توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف تقرأ إسرائيل الشرق الأوسط؟

  مصر اليوم -

كيف تقرأ إسرائيل الشرق الأوسط

بقلم - جمال أبو الحسن

فى هذه السنة تبلغ إسرائيل عامها السبعين كدولة. يقول التقرير الاستراتيجى السنوى الإسرائيلى الذى يصدره معهد دراسات الأمن القومى INSS: «فى مطلع العام السبعين لنشأة إسرائيل يبدو أن ميزان الأمن القومى لديها إيجابى وقوى جداً، إلا أنه فى البيئة المحيطة بها تظهر متغيرات تنطوى على تحديات وفرص على حد سواء». يُضيف التقرير: «إسرائيل قوية ومستقرة وحدودها هادئة. فى عام 2017 حافظت إسرائيل على تفوقها العسكرى فى الشرق الأوسط وقوتها الرادعة فى مواجهة العرب، بما فى ذلك التنظيمات دون مستوى الدولة والشبيهة بالدولة، ومن بينها حزب الله وحماس وداعش، والتى تنتشر بالقرب من حدودها. هذا الردع الذى يعتمد على دروس المعارك السابقة بين تلك الجهات وإسرائيل، وتأكيد استعداد إسرائيل للتحرك وتكبيد أعدائها ثمناً باهظاً حتى لو كان الثمن هو التصعيد.. هذا الردع هو ما يُفسر الهدوء على الحدود؛ 11 سنة فى الشمال و3 سنوات فى الجنوب».

أعتبر أن هذا التقرير السنوى من أهم الوثائق التى تصدر عن الشرق الأوسط كل عام. هو من الدوريات التى يحرص كاتب السطور على الاطلاع عليها، بغض النظر عن التوافق - من عدمه - مع تقديراته أو النتائج التى ينتهى إليها. التقرير فى النهاية يعكس أولويات الأمن الإسرائيلى كما يراها صفوة من الخبراء فى الاستراتيجية. بعضهم باحث، وبعضهم الآخر كان ممارساً فى السابق. غالباً ما يأتون من خلفيات علمية ومهنية وجيلية مختلفة. حسناً فعلت الهيئة العامة للاستعلامات أن قامت بترجمة للعربية تقريباً فور صدوره (الترجمة قام بها الأستاذان مدحت عبداللطيف ومحمود صبرى). الميزة الرئيسية لهذا التقرير هى البساطة ووضوح الرؤية، واعتماد النهج الواقعى فى تحليل الظواهر.

العبارة التى اقتبستُها بعاليه من التقرير تتحدث عن الردع الإسرائيلى باعتباره العامل الحاسم فى تأمين بقاء الدولة طوال السنوات الماضية. هذا صحيح. غير أن عاملاً آخر لعب دوراً لا يقل أهمية عن مفهوم الردع. عن الرؤية الاستراتيجية أتحدث. الرؤية الاستراتيجية السليمة تُعد من أهم مصادر قوة الدولة. لا ينطبق هذا المبدأ على دولة قدر انطباقه على إسرائيل.

خلاصة الرؤية الإسرائيلية للوضع فى الشرق الأوسط كما يلى: إيران تُحرز تقدماً على كل الجبهات. هى تعزز مكانتها بوجود طويل الأمد فى سوريا والعراق، فضلاً عن لبنان التى أحكمت قبضتها عليها. هى استفادت كذلك من نزاعين لم تؤججهما: الحرب اليمنية والأزمة مع قطر. دحر داعش هو نصرٌ مؤزر لإيران، خاصة أن ميليشياتها كان لها إسهام رئيسى فى تحقيقه.

إيران تقترب أيضاً من تركيا (وحد بينهما الموقف من الأزمة الخليجية، وطموحات الاستقلال الكردية)، وهى تحظى برعاية روسيا، إذ تعتبرها الأخيرة شريكاً رئيسياً فى الشرق الأوسط وآسيا الوسطى (فى العام الماضى ارتفع حجم التجارة بين البلدين بنسبة 70%). فى المقابل: أمريكا تنسحب من المنطقة بعد أن حددت مصالحها فى القضاء على داعش. والمعسكر السنى المناهض لإيران (السعودية/مصر/ الإمارات/ الأردن) يعتريه ضعفٌ وإن كان يُقاوم.

من بواعث ضعف هذا المعسكر كما يقول التقرير: «عدم وجود قاسم مشترك بين تصورات المملكة العربية السعودية للتهديدات وتصور بعض شركائها فى المُعسكر السنى». يضيف التقرير: «من شأن نجاح التحركات الاجتماعية والاقتصادية لبن سلمان وانتقال الحكم إليه من أبيه دون هزات أن يرسخ مكانته باعتباره أتاتورك سعودياً، وتقديم نموذج للربيع العربى غير العنيف. ولكن فى ضوء كثرة التحديات الماثلة أمامه فى الوقت ذاته، فإن السيناريو الذى تتعرض فيه المملكة السعودية لفترة صعبة من عدم الاستقرار الداخلى هو الأكثر احتمالاً».

والحال أن خلاصة الرؤية التى يتبناها التقرير هى أن المعسكر الشيعى الذى تقوده إيران ينتصر فى أغلب ساحات النزال فى الشرق الأوسط، وأهمها الحرب السورية. طهران تستفيد من الفوضى لتثبت مواطئ أقدام لها. هى تفعل ذلك تحت مظلة من الحماية الروسية واللامبالاة الأمريكية. النتيجة هى توسعة رقعة المواجهة المحتملة بين إيران وإسرائيل عبر الحدود السورية واللبنانية. حزب الله اكتسب قوة أكبر بعد خوضه الحرب السورية، وصار أكثر دربة على حرب المدن. بإمكانه إمطار الداخل الإسرائيلى بآلاف الصواريخ فى أول أيام المواجهة القادمة بينهما. سيكون على الجيش الإسرائيلى، بالتالى، الاستعداد لتدمير آلاف الأهداف فى يوم واحد. ستحتاج القوات الإسرائيلية إلى التوغل البرى فى عمق الأراضى اللبنانية لاقتلاع البنية العملياتية لحزب الله.

التهديدات المُحدقة بإسرائيل خطيرة بالفعل (وبعضها من صنعها من دون شك!). يُضاف إلى ذلك ما يعترى وضعها الداخلى من مظاهر لابد أن تقلق أى دولة حديثة وعلمانية (صعود المد الدينى القومى، واليمينى). غير أن السلاح السرى الأخطر فى جعبتها - كما يظهر من هذا التقرير - يظل القدرة على قراءة الواقع كما هو.. من دون تجميل أو تزييف.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تقرأ إسرائيل الشرق الأوسط كيف تقرأ إسرائيل الشرق الأوسط



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon