توقيت القاهرة المحلي 09:40:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران هي روسيا... وواشنطن شنطة «تومي»!

  مصر اليوم -

إيران هي روسيا وواشنطن شنطة «تومي»

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

روسيا دولة شرق أوسطية. هي كذلك بالنسبة لدول الخليج، عبر شراكتها الاستراتيجية في اتفاق «أوبك بلس» الذي يحدد مستويات إنتاج النفط. وهي كذلك بالنسبة لإسرائيل عبر شراكتها الاستراتيجية في سوريا وغرفة التنسيق التي تغطي الغارات الإسرائيلية والقصف الصاروخي على أهداف داخل سوريا.
وهي كذلك بالنسبة لعموم العرب منذ أن قرر فلاديمير بوتين عام 2015 التدخل العسكري في النزاع السوري لحماية نظام بشار الأسد والإمساك بالجزء الأكبر من قرار دمشق. ليس صدفة أن نظام الأسد هو النظام العربي الوحيد الذي أيد الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
تزداد شرق أوسطية روسيا كلما تأكدت دول المنطقة من ثبات الانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط، ولو كان بتكاليف مهينة كالتي دفعتها واشنطن عشية انسحابها من أفغانستان.
ففي العواصم الجدية، لا خطوط هاتف مفتوحة بين الرئيس بوتين والعالم إلا في الرياض وأبوظبي وتل أبيب وبكين. أما خط الاتصال المفتوح بين الرئيس الروسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون فهو خط منطقي، يمثل فيه الأخير أوروبا كلها، التي تصر على أنها حتى الآن ليست في حالة حرب مع روسيا.
في العواصم الشرق أوسطية الثلاث اتصالات ببوتين متبوعة باتصالات بالرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي، ومحاولات للتسوية وبناء قنوات الحوار بعيداً عن منطق الاصطفاف الحاد حتى مع تحول الأزمة الأوكرانية إلى شبه أزمة وجودية بالنسبة للغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة. فما كان ممكناً احتماله من السيناريوهات الأولى، كتوغلات قليلة العمق أو خرمشات روسية حدودية، باتت وراءنا تماماً مع اتضاح حجم الطموحات التي يعبر عنها الرئيس بوتين. فمحاولة إسقاط عاصمة في أوروبا بقوة السلاح الروسي «لحظة تحول» كما وصفها المستشار الألماني أولاف شولتس.
مع ذلك، لم تغير التطورات في اندفاعة بوتين الأوكرانية الكثير من مواقف دول المنطقة، ما يعني أن شرق أوسطية روسيا لا تفسر تماماً المواقف الصادرة عن دول الخليج وإسرائيل في ملف الأزمة الأوكرانية.
ثمة إهمال ممنهج للمصالح يشعر به حلفاء واشنطن التقليديون، ما يخفف من رغبتهم في الاصطفاف دفاعاً عن مصالح الولايات المتحدة. لا حاجة لذكر الحوادث الأمنية والاعتداءات الاستراتيجية على مصالح هذه الدول، التي لم تلقَ من واشنطن إلا إدانات لفظية أو خطوات تجميلية. هنا تكمن الحرب الباردة الفعلية والجديدة، أي بين أميركا وحلفائها، الذين باتوا أكثر استعداداً وانفتاحاً على تنويع تحالفاتهم وعلاقاتهم التجارية والاقتصادية والتسلحية.
إذا أرادت واشنطن من دول الخليج وإسرائيل الوقوف الحاسم معها في أولوياتها ومصالحها، فعليها أن تقف معهم في أولوياتهم ومصالحهم. وعلى رأس المصالح المشتركة بين هذه الدول، المعالجة العاقلة للملف النووي الإيراني.
إيران بالنسبة لهذه الدول، هي روسيا المنطقة، بما تمثله روسيا بالنسبة لأوروبا وأميركا.
يشكو الغرب من أن موسكو تريد إعادة كتابة تاريخ أوروبا، وأنها تسكن ماضياً لا تريده أن يمضي، وأنها دولة لا تحترم أي التزام أممي حيال السيادة وعلاقات حسن الجوار. عداد الطعون الغربية بسلوكيات موسكو لا يتوقف. هي متهمة بالعدوان على الديمقراطية عبر محاولات التدخل السيبراني في الانتخابات للتأثير على النتائج. ومتهمة باستمالة ودعم الشعبويين الأوروبيين لتقسيم أوروبا من الداخل. ومتهمة بالسعي لإحياء الحرب الباردة وجدران العزل، وقضم دول الجوار وإعادة تأسيس الإمبراطورية الروسية، لا السوفياتية وحسب. ومتهمة بتربية ودعم الانفصاليين وتثوير الهويات الفرعية واللعب على حبال اللغة والإثنية والعرق وكل ما يعج به بطن التاريخ. بكل هذه المعاني التي يرى فيها الغرب روسيا، فإن إيران هي روسيا الشرق الأوسط.
للغرب روسياه. وللشرق الأوسط روسياه التي تقلقه. وما لم يكن الغرب شريكاً في عقلنة إيران وضبط سلوكها ورفع تكلفة عدوانها فلن يقف مع الغرب من هم قادرون اليوم على أن يكونوا جزءاً استراتيجياً من حل مشاكله.
هذه حقائق تولد من رحم الأزمة الأوكرانية التي تعيد تشكيل العالم ومن ضمنه الشرق الأوسط وعلاقاته.
السذاجة التي طغت على صناعة السياسة الخارجية الأميركية مدفوعة باستسهال إعلان نهاية التاريخ وممارسة التفوق الأخلاقي، والاعتقاد بأن دولة بوسعها أن تختار مشاكلها كما يختار رجل قمصانه وأن تهمل، جراء ذلك، كل قواعد التوازن والاستقرار، هي حزمة أوهام أعلنت أزمة أوكرانيا وفاتها.
لا تستطيع أميركا أن تختار مشاكلها. اختارت واشنطن بكين. لكن كان لروسيا رأي آخر فرضته على العالم. بالصواريخ والجيوش قال بوتين لأميركا وأوروبا: أنا مشكلتكما لا الصين. إلى ذلك، تنشط الصين وروسيا على مساحة الفراغ التي يخلفها الانسحاب الأميركي المتعجل من الشرق الأوسط، ما يعيد وضع الشرق الأوسط مرة أخرى على رأس أولويات القوى الدولية.
يشبه العقل السياسي الأميركي حقائب سفر «تومي» الشهيرة، التي ابتكرت عبقرية التجزئة، وتنظيم المحتويات. جيب للهواتف. محفظة الشواحن. غلاف للقمصان. علب للثياب الداخلية. أكياس مانعة للتسريب للعطورات والسوائل والكريمات. كل الأشياء محفوظة بعلب وأغلفة وأكياس لا يمس منه واحد الآخر ولا يتفاعل معه تأثُراً أو تأثيراً. وهكذا يقارب عقل واشنطن ملفات المنطقة.
من علامات التجزئة القاتلة في العقل الأميركي أن واشنطن تدرس فعلاً رفع «الحرس الثوري» الإيراني عن لوائح الإرهاب، كما رفعت الحوثي قبلاً. وفيما تدرس هذا القرار لا ترى ضرراً من الاتصال بالسعودية لدرس ضخ المزيد من النفط لتنزيل الأسعار، التي ارتفعت بعد أزمة أوكرانيا.
تسعى للاثنين معاً بلا ذرة تردد أو شك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران هي روسيا وواشنطن شنطة «تومي» إيران هي روسيا وواشنطن شنطة «تومي»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon