توقيت القاهرة المحلي 11:15:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بعد 25 عاماً على أوسلو: متى الطلاق؟

  مصر اليوم -

بعد 25 عاماً على أوسلو متى الطلاق

بقلم-جمال أبو الحسن

يمر هذا الشهر 25 عاماً على توقيع اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية فى سبتمبر 1993. غاية الاتفاق كانت تحقيق انسحابات مرحلية من جانب إسرائيل، توطئة لإقامة دولة فلسطينية على الضفة الغربية وغزة. بعد ربع قرن، مازال هذا الهدف حلماً مراوغاً. بل إن الوضع تحول إلى كابوس حقيقى. الاستيطان تضاعف مرات منذ أوسلو. غزة صارت «إمارة» مستقلة تحت قيادة حماس. أمريكا اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل. العالم العربى انفجر فى سلسلة من الحروب الأهلية وحروب الوكالة والصراعات. الحماس العالمى لحل الدولتين تراجع. لا أحد يريد أن يسمع عن هذا النزاع المُزمن. لا أحد يؤمن حقاً بأنه قابلٌ للحل.

الإسرائيليون يقولون إن غاية ما يمكن فعله هو إدارة النزاع بصورة تمنع انفجاره. هم يكررون على مسامع العالم: انظروا لضحايا الحرب الأهلية السورية. بل انظروا إلى عدد اللاجئين السوريين الذى صار يفوق عدد اللاجئين الفلسطينيين. إن إسرائيل ليست مشكلة الشرق الأوسط. بل ربما تكون هى جزيرة الاستقرار الوحيدة وسط بحاره المضطربة!

ما الذى قاد إلى هذا الفشل الذى كلف الفلسطينيين والمنطقة الكثير من الطاقات المُهدرة والوقت الضائع؟ قرأتُ مؤخراً مقالاً عن ذكرى أوسلو لواحد من عتاة اليمين الأمريكى هو «دوجلاس فايث» الذى عمل نائباً لوزير الدفاع الأمريكى «رامسفيلد». جوهر المقال أن أوسلو لم تكن اتفاقاً ثنائياً حقيقياً يتضمن اعترافاً متبادلاً والتزاماً بالسلام. أوسلو كان فى حقيقته انسحاباً أحادياً إسرائيلياً من بعض مناطق الضفة وغزة. الانسحاب كان نابعاً من إدراك إسرائيلى بضرورة التخلى عن إدارة مناطق مكتظة بالسكان الفلسطينيين، والاكتفاء بالسيطرة الأمنية عليها. ما حدث هو أن قادة إسرائيل، كما يقول «فايث» فى مقاله، غلّفوا انسحابهم الأحادى بمظهر «اتفاق أوسلو» الذى أعطى الجميع أملاً خادعاً فى إمكانية تحقيق السلام.

هذه الرؤية اليمينية لها هدفٌ واحد هو ترسيخ الانطباع باستحالة تحقيق السلام مع الفلسطينيين. السبب، وفقاً لهذه الرؤية، هو أن الفلسطينيين لن يقدموا الحد الأدنى من التنازلات الضرورية التى تجعل هذا السلام ممكناً. هم عاجزون عن ذلك لأن قيادتهم تعوزها الشجاعة أو الرؤية.. أو الاثنان معاً!

فشل أوسلو عزز هذه الرؤية اليمينية. ليس فقط بين الإسرائيليين، وإنما فى الولايات المتحدة. التحديات التى يواجهها مشروع «دولتين لشعبين» – الذى يبدو الخيار العقلانى الوحيدة لإنجاز تسوية تاريخية مستدامة للنزاع العربى الإسرائيلى- ليست بخافية على أحد من المتابعين. على أن أهم هذه التحديات وأخطرها جميعاً هو «التوقيت». حل الدولتين يبدو اليوم كفكرة مضى وقتها، وذهب زمانها.

من المفارقات أن الإيمان والحماس- الدولى والإقليمى- لحل الدولتين تزايد، فى الوقت الذى تضاءلت فيه العناصر الموضوعية اللازمة لتحقيقه على الأرض. أهم هذه العناصر على الإطلاق إيمان الجمهور، على الجانبين، بأن هذا الحل يحقق طموحاتهما القومية وآمالهما فى المستقبل!

الجمهور الإسرائيلى صار مقتنعاً بأن «الوضع القائم» قابل للاستمرار إلى الأبد، وأن فى استمراره مصلحة تفوق مقامرة القفز إلى المجهول. الجمهور الفلسطينى، بدوره، صار أقل جاهزية لإقامة الدولة مما كان عليه قبل عقد. الانتفاضة الثانية مزقت أواصر المجتمع والسياسة الفلسطينية على أكثر من صعيد، أبرزها هذا الانقسام المشين- الذى يبدو غير قابل للحل- بين الضفة وغزة.

المفارقة هنا أن أطرافاً عربية صارت أكثر اقتناعاً اليوم بأهمية التسوية التاريخية القائمة على الدولتين، بل وأكثر استعداداً لاتخاذ مخاطرات- محسوبة بالطبع- فى هذا الاتجاه. هى مفارقة لأن أطراف القضية أنفسهم صاروا أكثر ابتعاداً عن هذا الحل وما يفرضه من تبعات. أطراف القضية غير قادرين على «خيار الطلاق».. بقاؤهما ملتصقين أهون عليهما من مخاطرة الانفصال!

كما أنه ليس هناك ما هو أكثر قوة من فكرة حان وقتها، فإنه ليس هناك ما هو أكثر تعاسة من فكرة مضى زمنها!

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد 25 عاماً على أوسلو متى الطلاق بعد 25 عاماً على أوسلو متى الطلاق



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon