توقيت القاهرة المحلي 09:22:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الطبيعة البشرية والعلم

  مصر اليوم -

الطبيعة البشرية والعلم

بقلم : محمد زهران

منذ أيام صدر كتاب بعنوان "The Law of Human Nature" أو "قوانين الطبيعة البشرية" للكاتب الأمريكي روبرت جرين (Robert Greene) الشهير بكتبه ذائعة الصيت عن الاستراتيجية وفنون الصراع والنفس البشرية وقد إكتسب خبرات جمة في بداية حياته حين عمل على حد قوله في ما يقارب الثمانون وظيفة ساعدته على معرفة ورؤية النفس البشرية في تصارعها وتعاملها مع الآخرين، أهمية هذا الكتاب وهو كتاب ضخم يقع في حوالي ستمائة صفحة من الحجم الكبير تأتي من ناحيتين: أولا تساعدك على معرفة نفسك ونقاط قوتك وضعفك وما تستطيع التغلب عليه وما يجب أن تتعايش معه وثانياً يساعدك أن تفهم الآخرين، في هذا المقال سنتحدث عن هاتين النقطتين من وجهة نظر شخص أكاديمي يعمل في البحث العلمي والتدريس وكيف يستفيد الأكاديمي من هذا كتاب كهذا.

 نعرف أن مسؤولية الأستاذ الجامعي تنقسم إلى ثلاثة أقسام: التدريس والبحث العلمي والخدمات الإدارية والعلمية مثل مجالس الأقسام ولجان تحكيم الأبحاث والرسائل العلمية، في كل واحدة من تلك المسؤوليات معرفة النفس البشرية وطبائعها تساعد جداً على إتقان المهمة.

التدريس يعتمد على تمكنك من مادتك العلمية وتوصيلها لطلاب متفاوتي المستوى ومتفاوتي الشخصيات والدوافع مع المحافظة على هدوء أعصابك والوصول إلى هدفك من تدريس المادة وهل هي مجرد أن يحصلوا على درجات مرتفعة أم أن يتعلموا لأن الهدفين للأسف يتابعدا كلما كان النظام التعليمي ضعيف.

يحتوي كتاب روبرت جرين على فصل للسيطرة على المشاعر والتي تجعل في كثير من الأحيان إتخاذ القرارات تتم بشكل عاطفي وليس عقلاني وهذا يساعدك جداً في التعامل مع الطلاب: مثلاً إذا كان هناك طالب يخاف من سؤال الأستاذ لأنه لا يثق بنفسه ويخشى أن يكون مصدراً للسخرية أو طالب عدواني، يجب أن تتعامل مع كل تلك الشخصيات  المتباينة بهدوء أعصاب وتتعامل بأسلوب يساعد الطلاب على التعلم، يوجد باب آخر في الكتاب بعنوان "النظر خلف أقنعة الناس" هذا يساعدك على معرفة شخصية الطالب، مثلاً هل هو عدواني لأنه لا يحب الدراسة ومجبر عليها أم هي وسيلة دفاعية لأنه يخاف من صعوبة المادة أو أي سبب آخر وكل سبب له طريقة تعامل، طبعاً الكتاب لا يتحدث عن الطلاب والحياة الأكاديمية ولكنه يجمع مادة ثرية عن طبيعة النفس البشرية وأي شخص يمكنه الاستفادة من هذه المعلومات في مجال عمله.

نأتي إلى البحث العلمي، كيف يمكن أن يساعد كتاب كهذا في البحث العلمي؟ أولاً نفس هذا الباب عن أقنعة الناس يمكن أن يكون مفيداً هنا، أنت كباحث في عقلك الكثير من الأسئلة العلمية التي تبحث عن إجابة وتصلح كي تكون رسائل ماجستير أو دكتوراه، ما لا نتعلمه بسهولة هو كيف نعطي المشكلة العلمية للطالب الصحيح، قد يكون عندك عدة طلاب كلهم مستواهم العلمي ممتاز لكن إذا أعطيت المشكلة للطالب الخطأ فستظلم الطالب ولن تصل إلى بحث جيد لأن كل مشكلة تتطلب شخصية معينة للتعامل معها فيجب أن تعرف شخصية الطالب لتعطي له المشكلة الملائمة له، القدرات العلمية شيء والشخصية شيء آخر لأن الشخصية تحدد كيف يتعامل كل شخص مع المشكلة التي تواجهه سواء مشكلة بحثية أو مشكلة حياتية وهنا يكون باب آخر من كتاب روبرت جرين بعنوان "معرفة مكامن القوة في شخصية الآخر" مفيداً.

في الأعمال الإدارية يتعامل الأستاذ الجامعي مع أساتذة آخرين ويعرض وجهة نظرة في مواضيع شتى في إجتماعات كثيرة مثل مجالس الأقسام، هناك باب في الكتاب قد يستخدم في الخير وقد يستخدم لغير ذلك وهو عن كيفية تقليل مقاومة الآخرين وباب آخر عن كيفية أن تجعل الآخرين يتبعونك.

طبعاً كل ما سبق كان عن التعامل مع الآخرين ولكن الكتاب يناقش أيضاً التعامل مع نفسك، فمثلاً هناك باب عن معرفة قدراتك أو معرفة مكامن العدوانية فيك والتحكم فيها.

كتاب روبرت جرين هو مثال فقط على نوعية من الكتب قد تظهر أنها غير ذات أهمية للباحث أو الأكاديمي ولكنها يمكن أن توظف في المجالات العلمية بكفاءة، ولا يسعني هنا إلا أن أنهي المقال بمقولة أستاذنا الكبير عباس محمود العقاد: "الجسم يغذيه ما يشتهيه فإقرأ ما تحب تستفد" ولكن أزيد على تلك المقولة أنك يمكن أن  تغير للأفضل "ما تحب" أي تتحكم في نوعية الكتب التي تقرأها ولكن تبرمج نفسك على حبها حتى تكون الاستفادة كاملة.

نقلا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطبيعة البشرية والعلم الطبيعة البشرية والعلم



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon