بقلم : محمد زهران
مؤتمر المناخ التابع للأمم المتحدة لهذا العام (COP27) سيقام فى شرم الشيخ فى مصر فى نوفمبر القادم، تجرى الاستعدادات على قدم وساق لهذا المؤتمر الهام لكن الكثير من الناس قد تقول: «وما الذى يهمنى أنا على المستوى الشخصى من ذلك ومن قصة المناخ هذه؟». فى هذا المقال سنتحدث عن التغير المناخى وأهميته على مستوى الأفراد.
ببساطة شديدة نحن نتكلم عن درجة الحرارة على كوكبنا هذا، وببساطة شديدة أيضا نواجه مشكلة ازدياد هذه الحرارة. وجد العلماء أن فى عصرنا هذا تزداد درجة الحرارة نحو (0.2) درجة كل عشر سنوات. قد تبدو تلك الزيادة طفيفة وغير ذات أهمية فنحن فى النهاية نتكلم عن اثنين من عشر درجات سيلزيوس (وحدة قياس درجة الحرارة فى أغلب دول العالم، بخلاف بعض الدول مثل أمريكا التى تستخدم الفهرنهايت). المشكلة أنه لو وصلنا إلى زيادة درجتين عما نحن عليه ستكون العاقبة وخيمة، وإذا لم نفعل شيئا الآن فمعدل ازدياد درجة الحرارة قد يتزايد عن الاثنين من عشر. ما هى المشكلة فى تلك الزيادة فى درجة الحرارة؟
هناك تأثير سيئ جدا على الصحة، على سبيل المثال ستتزايد معدلات الإصابة بضربات الشمس التى قد تؤدى إلى الوفاة، لاحظ أن السواد الأعظم من الناس لا يملكون رفاهية الجلوس فى مكاتب مكيفة وقد تضطرهم ظروف عملهم الوقوف تحت تلك الشمس الحارقة مدة طويلة فى اليوم. ازدياد درجة الحرارة تؤدى إلى ذوبان الجليد فى مناطق كثيرة ومن ثم ازدياد الفيضانات، نشرات الأخبار مليئة بدول كثيرة الآن تواجه فيضانات مدمرة، ونحن فى مصر لسنا فى مأمن من ذلك لأن العالم كلٌّ متصل وذوبان الجليد سيؤدى إلى ارتفاع منسوب المياه فى بحار كثيرة مما يؤدى إلى غرق أجزاء كبيرة من المدن الساحلية. نحن لا نتكلم عن مستقبل بعيد. ارتفاع درجة حرارة المياه سيؤدى إلى زيادة فى الطحالب وبالتالى إلى تلوث المياه وهذا يهدد كمية المياه الصالحة للشرب وزيادة تكلفة تنقية المياه وهذا أمر خطير جدا لكل بلدان العالم ونحن منهم. ازدياد حرارة الهواء تؤدى إلى زيادة ملوثات الجو ومسببات الحساسية. إذا نحن نواجه مشكلة فى الماء والهواء أى فى أبسط مقومات الحياة. ليس هذا فقط بل إن الزيادة فى درجة الحرارة تؤدى إلى الزيادة المفرطة فى استخدام المبردات (تكييف وثلاجات) وتلك الزيادة المفرطة تطلق فى الجو مواد تسبب تآكل طبقة الأوزون وبالتالى زيادة سرطان الجلد ومشاكل تعتيم عدسة العين (ما نسميه الكاتاركت).
حيث إننا فى عصر المعلومات الضخمة (big data) نستطيع إيجاد الكثير من الإحصاءات فقد وجد الباحثون أن لكل درجة فوق 29 تزيد عدد الوفيات بما يقارب 4%. الموضوع كارثى.
هناك أسباب كثيرة لهذا التغير فى المناخ، منها تآكل المساحة الخضراء فى العالم نتيجة تجريف الأراضى لبناء مساكن وناطحات سحاب وعدم الاهتمام بالزراعة، من الأسباب أيضا زيادة انبعاث ثانى أكسيد الكربون وتأثيره كغرفة خضراء (green house effect) زاد بنسبة 50% عن ما قبل العصر الصناعى فى القرن 18 نتيجة لاستخدام المواد البترولية والفحم والغاز، أى أن العالم أصبح مثل سيارتك عندما تتركها فى الشمس لمدة طويلة أو مثل الصوب الزجاجية التى تحتفظ بالحرارة داخلها، من الأسباب أيضا زيادة انبعاث غاز الميثان والذى يأتى من حيوانات المزارع وعادم السيارات وعدم تدوير المخلفات بطريقة صحيحة.
هى مشكلة طاقة لأننا ما زلنا نولد الطاقة من الوقود الأحفورى (بترول وغاز وفحم إلخ) فى أغلب الأحيان، وهى أيضا مشكلة سياسية فمثلا فى البداية كانت الصين لا ترغب فى تقليل انبعاثاتها الملوثة للبيئة بحجة أن دولة مثل أمريكا قد أخذت فرصتها منذ بداية العصر الصناعى ولوثّت المناخ فلماذا لا تأخذ الدول الأخرى نفس الفرصة، طبعا بدأت دول العالم فى أخذ الموضوع بجدية وجاءت اتفاقية باريس سنة 2015 لتتحد الدول لتقليل تلوث الجو ومقاومة التغير المناخى ومصر من الدول التى وقعت تلك الاتفاقية، الصين أيضا أخيرا وافقت على الانضمام لدول العالم لمواجهة هذا الخطر، لنأمل أن تصْدق.
هذا على مستوى الدول، ماذا عليك أن تفعل على المستوى الشخصى؟ أولا حاول تقليل استهلاكك من الطاقة فهذا سيوفر عليك فى فواتير الكهرباء وسيساعد على تقليل الضغط على الدول لتوليد الطاقة، ثانيا: حاول استخدام المواصلات العامة أو وسائل تنقل مثل الدراجات وتقليل قيادة سيارتك (إذا كنت تمتلك سيارة)، ثالثا وهذا متعلق بمن يعمل فى مجال يستلزم السفر بالطائرة حاول أن تقلل السفر واستخدام الحضور الافتراضى والكوفيد مرننا على ذلك، رابعا افعل ما بوسعك للحفاظ على المساحات الخضراء وتقليل المخلفات قدر الإمكان.
الموضوع كبير ويحتاج تكاتف الكل من الدول وحتى الأفراد.