توقيت القاهرة المحلي 11:04:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خطة «اليوم التالي» لحرب غزة

  مصر اليوم -

خطة «اليوم التالي» لحرب غزة

بقلم - نديم قطيش

لا يختلف اثنان على أن لا خطة حقيقية واضحة لـ«اليوم التالي» لحرب غزة في جعبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

لكن في النهاية، من يملك خطة حقاً؟ الجواب: إيران.

يلام نتنياهو، عن حق، أن العمليات العسكرية الجارية لا تسير نحو هدف محدد يمكن عند تحقيقه إعلان «الانتصار»؛ ما يجعل الحرب مذبحة مفتوحة تتوسل إنزال أعلى درجات الألم والتدمير بالفلسطينيين. ولا يمتلك نتنياهو تصوراً واضحاً لغزة ما بعد الحرب، لا بشأن الخطوات الإنسانية المطلوبة، ولا بشأن مسائل الإدارة والحكم في القطاع. كما أن السياسات الاستيطانية الإسرائيلية التي تنفذها حكومته في الضفة الغربية، تؤكد أن الرجل يقود تحالفاً معادياً لمبدأ الدولة الفلسطينية نفسها، ولصلب المشروع الوطني الفلسطيني.

أبرز ما يوضح ذلك هو خطته المؤلفة من 3 مراحل للوصول إلى الحكم الذاتي في غزة عام 2035، بعد إعادة إعمارها ودمجها في الاقتصاد الإقليمي. طرح لا يمكن اعتباره أكثر من لعبة علاقات عامة، تفتقر إلى أي مضمون سياسي حقيقي بشأن الحقوق المشروعة للفلسطينيين بالدولة والسيادة وتقرير المصير.

كل هذا صحيح. لكن مثل نتنياهو أيضاً لا يمتلك منتقدوه داخل المؤسستين العسكرية والسياسية في إسرائيل أفكاراً جادة بشأن «اليوم التالي». فعضو المجلس الحربي الوزير بيني غانتس فشل في جعل استقالته نقطة تحول حقيقية في مسار الحرب، وقيادة الرأي العام برؤية واضحة لمعالجة التحديات طويلة الأمد. ذاب الرجل كأنه لم يكن. أما المعارضة السياسية وزعيمها يائير لبيد فلم تقدم حتى الآن إلا انتقادات مشروعة وتصويباً دقيقاً وممنهجاً على نتنياهو من دون توفير أي بدائل موضوعية.

الافتقار الأبرز لخطة «اليوم التالي» من نصيب سياسة الرئيس الأميركي جو بايدن الضعيفة والمتذبذبة والمنفصلة تماماً عن الحقائق على الأرض. يتأرجح بايدن بين دعمه التاريخي لإسرائيل، وبين تفاقم حدة الخلاف بينه وبين نتنياهو. تضغط عليه الساعة الانتخابية الرئاسية لإنهاء حرب غزة، فينسى أو يتناسى أنه يتعامل مع أطول حرب في تاريخ إسرائيل في المنطقة. يؤرقه صوت الناخب العربي الغاضب الذي يحمّله مسؤولية عدم وقف إطلاق النار. يزيد من قلقه تنامي التناقض بينه وبين القواعد الليبرالية الشابة في الحزب الديمقراطي. لكنه يصطدم بأن هذه آخر هموم نتنياهو ويحيى السنوار اللذين ولأسباب مختلفة يستثمران في إطالة أمد الحرب لا تقصيره.

الفشل السريع الذي لحق بخطة البيت الأبيض لحل النزاع، أظهر أن أميركا في عهد بايدن أعجز حتى عن فرض هدنة. الأخطر أنه فضح سذاجة المقاربة الأميركية للتوازنات الاستراتيجية وسطحية فهمها لأسباب وديناميات الصراع القائم.

فإذا كان الاستمرار في العمليات العسكرية في غزة يفتقر إلى أهداف سياسية واضحة، فإن الإصرار على وقف إطلاق النار، من دون أفق سياسي وقدرة وإرادة لتغيير المعادلة في فلسطين وإسرائيل، سيهدي «حماس» نصراً ولو وهمياً، يؤسس فقط لدورات عنف مستقبلية.

الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة حاجة إنسانية ملحة، بيد أن تحقيقه، ينبغي ألا يؤدي إلى نتائج عكسية، تؤبّد سيطرة الميليشيات على المشروع الوطني الفلسطيني لحسابات لا تتصل بالفلسطينيين أنفسهم.

فـ«حماس» لم تدفع كل هذه الأثمان للتخلي عن مشروعها بعد وقف إطلاق النار وتتصالح فجأة مع باقي الفلسطينيين، أو تصير مكوناً من مكونات الاستقرار في المنطقة. على العكس، هي تناور استراتيجياً للحفاظ على نفوذها في غزة، ومده لاحقاً إلى الضفة الغربية، والمضي قدماً في تطوير قدراتها العسكرية وتعميق انخراطها في محور إيران.

السذاجة الأميركية التي تعتبر أن الطريق إلى حل الدولتين تمر عبر وقف ارتجالي لإطلاق النار، وترتيب حد ما من التفاهمات بين «حماس» وحكومة نتنياهو ينطوي على فهم سطحي وتجاهل مرعب للدور الإيراني في ديناميات الصراع وإصرار طهران على تدمير كل السبل الواقعية نحو تحقيق السلام والتكامل في الشرق الأوسط.

فدور إيران في اختطاف محاولات السلام، ليس سياسة تكتيكية تتعلق برعاية نفوذها فقط، بل مشروع آيديولوجي يمتلك تصوراً محدداً للشرق الأوسط وعلاقاته وتوازنات القوة فيه.

الجملة الأسهل في هذه الحرب أن نتنياهو لا يملك خطةً واضحة لـ«اليوم التالي» للحرب. ولكن هل لدى أي جهة خطة تتجاوز إيقاف الفظائع من دون جعل ذلك انتصاراً لـ«حماس»؟

من دون خطة شاملة لما بعد الحرب تعالج الحكم وإعادة الإعمار والأمن في غزة والضفة الغربية، بالتوازي مع خطة تعالج النفوذ الإيراني في الإقليم من المرجح أن تستمر دورات العنف وعدم الاستقرار، وأن يستمر معها تقويض جهود السلام على المدى الطويل.

الحقيقة الواضحة هي أن إيران وحدها من يمتلك خطة لـ«اليوم التالي»، وخطتها ترك المنطقة محاصرة في حالة دائمة من الصراع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطة «اليوم التالي» لحرب غزة خطة «اليوم التالي» لحرب غزة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon