توقيت القاهرة المحلي 22:09:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان داخل الأنفاق

  مصر اليوم -

لبنان داخل الأنفاق

بقلم - نديم قطيش

لم يكن ينقص لبنان، بعد أنفاق التأزم السياسي والفشل في تشكيل الحكومة، ومؤشرات الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي المتنامية، إلا أنفاق «حزب الله». اعتدنا القول، في الاستعارات السياسية، وعند كل أزمة، إن لبنان دخل في النفق، ونقول عند الحلول التي تهبط علينا لماماً إن لبنان بدأ يخرج من النفق.
ها هو الوطن الصغير يدخل اليوم في الأنفاق جميعها معاً، وآخرها أنفاق «حزب الله» التي اختارت إسرائيل أن تعلن عنها الآن، رغم معرفة سابقة بها، وتجعل منها حملة علاقات عامة سياسية لا حدود لها.
وبالفعل كشف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه يعالون في حديث إلى إذاعة الجيش عن أن حكومة إسرائيل كذبت على الرأي العام حول الأنفاق، ولطالما واجهت بالنكران مخاوف سكان المستوطنات المحاذية للحدود مع لبنان، من أصوات حفر كانت تتناهى إلى مسامعهم. أما الكذب على الرأي العام فمردّه، بحسب الوزير السابق، إلى أن إسرائيل أرادت أن تضلل خصمها؛ «حزب الله»، وتتيح له التمادي في الإنشاء لإبقائه قيد الرقابة ومنعه من تغيير خططه وتحديث استراتيجياته بعيداً عن رقابتها.
الدعاية الإسرائيلية، والدراما التلفزيونية، التي رافقت خبر الكشف عن نفقين، واستمرار البحث عن أنفاق أخرى، قابلها في لبنان صمت مطبق من «حزب الله»، وهو يرى بأمّ عينيه تدمير جزء من الأصول العسكرية التي يراهن عليها في أي حرب مقبلة. وقابلها أيضاً ارتباك على مستوى الدولة اللبنانية، لا سيما بعد إقرار قوات «اليونيفيل»؛ المعنية بإنفاذ القرار الأممي «1701»، بوجود الأنفاق وامتدادها من الأراضي اللبنانية باتجاه إسرائيل، وهو عمل هجومي يضع لبنان في موقف بالغ الضعف والهشاشة.
تريد إسرائيل من حملتها تحقيق أهداف عدة، كشف عنها بشكل متفرق أكثر من تصريح أو تعليق إسرائيلي خلال الأيام الماضية، ويمكن إيجازها في خمسة:
1 - هي تسعى بلا شك لتوظيف قضية الأنفاق بوصفها مبرراً لاستكمال بناء الجدار العازل الذي تقيمه على الحدود مع لبنان، لا سيما في النقاط المتنازع عليها والتي تشكل منافذ لـ«حزب الله» فوق الأرض أو تحتها.
2- إظهار تداعي القرار «1701» وتبيان عدم صلاحيته آليةً لإدارة النزاع مع «حزب الله» وإيران، بل اتهامه ضمناً بأنه بات غطاء لـ«حزب الله» لتحديث بنيته العسكرية وتطويرها، تمهيداً لأي حرب مقبلة.
3- إعادة ترتيب الأولويات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بشكل يؤكد صدارة الملف الإيراني و«حزب الله» والجبهة الشمالية، في مقابل خيارات أخرى تعطي الأولوية للجبهة الجنوبية؛ أي غزة. في هذه النقطة كان خروج وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان مفيداً لإعادة الترتيب هذه، لا سيما أن نتنياهو كان مصرّاً على إطفاء مناوشات غزة الأخيرة ولو بثمن سياسي كبير جداً عليه.
4 - بناء قضية رأي عام إسرائيلي ودولي تحسباً من نتائج تقدير إسرائيلي يفيد بأن إيران تتهيأ لنقل معركتها مع إسرائيل من سوريا إلى لبنان نتيجة الضغوط الروسية عليها في سوريا. فحسب الحاجة الروسية؛ فإن استقراراً ما في سوريا شرطه، بعد تجميد الاقتتال الداخلي، تجميد المواجهات الإسرائيلية - الإيرانية المباشرة وغير المباشرة في سوريا، ما يعيد إلى الواجهة بالنسبة لإيران أولوية تنشيط جهوزية جبهة جنوب لبنان.
5 - ربطاً بالنقطة الأخيرة، تبدو المناورة الإسرائيلية أيضاً جزءاً من حوار ساخن مع موسكو، حول حرية الحركة الإسرائيلية في سوريا، التي توقفت منذ سبتمبر (أيلول) الماضي بعد حادثة سقوط طائرة روسية في سماء سوريا، وما عادت إلا في الأيام العشرة الأخيرة. فإذا كانت موسكو معنية باستقرار لبنان، كما عبرت صراحة، وهي أحد أكبر المستثمرين في مستقبل سوق الطاقة اللبناني، فعليها عندها أن تتراجع عن قيودها على حركة إسرائيل في سماء سوريا... هدوء لبنان مقابل حرية حركة في سوريا، أو العكس.
بهذه المعاني الخمسة تبدو العراضة الإسرائيلية على الحدود بداية لشيء ما وليست نهاية له. وهي تندرج في سياق أعرض له صلة بالمواجهة الأوسع مع إيران، التي تقودها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وتواكبه حكومة نتنياهو وحكومات عربية بحماسة كبيرة. إذ ذاك ليس مستبعداً أن تقوم إيران المحاصرة بعقوبات شديدة القسوة بتحريك أدوات التأثير التي بحوزتها؛ وعلى رأسها «حزب الله»، في رد مؤذٍ على الأذية اللاحقة بها، دعك من أن خلق ما يكفي من الاضطراب في المنطقة بعيداً عن حدود إيران كفيل برفع سعر النفط؛ وبالتالي ضرب استراتيجية العقوبات القائمة على ميزان هش وهو: تصفير الصادرات النفطية الإيرانية مع الحفاظ على سعر نفط متدنٍ.
بكثير من وجوهه يشبه عام 2018 عام 1981... كان اجتياح إسرائيل للبنان عام 1978 قد فشل في الإجهاز على منظمة التحرير الفلسطينية. وما لبثت أن اندلعت حرب صغيرة عام 1981 انتهت باتفاق وقف إطلاق نار في يوليو (تموز) من العام نفسه، وتعرض بسببه رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن لحملة سياسية شعواء، لأن الاتفاق كان بمثابة أول اعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية. ثم كان القرار باجتياح 1982، الذي أنهى عصر منظمة التحرير في لبنان، لكنه قدم على المسرح شخصية جديدة هي «حزب الله» الذي نعرفه اليوم.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان داخل الأنفاق لبنان داخل الأنفاق



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon