحث هو من حصل على التمويل وهو من يرغب في عمل البحث فلنعطه فرصته.

أما في الجمارك فحدث ولاحرج: هل يفهم مأمور الجمارك مع (كل الإحترام له وإدراكنا لعمله في ظروف صعبة) في الأجهزة المعملية الحديثة؟ ماذا لو كان هناك باحث في مجال نادر ويحتاج جهاز في مجاله؟ لن تجد من يفهم في هذا الجهاز لا في الجمارك ولا في خارج الجمارك إلا هذا الباحث، فما الحل إذن؟ ماذا لو كان المستورد مواد لها تاريخ صلاحية يعد بالأسابيع أو الأشهر ولا يجب أن تنتظر في الجمرك مدة طويلة (حتى تؤخذ عينات للتحليل وإنتظار النتائج ... إلخ) وإلا إنتفى الغرض منها؟ إن أردت رأيي يجب إعفاء جميع الأجهزة المعملية والطبية من الجمارك لأنها هي ما نحتاجه لمستقبل مصر ودخولها واستخدامها أفضل من تعطيلها في الجمرك والمبلغ الذي سيحصَّل، وللدلالة على أهمية ذلك فقد حكى الأستاذ الجامعي الفاضل في رسالته تلك الواقعة:" إحدي المواد الكيميائية التي اشتريتها كانت حساسة للضوء (أي يتغير تركيبها الكيميائي عند تعرضها لضوء الشمس) وبدلا من أن يقوم مأمور الجمرك "المختص" بالكشف عليها في غرفة مظلمة، قام بالكشف الجمركي عليها في ضوء النهار بدون أي احتياطات مما أدي إلي تلفها بالكامل." ... وأيضا تلك الواقعة: "أحد الكيماويات التي قمت بشرائها حديثا من شركة ألمانية ظلت محجوزة بالجمارك لمدة ثلاثة أشهر حيث أصر مندوب الجمارك علي أخذ عينة منها لتحليلها وانتظار نتيجة التحليل رغم أن الشركة الألمانية أرفقت مع الشحنة التركيب الكيميائي لها بالكامل بالإضافة لإجراءات التخزين والأمان الخاصة بها كما أني أرفقت مع الشحنة إقرار رسمي من الجامعة بمحتوي هذه المادة وأنها ستستخدم لأغراض البحث العلمي داخل الجامعة. المشكلة أن المادة عمرها الافتراضي أقل من عام وأن يضيع من هذا العام ثلاثة أشهر في إجراءات لا فائدة منها فهذا يمثل إهدار للأموال وللوقت الذي هو في بعض الأحيان أثمن من المال."

من النظم البيروقراطية المعطلة للبحث العلمي نظام العهدة لحفظ الأجهزة والمستهلكات بالجامعات المصرية حيث ينص القانون على ألا يتم إنهاء إجراءات شراء أي جهاز إلا بعد أن يتم تسليمه لموظف يكون مسئولا عنه للحفاظ، هل هذا الموظف باحث؟ بالقطع لا هو موظف إداري، إذا هو لا يفهم في هذا الجهاز العلمي، أتفهم خوف هذا الموظف على نفسه من ضياع أو تلف العهدة فيتزمت في إجراءاته مما يعطل البحث العلمي، ماذا لو كان هذا الجهاز في عهدة الباحث نفسه؟ أليس هذا أفضل؟

أنا طبعاً أتفهم المخاوف الأمنية من دخول أجهزة أو مواد كيماوية ولكن هذه الأجهزة والمواد معروف مصدرها ومعروفة الجامعة أو المركز البحثي الذي ستوضع وتستخدم فيه.

أود أن أشكر الأستاذ الجامعي الفاضل والباحث المتميز على رسالته وعلى بيان ما يجب تحسينه حتى تتحسن العملية البحثية في مصر.

الأساتذة الجامعيون لهم كادر خاص في الحكومة فلما لا يكون لهم "كادر خاص في تسهيل الإجراءات البيروقراطية" لأن الباحثين من وجهة نظري "على راسهم ريشة" لأن على أكتاف العلم تقوم الدول.

نقلاً عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث العلمي والبيروقراطية البحث العلمي والبيروقراطية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon